القطيف تشهد حربًا سعودية يتجاهلها العالم ( ترجمة)
بدأت آثار الحصار الذي تفرضه السعودية على بلدة العوامية في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية في الظهور، حيث تحاصر المملكة البلدة منذ ثلاثة أشهر، وقد نشرت صور توضح الدمار الذي تعرضت له البلدة ليتبين أنها تمر بظروف مشابهة للحرب الأهلية، ولكن الأهم من ذلك أن هذه البلدة الصغيرة تقدم لمحة صغيرة عن التهديدات التي تواجه السلطات السعودية.
تعد محافظة القطيف في المنطقة الشرقية بالسعودية من أكثر مناطق المملكة الرافضة لحكم عائلة آل سعود، كما تكمن أهمية المنطقة الشرقية في ثلاثة أسباب، حيث يوجد بها الأقلية الشيعية والذين يشكلون نحو 15% من السكان، وثانيًا بها الجزء الأكبر من صناعة البترول والبتروكيماويات في السعودية، وثالثًا هذه المنطقة هي نقطة اتصال السعودية بباقي دول الخليج، فهي منطقة حدودية.
ما يحدث في القطيف خاصة والمنطقة الشرقية عامة قد يكون له أثر واسع على العملية السياسية في أنحاء البلاد، وما لا يعرفه العالم أن السعودية ليست دولة متماسكة ومتجانسة كما يدعي حكامها، كما أن الصراع المتصاعد في القطيف يهدد بتقويض السياسة الخارجية العدوانية السعودية، والموجودة في حرب اليمن ومحاولات الرياض لنبذ قطر.
ما تفعله السعودية هو توجيه أصابع الاتهام لإيران بأنها السبب الرئيسي في اضطرابات منطقة العوامية، أما بالنسبة للمحللين، فإن الصراع يكمن في كونه انتفاضة ضد الدولة السعودية.
يعود تاريخ الاضطرابات في القطيف إلى عقود ماضية، ولكن النوبة الأخيرة من عدم الاستقرار تعود إلى عام 2011، حين استلهم سكان المنطقة الشرقية انتفاضتهم من أحداث الربيع العربي، ومنذ ذلك الحين تلقي السعودية باللوم عل إيران، رغم عدم وجود أي دليل يثبت هذه الادعاءات.
وعلى مدى عقود اتبعت السعودية نظام حرمان أبناء المنطقة الشرقية من القيادة الفعالة، في مقابل التعامل مع المظالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد وقعت المملكة اتفاقًا تاريخيًّا مع الشيخ حسن الصفار، بشأن ذلك.
زرع هذا الاتفاق بذور الصراع طويل الأمد؛ لأنه يستند إلى سوء الفهم المتعمد والوعود التي لم تنفذها السلطات السعودية.
ما يحدث الآن نتيجة عجز القيادة الذي يتفاقم باستمرار بسبب الأعمال الاستفزازية للسعودية، وكان آخرها إعدام السلطات السعودية للشيخ نمر باقر النمر، في يناير 2016، والهدف من ذلك هو التخلص من القيادات الفعالة في المجتمع.
أما فيما يتعلق بإيران، فتحاول السعودية دائمًا اتهام نشطاء القطيف بالتجسس لصالح طهران، ولكن الحقيقة أنه من الصعب جدًّا تقييم مدى تورط إيران في هذه الاضطرابات المحلية.
تدفع أحداث القطيف لإثارة الشكوك في السياسة الخارجية العدوانية للسعودية، فمنذ مارس 2015 والقيادة السعودية الجديدة وتتبنى مواقف هجومية ضد الخصوم والمنافسين الإقليميين، كما أنها مؤخرًا تستخدم لهجة حربية صريحة ضد إيران، لتصل إلى قطر أيضًا.
قد تكون السعودية قادرة على احتواء الاضطرابات في القطيف، ولكنها غير قادرة على حل المشكلة؛ لأنها لا تعالج القضية على المستوى السياسي.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، ما يزال هناك عدة دلائل على فشل السعودية، حيث خسارة الحرب في اليمن بعد أكثر من عامين على التدخل العسكري.
تطمح السعودية إلى السيطرة على المنطقة، ولكن هذا الطموح ليس مدعومًا باستراتيجية شاملة أو أسس داخلية قوية، والقطيف خير مثال على ذلك، ومع اتباع سياسات داخلية وخارجية عدائية، على آل سعود توقع مزيد من عدم الاستقرار على مستوى أعلى.