الخطر الذي يهدد تعز
محمد طاهر أنعم
في فترة قتال الفصائل الافغانية للجيش السوفيتي في افغانستان في الثمانينات برزت مشكلة كبيرة. تلك المشكلة صارت تتفاقم يوما بعد يوم في افغانستان ثم صارت السبب في دمار البلاد لاحقا. الا وهي تعدد الفصائل التي تحمل السلاح, وتزايدها شهرا بعد شهر, وتعدد تمويلها, وسيطرة كل منها على منطقة دون غيرها. ولما استطاعت تلك الفصائل دخول كابل -العاصمة الافغانية- سنة 1990م, بدأ قتال عنيف ومدمر بين فصائل المجاهدين الافغان. واستمر القتال بينهم لسنوات طويلة دمر افغانستان, ولم تنفع كل محاولات الصلح بينهم ومحاولة جمعهم في حكومة واحدة. لقد افسدت الحرب واقتصادها ومالها وسلاحها كل تلك الفصائل التي صار القتال والدمار والدماء جزءا من ثقافتها التي لا تستطيع التخلي عنه, سابقا ضد الحكومة الموالية لروسيا ولاحقا ضد فصائل المجاهدين نفسها( حكمتيار, رباني, سياف, جميل الرحمن, احمد شاه مسعود, حقاني … الخ) وحتى اليوم لم تشهد افغانستان عافية من ذلك التنازع والتنافس على المال والسلطة. وحسب متابعتي فان عدن والجنوب ينحو اليوم في ذلك الطريق, بسبب تعدد الفصائل واختلاف مشاريعها ومشاريع داعميها وتوجهاتهم. فهناك من يريد انفصال الجنوب بتطرف, وهناك من يريد الوحدة وهادي بتشدد, وهناك من يريد دولة اسلامية جهادية, وهناك من يريد غيرها حسب مصلحته, وكل فصيل معه سلاح ثقيل ومتوسط وجهات اقليمية ومحلية تدعمه! كما اننا صرنا نخشى على تعز بشكل حقيقي وقوي من الانحدار في هذا الطريق, بسبب التوجهات الفصائلية المتشددة, وتدخل دول اجنبية في دعم فصائل والتهجم على اخرى, وكأنه سيناريو اقتتال داخلي مستقبلي جديد. جماعات في المقاومة بتعز ترفع صوتها دائما بتخوين هادي وان مرحلة ما بعد السيطرة على تعز يجب فيها تغييره. والمجلس العسكري لديه مشكلة منذ بداية احداث تعز مع مجلس التنسيق حول القيادة واسلوب التجنيد والانتشار. وجماعة ابو العباس السلفية دخلت في مواجهة مسلحة مع مقاتلي جماعة التنسيق للسيطرة على قسم 26 بالمركزي بعد السيطرة على اقسام باب الكبير وباب موسى, ومازال العداء موجودا ويتطور. والقاعدة وداعش يستغلان كل هذه الفوضى في تخزين السلاح وتجنيد الشباب العاطل عن العمل كمقاتلين لتصفية كل الفصائل الاخرى في مرحلة لاحقة, مثل عدن. وبعض فصائل مجلس التنسيق تتهم قيادة الناصريين متمثلة في عبدالله نعمان واحد القادة العسكريين المقربين منه بسرقة الدعم المالي والمساعدات والسلاح او اخفاؤه وعدم اعطائهم شيئا, وكذلك رفع تقارير للاماراتيين لتشويه سمعة وجهود الاصلاحيين. بينما يتهم بعض الناصريين خصومهم في مجلس التنسيق بمحاولة الاسئثار بمنصب المحافظ بترشيح الشيخ حمود سعيد بشكل علني رغم نية الرئيس هادي السابقة تعيين عبدالله نعمان محافظا لتعز. وحتى السلفيين في تعز بدؤوا في الانقسام والتفكك, فجماعة حماة العقيدة تفككت بين الجبهة الشرقية واصحاب ابو الصدوق. ثم تفكفكت الجبهة الشرقية لاحقا بين ابو العباس واصحابه وعمار واصحابه, فيتحالف الاول مع المجلس العسكري, والثاني مع مجلس التنسيق!!! اضافة لظهور فصائل جديدة وغريبة بشكل دائم, مثل كتائب الموت, وكتيبة الفاروق, وكتائب السنة, ولواء الصعاليك …. الخ. هذا الذي يحصل في تعز خطر كبير يهدد ابناء تعز مستقبلا, وتغذيه جهات خارجية. اخشى ما اخشاه وبدأت اتوقعه هو ان دولا خليجية تريد نقل صراعات الجماعات الدينية من عدن الى تعز, وارسال المتشددين من هناك الى عندنا لتصفية حساباتهم التي لا تنتهي, حتى يهدأ الجنوب لسياساتهم الانفصالية ويعلنوا خلوه من الجماعات المتشددة التي تم ارسالها لتعز. لا بد من ضغط عقلاء الناس على قادتهم وفصائلهم للصلح والجلوس للتفاهم والتنازلات المشتركة, فالفصائل ان كانت اليوم في تعز تسعة فصائل (٤ رئيسية و5 مازالت صغيرة), فستصير بعد ثلاثة اشهر 15, وبعد ستة اشهر 25, وكلما طال وقت الحرب والفوضى كلما صعب الخروج من هذه الكارثة. وفي محافظة مثل تعز فيها مئات الاف الشباب العاطل لا يوجد شيء اسهل من تجنيد الالاف منهم للميليشيات المختلفة مقابل مصروف يومي في حدود الفي ريال مثلما يحصل اليوم.