تعز العز

كوشنير والسلام؛ استعراض سياسي أم مصيبة جديدة؟!

 مبعوث السلام الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، يحط رحاله في فلسطين المحتلة حاملا معه نوايا الإدارة الأمريكية في استئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط، هذا من حيث الظاهر وما خفي أعظم، خاصة أن صهر الرئيس الأمريكي كوشنر هو أمل الصهاينة في البيت الأبيض كونه يهودي متدين واستلامه لهكذا منصب يعد سابقة في تاريخ الولايات المتحدة وهذا ما يحاول الكيان الاسرائيلي استغلاله قدر المستطاع.

وبما أن الاسرائيليين ليس لديهم أي نوايا حقيقية لتحقيق السلام مع الفلسطينيين وهذا واضح من خلال زيادة الاستيطان وصم الآذان تجاه كل المطالب الأممية بوقف هذا الاستيطان، والأهم من ذلك ان الإدارة الأمريكية تشاطر الصهاينة سياستهم القمعية تجاه أبناء فلسطين وترفض التطرّق لأمرين أساسيين تصر عليهما القيادة الفلسطينية؛ وهما حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وإدانة الاستيطان الإسرائيلي بصفته معيقًا لعملية السلام، إذا عن أي سلام وأية مباحثات يتحدثون؟!.

دلائل

هناك دلائل لاتعد ولاتحصى عن عدم نية الأمريكان والإسرائيليين في تحقيق سلام عادل أو حتى محاولة التقدم قيد أنملة تجاه الملف الفلسطيني – الاسرائيلي، فعلى سبيل المثال عبّرت الإدارة الأمريكية أكثر من مرة على لسان الرئيس دونالد الترامب، و وزير خارجيتها، وكوشنر بأنه ليس هناك من آفاقٍ لحل هذا الملف هذا من ناحية، من ناحية أخرى هناك التزام استراتيجي بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية وهذا ما اكد عليه كوشنر عقب لقائه مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، ومن هنا نجد أن آفاق الحل مسدودة حيال هذا الموضوع.

أما على الصعيد الفلسطيني كانت واضحا للجميع مدى خيبة الأمل والتشاؤم  لدى القيادة الفلسطينية حتى قبل مجيء الوفد الذي ضم كلا من مستشار وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر والمكلف بدور مبعوث السلام إلى الشرق الأوسط المنطقة، مصطحبا معه مبعوث الرئيس الخاص للمفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، ونائبة مستشار الأمن القومي، دينا باول، وتشمل الجولة  فلسطين والكيان الاسرائيلي والأردن ومصر والسعودية والإمارات وقطر، بهدف محاولة استئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط.

وترى القيادة الفلسطينية أن كوشنر لم يأتي بجديد وأنّ الرئاسة الأمريكية لم تتحدث عن حل الدولتين، إذ تجاهلت هذا الحل في تصريحاتها، وما يقلق الفلسطينيين أن كوشنير يحمل إملاءات وضغوطًا على القيادة الفلسطينية من أجل اعتبار الأسرى والشهداء إرهابيين؛ ومحاولات لتصفية القضية الفلسطينية سياسياً، والسعي للعودة إلى المفاوضات برعاية الولايات المتحدة التي جربت على مدى سنوات طويلة ولم تؤدِ إلا إلى المزيد من الاستيطان ونهب الأراضي.

الشعب الفلسطيني

يرى أبناء فلسطين أن لاجدوى من هذه الزيارة وأنها تصب في صالح الكيان الاسرائيلي كون الولايات المتحدة تدافع عن ربيبتها “اسرائيل” وعن جرائمها بحق الفلسطينيين ولا تدخر جهدا في إخفاء والتستر عن أي جريمة أو اعتداء على الفلسطينيين، ولهذه الأسباب وغيرها تظاهر العشرات من الفلسطينيين، ظهر يوم الخميس الماضي، وسط مدينة رام الله، ضد الضغوط والإملاءات الأمريكية للعودة إلى المفاوضات برعاية الولايات المتحدة، قبيل اللقاء الذي جمع بين الوفد الأميركي لعمليّة السلام والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وهذه التظاهرة ليست سوى دليل قطعي وواضح على أن الشعب الفلسطيني سيواصل كفاحه المشروع لنيل حقوقه، نظرا لأن الولايات المتحدة الأميركية فقدت دورها كوسيط وراعٍ نزيه لتحقيق عملية سلام يمكن أن تؤدي إلى تسوية؛ فهي تتبنى الرؤية الإسرائيلية القائمة على تكريس الاستيطان وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.

تخبط الإدارة الأمريكية

هناك محاولات واضحة من قبل ترامب إلى عزل جميع المسؤولين الذين يعتبرهم خارج دائرة ” الثقة والولاء” كما فعل منذ عدة أيام مع مستشاره الاستراتيجي ستيف بانون، كما انه يقوم بتقليص مهام بعض الوزارات ويقيد صلاحيات بعض الوزراء كوزير الخارجية ريكس تيلرسون وهذا ما ظهر عندما رفض طلبه بتعيين أفرادٍ في وزارة الخارجية، إما لأنهم ديمقراطيون أو لانتقادهم سياسة ترامب في أثناء حملته الإنتخابية، وقد وصل تحجيم مطالب تيلرسون إلى الطلب عبر البيت الأبيض تقليل ميزانية وزارة الخارجية، هذه التصرفات وغيرها أدت إلى حدوث خلل داخل أروقة البيت الابيض وقراراته التي أصبحت مثيرة لسخرية الكثير من الأمريكيين وغير الأمريكيين واعتبارها طائشة ولا تتناسب مع دولة بحجم الولايات المتحدة.

في الختام نجد أن جميع الآراء تظهر بشكل واضح حجم اليأس الذي يلف أبناء فلسطين وقياداتهم السياسية عشية الزيارة الـ19 التي يُجريها مسؤولون أمريكيون للأراضي الفلسطينية المحتلة، ونستشف بأن الكيان الصهيوني سيستغل تخبط الإدارة الأمريكية الحالية ووجود كوشنير بهذا المنصب المهم لتمرير قرارات تتناسب مع الفكر الصهيوني الذي يكمل عملياته الاستيطانية دون أي رادع دولي أو عالمي حتى أن الأمريكيين يباركون هذا الامر كما فعل السفير الأميركي في “إسرائيل”، دافيد فريدمان ، والذي استقبل بـ”فخر”، قبل عدة أيام، ابنته “المهاجرة” إلى كيان الاحتلال كمستوطنة تسعى للاستيلاء على أراضٍ فلسطينية والعيش فيها، أما أبناء فلسطين فليس أمامهم سوى الدفاع عن حقوقهم واسترجاع أراضيهم المسلوبة منهم ومواصلة كفاحهم المشروع لنيل حقوقهم.

الوقت