ميونيخ.. الجبير يرقُصُ عاريًا
يمثِّلُ مؤتمرُ ميونخ للأمن محطةً أخرى لترقية العلاقة الحميمة بين الكيانَين السعودي والصهيوني من طَـوْر علاقة تحت السرير إلى طور علاقة فوق السرير لا أَكْثَـر.
إنه موسمُ سقوط الأقنعة، موسم كثيف من حيث مجرياته وانهيار متاريس افتراضية ـ خلاله ـ ظلت عديد مكونات وقوى وتيارات وأنظمة توارب مواقفها من الصراع في المنطقة العربية ورؤيتها له بالتلطّي خلفها، لجهة بناء متاريس أخرى ذرائعية باتت معها هذه القوى والتيارات والأنظمة لا تتحرج من الانحياز صراحة لضفة العدو التأريخي المباشر للأمة متمثلًا في الكيان الصهيوني.
يمكن تحديدُ الحاضنة الزمنية لموسم هذا السقوط والتعري، بالفترة من يناير 2011 وليس انتهاءً باللحظة الراهنة، فحيث وجدت الولايات المتحدة في الاحتقانات الشعبية الناجمة عن سياساتها في المنطقة، لحظة مواتية لتدشين مشروعها الهادف إلى هدم وإعادة إنتاج كيانات الشرق الأوسط (العربي) بصورة تتيح لها المزيد من الهيمنة غير المكلفة، فقد باشرت ركوب موجة الاحتقان لتقودها صوب هذا الهدف بوصفه مطلبًا شعبيًا.
لقد أبلت معظمُ أحزاب اليسار والقوميين العتيقة بلاءً حسنًا في هذا المضمار حتى يتسنى لـ(واشنطن) بلوغ بغيتها الاستعمارية تلك؛ وتكشفت متاريس مناهضة الإمبريالية والصهيونية التي تلطت خلفها لنصف قرن عن دُمَـىً مشدودة الخيوط بأصابع المخرج الأمريكي.
يُحسَبُ للصمود السوري شعبًا وجيشًا وقيادة ولثورة الـ21 من أيلول اليمنية وقيادتها الطليعية حركة (أنصار الله)، أنهما أعدما فرص انضواء قوى العمالة في الخضم الشعبي لتمرير مخططات (واشنطن)، وأرغماها على مغادرة جحور التمويه إلى عراء الأدوار والمهام المنوطة بها كأدوات تنفيذية لمشاريع الاستكبار العالمي.
في طور التمويه كان بوسع قوى العمالة تحت مسمى (الربيع العربي) ادعاء أن (الأقلمة) أمر مختلفٌ تمامًا عما قد يتبادر للأذهان من شرذمة وتمزيق، على أن هذه القوى باشرت خلال هذا الطور حشد وتكريس التناقضات الطائفية والمناطقية والعرقية في البناء الاجتماعي (العربي ـ السوري ـ اليمني تجسيدًا)، بما ينهي التناقضات الفعلية بين قوى هيمنة ووصاية دولية وأنظمة محلية وكيلة لها من جهة وشعوب مسحوقة ومستضعفة طامحة للحرية والاستقلال من جهة مقابلة، وتبعًا لذلك فإن الكيان الصهيوني الغاصب لا يعود عدوًا في هذا الفرز، بل تجري ترقيته إلى حليف يشاطر الكانتونات (العربية السُّنية) مخاوفها إزاء خطر الاجتياح (الشيعي الصفوي) وتصبح (إيران) التي تشاطر فعليًا شعوب المنطقة المخاوف ذاتها إزاء الهيمنة الغربية والطموح في الخلاص ذاته، عدوًا؛ كما هو الحال اليوم.
عقب توليه رئاسة مصر، خاطب الرئيس الإخواني محمد مرسي (نظيره الإسرائيلي) بعبارة (صديقي العظيم بيريز، صديقك الوفي مرسي)، وصفقت النوبلية (كرمان) و(الشيخ الحزمي) والفعاليات الإخوانية بالعموم، للضربات الإسرائيلية الجوية على سوريا بوصف الكيان الصهيوني حليفًا لما يسمى (ثوار سوريا).
وقبل أشهر فقط ـ تعهد رئيس حكومة العمالة للرياض (أحمد بن دغر)، بـ(عدم السماح بنشوء نسخة أخرى من حزب الله في اليمن)، مدللًا حد تعبير الكاتب عبدالملك العجري ـ على أن المملكة السعودية ليست إلا نسخة أخرى عربية المظهر من إسرائيل.
بمقدورنا اليوم ـ أَكْثَـر من ذي قبل ـ إدراك الخطر الذي مثله ويمثله الشعار (الصرخة) لحظة صدح به الشهيد القائد/ حسين الحوثي، بالنسبة لقوى الاستكبار والصهيونية، كما وإدراك دوافعها لشن حروب ست على (أنصار الله) بالأمس، وعدوان كوني على اليمن برمته اليوم.
لقد أبقى هذا الشعارُ على جذوة المفهوم للصراع العربي الإسرائيلي متقدةً في وقت اعتقدت قوى الهيمنة أنها قد أخمدتها، وإزاء كُلّ هذه المعطيات (الحسية) المتكشفة اليوم لا مناصَ للمرجفين سوى الإقرار بأننا كنا ولا نزال نقاتل عدوًا واحدًا على اختلاف تمظهُراته في الماضي والحاضر، عدو اسمه الكيان الصهيوني الذي دشن عادل الجبير طور مزاولة البغاء العلني معه في مؤتمر ميونخ أمس الأول.
✍️صلاح الدكاك
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز