لماذا إسرائيل تصر على شراء طائرات باهظة الثمن
قدرة الحمولة المحدودة للطائرة لا تساعدها على الدخول في معارك وذلك لأنها تستطيع أن تحمل قنبلتين وصاروخين فقط. كما أن قدراتها على التهرب (التخفي) التي يمكن أن تعوض على الأعطال الموجودة فيها ليست في أحسن أحوالها.
في الوقت الذي ننشغل فيه بعاصفة الغواصات يتضح أن إسرائيل قد قررت شراء 17 طائرة مقاتلة من طراز F35 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن. وبما يتجاوز السؤال الذي طُرح في أوساط الطاقم الأمني المصغر في إسرائيل – لماذا سلاح الجو الإسرائيلي بحاجة إلى 50 طائرة شبح كلفة كل واحدة منها هي حوالي 100 مليون دولار – فقد اتضح بعد عدة اختبارات متكررة أن أداء هذه الطائرة الشبح مخيبة للآمال. ومن بين نقاط العيب: مدى طيران محدود يصل إلى 1200 كيلو متر فقط، وقدرة محدودة على حمل الذخيرة وعدم الاستعداد الواضح لدى الولايات المتحدة الأميركية لتقديم البرامج التشغيلية للطائرة، وبذلك فإنه ليس بوسع أحد أن يعرف كيف تُشغَّل الطائرة، بل وحتى أن هناك أعطال أخرى قد تحدث. وبالإضافة إلى كل ذلك فإن قدرات الطائرة على التهرب (التخفي) تلفها المشاكل.ولكن يبدو أن حكومة إسرائيل، وعلى الرغم من أن البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) قد التقط هذه المشاكل وامتنع عن شراء الطائرة الشبح، لا تزال تشتري المزيد منها. فقبل حوالي أسبوعين فقط أعلن البنتاغون بعد مفاوضات استمرت 18 شهراً أنه لن يدخل في الصفقة التاسعة المزمعة لشراء 160 طائرة أخرى من هذا النوع بسبب الانتقادات التي أبداها المتخصصون حول كفاءة الطائرة مقارنة بالكلفة الباهظة. وفي مقابل ذلك، فإنه إذا ما تمت في إسرائيل المصادقة على المرحلة الثالثة من الصفقة بين إسرائيل وبين لوكهيد مارتن فإن عدد طائرات الشبح العاملة في سلاح الجو الإسرائيلي سيصل إلى 50 طائرة. وفي هذه الأثناء لا تزال الأجواء في الطاقم الوزاري الأمني صاخبة. إذ أن هناك جهات في هذا الطاقم متخوفة من أداء الطائرة المعيب، وفي المقابل يقولون في سلاح الجو الإسرائيلي إنهم راضون عن أدائها.
تصر إسرائيل على (شراء) طائرات باهظة الثمن جداً، وبكميات ليست متناسبة، وذات الأداء المعيب. طائرات مهمتها التهرب (التخفي) لكن المشترين لا يزالون يتهربون منها. وقد قال الدكتور مايكل غيلمور، المسؤول عن اختبارات منظومات الأسلحة في وزارة الدفاع الأميركية في جلسة استماع أمام الكونغرس في شهر نيسان / إبريل من هذا العام إن “السلاح الأكثر تطوراً الذي أنتجته الولايات المتحدة الأميركية حتى الآن” لم ينضج بعد بالشكل الكافي. وحسب قوله فإن هذا السلاح ذو قدرات قتالية محدودة. وأضاف غيلمور أنه يلاحَظ وجود أعطال أكثر من اللازم في الطائرة.
ووفق ما هو منشور فإن الخلل الرئيسي الموجود اليوم في الطائرة هو احتمال أن يتعطل برنامج الرادار بشكل مفاجئ خلال الطيران وهو الأمر الذي يتطلب من الطيارين إعادة تشغيل البرنامج خلال الطيران بسرعة مذهلة. وهناك مشكلة أخرى تم تسجيلها أيضاً وذلك عندما حظر سلاح الجو الأمريكي على الطيارين الذين يقل وزنهم عن 62 كيلو غراماً من قيادة الطائرة، وذلك لأنهم سيُقتلون، على ما يبدو، عند استخدم كرسي النجاة وذلك بسبب وزن الخوذة التي من المفترض أنها تحميهم.كذلك الحال فإن قدرة الحمولة المحدودة للطائرة لا تساعدها على الدخول في معارك وذلك لأنها تستطيع أن تحمل قنبلتين وصاروخين فقط. كما أن قدراتها على التهرب (التخفي) التي يمكن أن تعوض على الأعطال الموجودة فيها ليست في أحسن أحوالها. فالقدرة على المناورة لدى الطائرة F35 بقوة التسارع التي تصل إلى 3G تعمل فقط عندما ينزل وزن الوقود فيها إلى النصف، وعيله فإن على الطيار الذي تتم مهاجمته من قبل عشرات الطائرات المعادية الانتظار.إن حكومة إسرائيل لا تستعجل الانسحاب من الصفقة التي، كما هو واضح للكثيرين، صفقة إشكالية. ويبدو أن الشعور بالفخر جراء امتلاك 50 طائرة من طائرات الشبح الأحدث والأكثر تطوراً أقوى من أي منطق آخر. وهنا علينا أن نتحلى بالأمل بأن يعود صناع القرار إلى رشدهم وأن يسمحوا للرؤية التحليلية (المنطق) بالتغلب على الأنانية.
دانييل دوتان / ترجمة: مرعي حطيني