تل أبيب: يتحتم علينا الاستعداد لاحتمال هجوم سوري قريباً
خلافاً للعمليات العسكرية الماضية المنسوبة لـ”إسرائيل” في العمق السوري، يلاحظ أن الإعلام العبري ما زال يحاول سبر غور رد الفعل الذي قد يصدر من دمشق، رداً على الهجوم الأخير الذي، بحسب المصادر الأجنبية، نفذته “اسرائيل”، بالقرب من مطار المزة العسكري المتاخم للعاصمة السورية، فجر الأربعاء من هذا الأسبوع.
وغني عن القول إن تل أبيب لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم، لكن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ألمح إلى أن بلاده قد تكون هي التي نفذت العملية، عندما قال إن “إسرائيل” لن تسمح بأي شكل من الأشكال انتقال أسلحة كاسرة للتوازن، من إيران، عبر سوريا، إلى حزب الله اللبناني.
محلل الشؤون العسكرية في صحيفة (يسرائيل هايوم) العبرية، يوآف ليمور، أكد على أن “إسرائيل” تتجنب الحسابات الخاطئة، التي من المتوقع، في إطارها، أن يؤدي أي هجوم تكتيكي إلى التدهور نحو تورط إستراتيجي غير مرغوب فيه، على حد تعبيره.
وتابع إن الهجوم الأخير يطرح عدة تساؤلات، والتي من المحتمل أن يكون لأجوبتها تداعيات جوهرية على الجبهة الشمالية في الفترة القريبة.
التساؤل الأول، يتعلق بأسلوب الهجوم وبنوع الذخيرة التي استخدمت فيه. مشيراً إلى أنه إذا فعلاً تم استخدام صواريخ أرض-أرض، فهذا يدل على محاولة إسرائيلية لتقليص منطقة الاحتكاك مع وسائل الدفاع الجوي السورية ومع المظلة الروسية المنتشرة فوقها، التي يمكن التقدير أنها رفعت جهوزيتها بعد الهجوم الأخير.
التساؤل الثاني، تصريحات ليبرمان، الذي قال خلال لقائه مع سفراء الإتحاد الأوروبي إن “إسرائيل” تعمل لمنع نقل سلاح دمار شامل من سوريا إلى حزب الله، وبالتالي يعتقد أنه أراد بشكل أساسي إرسال تحذيرات.
التساؤل الثالث، يتناول مدلولات الاعتراف الفوري لسوريا وحزب الله أنه بالفعل نفذ هجوم في سوريا، وتحميل “إسرائيل” مسؤولية واضحة، لافتاً إلى أن الحكومة السورية فضلت في السابق نفي الهجمات التي نفذت أو تجاهلها.
البيان الرسمي السوري، أكد المحلل ليمور، يدل على أنهم في سوريا وفي لبنان، ليسوا مستعدين بعد الآن للسكوت على هجمات كهذه، حالياً أكتفوا بالتصريحات، لكن في وقت ما سيتحول الكلام إلى أفعال، على حد تعبيره.
ليمور خلص إلى القول إن جرأة سوريا وحزب الله التي تتجلى أيضاً في عمليات التهريب المتواصلة برغم الهجمات، مرتبطة بانتصاراتهم العسكرية الأخيرة في حلب، التي تزيد بشكل جوهري استقرار نظام الأسد، بما في ذلك ثقته بنفسه، ولكن على “إسرائيل” متابعة التطورات بدقة لتجنب الحسابات الخاطئة، في إطار أن يؤدي هجوم تكتيكي إلى التدهور نحو تورط إستراتيجي غير مرغوب فيه، قال المحلل.
من ناحيته رأى المحلل العسكري في موقع (YNET)، التابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) أن إصدار بيان سوري عن الهجوم هو أمر غير مسبوق، والأكثر من ذلك هو الإشارة إلى أنه يدور الحديث عن صواريخ أرض-أرض وليس صواريخ جو-أرض كما كان يحصل في معظم الحالات التي أفادت عنها وسائل الإعلام السورية في السابق. وبحسبه، فإن حديثاً يدور عن محاولة إيرانية لإرسال قذائف صاروخية أو صواريخ أرض-أرض دقيقة إلى حزب الله، كما ألمح ليبرمان، قال المحلل.
وألمح المحلل إلى أن “إسرائيل” استخدمت أنواعاً جديدةً من الصواريخ البعيدة المدى، موضحاً أنه يمكن الاعتقاد بأن سبب استخدام صواريخ أرض- أرض في قصف المطار هو الرغبة في مفاجأة السوريين وعناصر حزب الله.
وأشار إلى أنه في حال أطلقت “إسرائيل” صواريخ من الطائرات كان بإمكان الرادارات الحساسة والبعيدة المدى التي أحضرها الروسية التحذير من وجودها في المنطقة، إضافةً إلى تحذير البطاريات السورية المضادة للطائرات، والتي سبق وأن حاولت اعتراض طائرات إسرائيلية في الأجواء السورية.
وبرأيه، فإن أحد الاحتمالات لتبرير استخدام صواريخ أرض–أرض هو منع احتمال قيام الروس بتحذير السوريين عن الهجوم، مؤكداً وجود احتمال آخر وهو خشية إسرائيلية من أن يحاول الروس اعتراض الطائرات عبر بطاريات صواريخ أس إي 300 وأس إي 400 الموجودة في سوريا.
وأكد على أنه يجب الالتفات ليس فقط إلى الإدعاء بأن “إسرائيل” استخدمت صواريخ أرض-أرض، بل إلى أن وكالة الأخبار السورية الرسمية وحتى التلفزيون السوري نشرا تفاصيل عن الهجمات الأخيرة، معتبراً أن هذه الخطوة هدفها إيجاد مبرر لدى الرأي العام العالمي للقيام بعمل من جانب سوريا وحزب الله ضد “إسرائيل”، هذا العمل، أضاف، الذي ربما ما زال في مراحل التخطيط والتحضير.
وخلص إلى القول إن “إسرائيل” يجب أن تكون مستعدةً لاحتمال وقوع عمل كهذا، والذي يمكن أن يتم بدعم روسي أيضاً، وينفذ في المستقبل القريب، على حد قوله.
ولكن اللافت في تصريحات المسؤول الإسرائيلي أن صناع القرار في تل أبيب يخشون من اللحظة التي سيقوم فيها الرئيس الأسد بإرسال قوات كبيرة إلى درعا، بالقرب من مرتفعات الجولان، مشدداً على أن هذه الخطوة ستكون خطيرة لـ”إسرائيل” على حد قوله.
زهير أندراوس ـ رأي اليوم