سر صمود اليمن
في بداية الحرب على اليمن، والتي ظهرت من خلال “عاصفة حزم” تبرعت المملكة العربية السعودية بشنِّها، تحت شعار مساندة الشرعية، ولجم المتمردين، وإعادة التماسك إلى مؤسسات الدولة. لم يكن أحد من المتابعين أو المراقبين ينتظر أن تطول هذه “العاصفة” حتى الساعة، وبدت الأمور وكأنها موضوع بضعة أسابيع كحدٍّ أقصى وينتهي كل شيء حسب المسار المخطط له من التحالف، كيف لا! وتشترك في هذه الحرب دول إقليمية وغربية قادرة ومتمكنة، ليتبين لها لاحقا أنها دخلت مستنقعًا تحاول جاهدة الخروج منه دون جدوى.
في الحقيقة، لم يشهد العصر الحديث حربا غريبة في تداخل أطرافها ومعطياتها العسكرية مثلما يجري اليوم في الحرب التي تُشن على اليمن، هذا البلد المتواضع في قدراته وإمكانياته، والذي يواجه تحالفا عربيا – دوليا، تشترك فيه عشرات الدول صاحبة النفوذ والمال والقدرات العسكرية والاقتصادية والديبلوماسية، يصمد بأبنائه وبأطفاله وبجيشه وبلجانه الشعبية في هذه المواجهة بطريقة غير مألوفة ومثيرة للدهشة، مظهرين امتلاكهم لقدرات غير طبيعية، لا بد وأن تسيّرها وترعاها قدرات أشبه بقدرات إلهية ظهرت من خلال ما يلي:
مواجهة الحصار والدمار
– صمد أبناء اليمن متجاوزين الدمار والقصف والقتل، متغلبين على فقدان الحد الأدنى من مقومات العيش والاستمرار، وعلى النقص الفاضح في أغلب المواد اللوجستية الضرورية، وحيث تضاعفت حاجتهم إلى الأدوية والمواد الطبية عشرات المرات بسبب الاستهداف الممنهج بأحدث آلات القتل الذي طال بيوتهم ومؤسساتهم وبنية بلدهم التحتية، وبسبب وقوع أعداد كبيرة من القتلى والمصابين، صمدوا مجتمعًا وهيئاتٍ ولجانًا شعبية ولم يستسلموا.
التماسك والصمود كان العنصر الأساس في انتصار مقاتليهم في أغلب معارك المواجهة
– بقي خطابهم ثابتًا وعنفوانهم صارخًا وكرامتهم شامخة، داعمين أبناءهم في الجيش واللجان الشعبية، يشدّون من عزيمتهم، يؤازرونهم ويسابقونهم إلى جبهات المواجهة دون كلل أو يأس أو هوان، وشكّلوا في هذا التماسك والصمود مناعة في جبهتهم الداخلية والشعبية، كانت العنصر الأساس في انتصار مقاتليهم في أغلب معارك المواجهة ضد وحدات التحالف ومرتزقته وعملائه.
على جبهات المواجهة
– في المواقع والمديريات الداخلية، قاتل الجيش اليمني واللجان الشعبية بطريقة أثارت دهشة جميع المراقبين والمتابعين، فكانوا يناورون بأسلحتهم وبتجهيزاتهم العسكرية المتواضعة بمواجهة جيوش متطورة مجهزة بأحدث التقنيات والاسلحة الفتاكة، وظهروا (الجيش واللجان الشعبية) وكأنهم وحدات خاصة، خضعت لأكثر دورات التدريب حرفية وتخصصًا، وخاضت أشرس المعارك واكتسبت منها خبرة في القتال والتكتيك العسكري وفن المواجهات المتقاربة والمباشرة، فصمدوا وانتصروا في أغلب جبهات المواجهة في الداخل شرقًا وشمالًا وعلى الساحل جنوبًا وغربًا، مستفيدين من طبيعة صعبة تآلفوا معها بنجاح.
– خارج الحدود (شمال وشمال غرب)، عبروا الجبال والهضاب الصعبة المرتفعة، اخترقوا أغلب المواقع الحدودية مع المملكة العربية السعودية، في محافظات نجران وجازان وعسير، سيطروا على مواقع وبلدات ومدن داخلها، دمروا أحدث الأسلحة والاليات والدبابات المتطورة، وفرضوا سيطرة ميدانية على كامل تلك المواقع الحدودية وكأن حاميتها أشباه رجال دون أسلحة أو تجهيزات.
– كقيادة، أثبتت قدرات عالية في إدارة المفاوضات حيث كانت تحصل في مناسبات نادرة، أو في إدارة المعركة خلال أغلب فترات المواجهة لناحية العمليات والمناورة والتنسيق، فبدت متفوقة على مثيلاتها من قيادات الجيوش المتطورة التابعة لدول التحالف والمعروفة عالميًا بإمكانياتها وتقنياتها، فتجاوزت هذه القيادة وبامتياز لافت، صعوبات التسليح والتموين والتواصل في جغرافيا صعبة، متخطية الحرب الإلكترونية والسيطرة الجوية الكاسحة للدول المعتدية، فارضة سيطرة متماسكة على كامل جبهات المواجهة في الداخل وخارج الحدود شمالا.
لناحية تطوير القدرات الصاروخية
– أثبت الجيش اليمني أنه يمتلك خبرات وقدرات فنية وتقنية وعملانية عالية، لناحية تطوير القدرات الصاروخية أو لناحية إدخال منظومات مختلفة منها في الميدان بفترة قصيرة وتحت ضغط الحصار والمراقبة والرصد الجوي الخانق، وقد واكبت القدرات الصاروخية معاركه في الداخل وخارج الحدود حسب الأهداف المتنوعة، في تحديد المدى والقدرة التفجيرية المطلوبة، في وضع جهازية التسديد والتوجيه المناسبة، في اختيار أمكنة التخزين والتخفي والإطلاق المحمية، وأخيرًا والأهم، في تجاوز منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ كالـ”باتريوت” وغيرها من المنظومات المتطورة.
– برع الجيش اليمني واللجان الشعبية في إدارة المعركة الصاروخية بحرفية عالية في الاستعلام وتحديد الأهداف الاستراتيجية، في اختيار المكان المناسب، وتحديد التوقيت المناسب الذي يخدم معركته بأقسى درجات الفعالية، وخلق من هذا السلاح ومن هذه القدرات الصاروخية الباليستية نقطة رابحة، فرضت سيطرته وتحكّمه بالمعركة، وبطريقة أو بأخرى، خلق منها فرصة أمنت انتصاره في الحرب التي شنت ضده.
إنها قدرة إلهية لا بد أنها ترعى معركتهم في اليمن
إنها نقاط القوة في معركة أبناء اليمن لمواجهة الحرب الظالمة التي شنت ضدهم، إنها سر صمودهم الأسطوري في مواجهة تحالف واسع من الدول القادرة المتمكنة، إنها أساس الانتصار الذي أصبح بإذن الله في متناول يدهم، إنها القدرات الخفية التي واكبت معركتهم، إنها قدرة إلهية لا بد أنها ترعى معركتهم في اليمن.
✍️ شارل ابي نادر
*نقلا عن : موقع العهد الإخباري
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز