عيد ترميم الجبهة الداخلية
من المهم والجوهري في هذه المرحلة الخطيرة أن نقرأ الواقع بعيون التطلع إلى المستقبل ، فالماضي لن يعود سواء القريب منه أو المتوسط أو البعيد ، وسواء كان حلواً أو مراً ، حسناً أو سيئاً ، لن يعود .. ولا مناص أمامنا من صناعة مستقبلنا ومستقبل أجيال قادمة ستحملنا مسؤولية ما سوف يؤول إليه الواقع الذي نؤسس فيه لمستقبلهم .
ولابد أن نقولها بكل وضوح وصراحة للجميع ، لايكفي الكلام والتصريحات الناعمة والتعهدات المفخخة والمناورات السياسية المراوغة ، نريد أفعالاً تليها انجازات وتنتج عنها ثمار ملموسة تصبح في متناول الشعب الذي يضحي ويصبر ويصمد ويقدم كل غالٍ ولا يبخل أبدا سواء في تقوية جبهتنا الداخلية بالصمود والتماسك ، أو في دعم جبهات القتال بالرجال والمال والمؤن .
لا اعتقد أن هناك شريفا وحريصا ووطنيا بين أبناء اليمن يرتاح ويطرب للمناكفات والكيد والمهاترات وتفاقم التباينات والخلافات ، هذه الأشياء لا تسر إلا العدو ولا تسعد إلا من يرى مصلحته في خراب الوطن وتفكيك الجبهة الداخلية وهزيمة المشروع الوطني المناهض للاحتلال والوصاية والعدوان والحصار .
وفي المقابل من المهم والمفيد أن ندفع باتجاه كبح جماح من يعتقد انه يستطيع عبر أقنعة التضليل وإبر التخدير الكلامية أن يخادع الشعب ويمرر عليه مخططات ومؤامرات خطيرة تخدم العدو، ونضعه أمام امتحان ترجمة الأقوال إلى أفعال ، وهناك استحقاقات وأولويات عملية مطروحة على طاولة الامتحان إن كان ثمة نية حقيقية لتصحيح وضع الجبهة الداخلية بجدية وشفافية ، والأمر سهل وليس شاقا ، وبالإمكان أن تنجح الجهود لترميم الوضع وتجاوزه لو توفرت النوايا .
من المفيد أن يعطى حكماء اليمن ووجهاؤه ورجالاته الوازنون فرصة ليقولوا كلمتهم ويملأوا الفجوة التي صنعتها التقديرات الخاطئة لدى البعض للاستحقاقات ولإدارة الملفات السياسية والأمنية والإدارية من جهة ، وأيضا الطموحات والهواجس المشبوهة لدى البعض من جهة أخرى ، فتكونت وبشكل تلقائي فجوة عدم الثقة بين أطراف الجبهة الداخلية ، وردم هذه الفجوة مهمة الوجهاء والحكماء في هذا البلد ويجب أن يتعاون معهم الجميع لا أن يضعوا في طريقهم الشوك والفخاخ .
مساعي الحكماء يجب أن تكلل بالنجاح في تقريب الجميع إلى مسرح التنفيذ والتطبيق سواء للنقاط الـ 12 التي تبنتها مخرجات اجتماع الحكماء أيضا في 10 رمضان الماضي ، أو لتصحيح مسار العمل الحكومي والرقابي والقضائي وربط أضلاع مثلث التصحيح المؤسسي ( الحكومة – الرقابة – القضاء ) ليصبح كل طرف في حل وبراءة من تحمل مسؤولية إعاقة الأداء وحماية الفساد وتأخير الاستحقاقات وتأزيم أوضاع الناس أكثر وأكثر .
وهنا نجد أنفسنا مجددا مجبرين على أن نقول لا يكفي الكلام والتصريحات الناعمة والتعهدات المفخخة والمناورات السياسية ، نريد عملا وأفعالا لا أقوالا ، ومن يرى نفسه فوق المحاسبة والمساءلة وفوق الاستحقاقات وغير معني بالمضي في مشروع التصحيح العملي فقد وضع نفسه في موضع المشكلة التي سيصبح حلها على رأس الاستحقاقات وفي مقدمة الأولويات .
ومثلما جسد أبطال الجيش واللجان الشعبية شعار (أعيادنا جبهاتنا) قولا وعملا وترجموه انجازات وانتصارات أعطت للعيد مذاقه وبهجته ، فإن من المهم أن يتذكر الجميع أن هذا العيد هو عيد الجبهة الداخلية وتصحيح مسارها وترميمها وإعادتها إلى مسارها الصحيح ، ولنكن على ثقة أن النجاح الذي تحققه الجبهة العسكرية والأمنية في ظل العدوان والحصار ، ليس مستحيلا أن تحققه الجبهة الاقتصادية والحكومية بل إن وضع الأخيرة أفضل مقارنة بوضع الجبهة العسكرية والأمنية وإمكاناتهم أعلى وخياراتهم أكثر وميدانهم أوسع لو توفرت النوايا .
وسننتصر بإذن الله .
✍علي احمد جاحز
#أعيادنا_جبهاتنا