فوز السعودية بالإنتخابات التركية وزوبعة تعز
للكاتب: جميل أنعم
سأترك من كلمة تركيا كل حروف المنطقة، وألقي الضوء على الحرف اليمني المتعلق بما حدث في تركيا، لأن الملف التركي كبير ويدخل بكل ملفات وحسابات المنطقة بسبب حشر السلطان العثماني المغرور أنفه في كل مكان لإعادة أحلام السلطنة ولو على أنهار من دماء وجبال من جماجم ولو على أطلال وانقاض مدن مدمرة وفوضى خلاقة عارمة لا ترى فيها إلا سكاكين داعش وصرخات الله أكبر !
ظاهرياً كان يُرى خسارة أردوغان لابد منها على الرغم من أن معكسر الناتو الحليف الإستراتيجي لتركيا سلَّم بهزيمة العدالة والتنمية مبكراً وقام بسحب بطاريات الباتريوت من تركيا قبل أشهر تيقناً بنتائج الإنتخابات التركية والمتوقعه أن تكون خارج نصيب الأردوغان وحزبه، بالإضافة لإيقاف أي مراهقة غير محسوبة قد يرتكبها السلطان المغرور في سوريا، لن يقحم الناتو نفسه فيها، فما الذي تغيَّر ؟..
في العمق إذا سألنا ماذا سيحل بالمنطقة بعد دخول الإخوان في سبات شتوي طويل بعد خسارة أردوغان ؟ وهل من الممكن أن تُترك قطعان بمئات الآلاف وكيان منظم يمتلك شركات عابرة للقارات ونموذج مثالي لنشر الفوضى والدمار ؟! يتضح من السؤالين صعوبة الركون لأي طرف في تركيا وغيرها عدا “العدالة والتنمية” لعدم توفر البديل الأفضل، تركيا تمسك الكثير من القضايا في الشرق الأوسط ورميها من على الشجرة دفعة واحدة لتتكسر كارثة في خاصرة المشروع الصهيوني لن يُسمح بحدوثها، لكنه سيعمل على إستهلاكها بأفضل الطرق، فأفول العدالة والتنمية أصبح حتمياً لحظة إعلان فوزه، فأسباب بقاءه مرتبطة بإلتزامه حفظ الوضع العام كي لا يسقط دفعه واحدة ويتكسر معه سلة البيض الصهيوني الفاسد بكل ماتحتويه، فكل قضايا المنطقة في أمس الحاجة لبقاءه، إسرائيل وامريكا والسعودية يريدون بقاء التنمية والعدالة حياً ولو بحالة شلل كامل، من أجل استمرار حروب الجيل الرابع وابقاء التيارات الإسلاموية الناتوية تلعب دورها ضمن مشروع الصهيونية في الشرق الأوسط .. في العمق أكثر لابد من بقاءه لأنه الند الأقوى والأفضل ضد مصر في حال مالت مصر للمعسكر الشرقي ..
تعرف السعودية جيداً أنه تم رميها إلى البحر وطُلب منها أن لا تبلل نفسها؟!، وتعرف السعودية أن الحليف الأكبر لها في البيت الأبيض غير مستعد لتبني صبيانيتها في اليمن أكثر من الفترة التي مضت، وعندما يتعلق الأمر بتهديد مصالح الأمريكي لن يسمح لمراهقي الزهايمر بالإستمرار، لأن فك رقبة الدولار يبدأ بإنهيار المملكة، وهذا مالم تسمح به أمريكا ولو أضطرت لفك رقبة سلمان وإبن سلمان وكافة الغلمان، ومعها تتخلص امريكا من حليف مراهق وغبي وتصنع نظام جمهوري “شكلي” ينقذها من الإحراج
وفي ظل تجربة السعودية للكثير من الأوراق وطرقها لكافة أشكال الأبواب والنوافذ بحثاً عن سند لها في عدوانها على اليمن، أو كيانات يمكن أن تمارس حرباً بالوكالة لها قبل أن يغضب الأمريكي، فأيقنت السعودية أن أفضل الأوراق الممكنة لها في اليمن هي الإخوان المسلمين، وتخلت عن كبريائها للإخوان ولم تتردد بالهرولة نحو تركيا لترمي بشوالات الريالات للسلطان العثماني لضخها في برنامجه الإنتخابي وشراء الأصوات ومع تكامل الضخ السعودي ورغبة الأمريكي والإسرائيلي ببقاء أردوغان كان للسعودية ما أرادت، والفائز في الإنتخابات التركية هي السعودية، بحكم أردوغان أصبح كالعبد المطاع بعد إنقاذ “أحلام السلطنة” من الغرق.
السعودية تحفظ جيداً تضاريس الإخوان المسلمين في اليمن فهي من دعمت رجُلها الأول في اليمن “علي محسن الأحمر” لعشرات السنوات والذي كان بدوره المهندس الماهر لفقاسات الإرهاب وتصدريها إلى افغانستان، واليوم ومن بوابة تركيا تحلم السعودية بإعادة ذلك الزمن الجميل، فالعبد العثماني لن يوفر مجموعة إرهابية هربت من جحيم السوخوي الروسي في سوريا ليرسلها بدوره إلى اليمن، مع قدرة تركيا على إدارة كافة النخب الإخوانية من فنادقه في اسطنبول، وتفعيل قناة الجزيرة إخوان ودعم قطرائيل، لضخ الروح الميته في ما يسمى “بالمقاومة”.. وأكثر منطقة حاضنة للإخوان في اليمن هي تعز، ومن بوابة تعز يريدون بنغازي النسخة اليمنية، مع إسناد مئات الدواعش القادمين من سوريا مؤخراً، لتكتمل صورة الربيع الإخواني الدموي في ليبيا، كذب وتضليل ودم وافتراء حتى سقطت ليبيا حتى تاريخه، وبمجرد تحقيق انتصار شكلي ولو مؤقت سيتم إعلان التحرير المزيف، ولن يكتثروا حينها أنهم أستقدموا مئات الدواعش وفي اسوء الحالات الممكنة ستصبح نموذج عدني جديد، تسليم واعتراف بوجود داعش والقاعدة، تسليم واعتراف بعدم القدرة على طرد القاعدة، تسليم واعتراف بتدهور الوضع الأمني وانتشار مسلسلات الرعب والقتل والفوضى وإعلان تعز إمارة إسلامية لجز الرقاب وجهاد النكاح
لا أريد هنا أن أزايد على أحد، هي قراءة للأحداث من الواقع، ومن لم يعرف الداء لن يعرف الدواء، ولا قلق ولا خوف طالما هناك شرفاء انتمائهم للوطن ليس للفنادق والدولار وقنوات العهر العربي، ويتحركون بمسؤولية تجاه المخطط التقسيمي والفوضوي، فالله الله بمدينة تعز وكل المدن اليمنية ياشعب اليمن، اجعلوا من أنفسكم كتائب شعبية يقظة لأي تحرك غير مسؤول يتبناه أعداء الوطن من قبل اغتيالهم للحمدي وحتى اليوم، واختاروا ماشئتم أنتم من ستكابدون الأوجاع، ونموذج “الأخونه والسعوده” مفروغ من أمره، وبدون نقاش ، ولا داعي للتفتيش بالنموذج الليبي والسوري ولا نذهب بعيداً النموذج العدني !.. والعاقبة للمتقين