ما هي الأبعاد التي يحملها تقرير لجنة الخارجية والأمن في ’إسرائيل’ حول الخلل الخطير في جاهزية جيش العدو؟
بعد أن كشف التقرير الأخير للجنة الخارجية والأمن في “إسرائيل” عن وجود خلل خطير في جاهزية “الجيش الاسرائيلي” للحرب المقبلة، يبدو أن هناك ازمة ليست بسيطة بين السلطة السياسية والجيش، وحيث حمّل التقرير في ما هو معلن منه حكومةَ نتنياهو المسؤولية عن هذا الخلل، فهل يحمّل الجيش المسؤولية فيما هو سري منه؟
بعد حكومة نتنياهو، هل يحمل التقرير في نسخته السرية المسؤولية عن الخلل للجيش الاسرائيلي؟
من الطبيعي أن يتقيد مسؤولو لجنة الخارجية والأمن في كيان العدو بالمحافظة على سرية خصوصيات الجيش وطريقة عمله بالتفصيل، وخاصة لناحية الثغرات التي اكتشفوها في دراستهم عن قدراته أو جاهزيته للحرب المقبلة، فالأمن القومي والعسكري لدى العدو هو من الأولويات الأساسية التي لا يمكن التفريط بها، وعليه، فمن المنطقي ان يصدر اي تقرير يتناول الجيش وقدراته ضمن شقين، الاول علني اعلامي يأخذ طابعًا سياسيًّا او إداريًّا تنظيميًّا، والثاني سري عسكري ياخذ طابعًا تقنيًّا وفنيًّا، وهذا ما ظهر به التقرير المذكور.
في العنوان العريض تحت ما هو معلن، تطرق التقرير الى مفاهيم ومبادئ العقيدة الأمنية وبناء القوة العسكرية لدى الجيش، وكشف صراحة ان هناك خللا في جاهزية الجيش في الحرب المقبلة، مصوبا على غياب المستوى السياسي ومعرفته بقدرات الجيش بشكل عام، الامر الذي يخلق تباعدا بين اهداف السلطة السياسية في قرارها عند شن الحرب، وبين ما هو ممكن ان يحققه الجيش وبالفترة المحددة له من قبل تلك السلطة السياسية، ومن الطبيعي ان يكون قد تضمن التقرير لائحة اتهام ضد الحكومة والمجلس المصّغر ومجلس الامن القومي في هذا المجال، مستندا الى مثل حساس في تاريخ الحرب الاسرائيلية وهو اخفاقات الحرب على غزة في يوليو 2014 والتي امتدت لخمسين يوما بعد ان كان المطلوب سياسيا ان لا تتجاوز بضعة أيام، وباهداف واضحة؛ منها هدم الأنفاق ووقف إطلاق الصواريخ والقضاء على حركة حماس ونزع سلاحها، وجاءت النتيجة ان اسرائيل هُزمت في هذه المعركة، وحماس عززت وجودها وأثبتت قدرتها العسكرية، وعلى مثل آخر سيبقى صادما في التاريخ الاسرائيلي حول حربها على لبنان في تموز عام 2006، والتي انتهت بهزيمة نكراء لها من دون تحقيق اي من اهداف السلطة السياسية، في تدمير بنية حزب الله العسكرية، ووقف قدرته على استهداف الداخل الاسرائيلي بالصواريخ وايضا في استعادة الجنديين الاسيرين والذي كان السبب الظاهر لشنهم تلك الحرب.
في العنوان المحدد تحت ما هو سري، جاءت الخطوط العامة والتي ابتعدت طبعا عن التفاصيل، في تضمين التقرير اتهاما للحكومة بانها غائبة عن مواءمة متطلبات الجيش مع التغيير في قدرات وإمكانيات خصومه وموقعهم العسكري وخاصة حزب الله طبعا، وحيث استعمل معدو التقرير عبارة: “ان الجيش الاسرائيلي يلعب الشطرنج مع نفسه”، حيث يحدد بنفسه الحاجات الامنية والتهديدات وكيفية الاستعداد لها، فان الحكومة لا تتدخل وتُخرج نفسها من تداعيات اي فشل منتظر في الحرب او المواجهة المقبلة، الامر الذي اعتبره التقرير ثغرة مهمة في استراتيجية الدولة.
حمل التقرير الحكومة الاسرائيلية وجود ثغرات خطيرة في جاهزية الجيش الاسرائيلي لأي حرب مقبلة
من جهة اخرى، وبالعودة الى لب التقرير، الذي اعتبر ان الجيش الاسرائيلي يفتقد القدرة على الحسم في حال اندلاع حرب، فمن الطبيعي ان لجنة الخارجية والامن قد توصلت الى هذه الخلاصة استنادا إلى مسار محدد اتبعه الجيش الاسرائيلي مؤخرا ويتضمن ما يلي:
– زيادة عدد المناورات التي نفذتها وحدات الجيش الاسرائيلي والتي تضمنت للمرة الاولى فرضيات قتال عن مواجهة دفاعية يقومون بها داخل الاراضي المحتلة بين الحدود مع لبنان والمستوطنات، وحيث ركزت هذه المناورات على تمارين مواجهة اختراق واسع لقوات النخبة في حزب الله للداخل المحتل، من الطبيعي ان اللجنة معدة التقرير قد اعتبرت ان هذه المناورات تدل عن ثغرة اساسية تتعلق باعتراف الجيش بطريقة غير مباشرة باخفاقه المحتمل في منع عناصر حزب الله من اختراق الحدود الشمالية للاراضي المحتلة .
– زيادة وتوسيع مناورات اخلاء المستوطنات الشمالية القريبة من لبنان او حتى القريبة من قطاع غزة، الامر الذي ينم ّعن شكوك كبيرة بتعرض هذه المستوطنات لعمليات اختراق او لعمليات اطلاق صواريخ مركزة وعنيفة، بحيث يتوجب اخلاؤها تفاديا لسقوط اصابات تعجز الملاجئ عن تأمين الحماية لها، وطبعا بسبب فعالية الصواريخ المنتظر استهدافها بها، وايضا سوف تعتبر اللجنة معدة التقرير ان هذه الثغرة هي من ضمن الشعور بالعجز عن توفير حماية اكيدة لهذه المستوطنات استباقيا، وذلك اما من خلال قوات المدافعة عن الحدود، او من خلال القبة الحديدية ومنظومات الصواريخ الواسعة المضادة للصواريخ، والتي تكلف موازنة الدولة الاموال الباهظة.
– التشنج الواسع الذي تعبر عنه السلطتان السياسية والعسكرية في اسرائيل من تعاظم نفوذ حزب الله او ايران في سوريا، خبرة وانتشارا وقدرات صاروخية وعسكرية، غامضة او معروفة، وحيث تعتبر اللجنة معدة التقرير ذلك مؤشرا قويا على ضعف ثقة الجيش الاسرائيلي بنفسه في اية مواجهة محتملة او حرب مقبلة في المحيط ضد ايران وحزب الله، استنتجت ان هناك على ما يبدو ثغرات غير واضحة في قدرات الجيش يجب متابعتها والتنبه والاشارة لها في التقرير.
واخيرا… وبمعزل عن موضوعية ومهنية التقرير، على الاقل فيما هو معلن منه حول مسؤولية الحكومة في وجود ثغرات خطيرة في جاهزية الجيش الاسرائيلي لأي حرب مقبلة، فمن الطبيعي ان الاخير لن يقف مكتوف الايدي تجاه هذه الثغرات المفترضة، والتي هو اكثر من يعلم بصحتها او بعدم صحتها، حيث من الطبيعي انه حصل على ما هو سري من التقرير وما هو معني به بالدرجة الاولى، فانه لا يمكن بتقديرنا التسليم بوجود ثغرات خطرة في جاهزية جيش العدو للحرب المقبلة، لدرجة تمنعهم من شن حرب على لبنان او على حزب الله في المدى القريب، ودائما يجب التنبه والأخذ بعين الاعتبار الناحية السرية في الحرب النفسية التي دائما برع في استعملها العدو خلال حربنا المفتوحة معه.
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز