فليستعد المقاومون للمرحلة الاصعب بعد سوريا!
يرى كثيرون ان العلاقات المصرية الايرانية هي عنوان لتحول استراتيجي في مصر وانها تعني انتقالا مصريا تلقائيا لمحور مناهضة الهيمنة الصهيو امريكية، وهو ليس صحيحا، لأن العلاقات الدولية درجات، ولا يوجد ما يقول ان عودة العلاقات بعد قطيعة يعني التحالف، كما ان التحالفات الحديثة لا تعني التطابق بقدر ما تعني التوافق على مشتركات.
وربما عدم عودة العلاقات المصرية الايرانية من الاساس هو الاحتمال الاقرب نظرا لانعدام الشواهد الموضوعية، ولا تعني بعض الشواهد الشكلية المعتمدة على تسريبات في معظمها انها موضوعية.
وربما ابرز الشواهد الشكلية هو التوتر الظاهري في العلاقات المصرية السعودية، وهو لا يعدو كونه توترا ظاهريا وخلافا على الشكل المعلن للعلاقة.
فالسعودية تريدها تبعية معلنة والنظام المصري لا يريد هذا الاعلان، وبالرغم من تبعية النظام المصري الفعلية للسياسات بل والوصاية السعودية الا ان هناك ملفات لا يستطيع الوفاء بها لخطورتها على بنيته وسلامته الشخصية، ويفضل ان يعلن انها سياسات مستقلة لحفظ ماء الوجه.
الا انه وبفرضية انهيار العلاقات المصرية السعودية فان هذا لا يعني التوجه المصري لايران او التحالف معها، لعدة اسباب اهمها:
ان الفيتو المفروض على العلاقات المصرية الايرانية ليس سعوديا فقط وانما امريكيا واسرائيليا ايضا، وتبدو مساحات التقاطع والاحتياج وفقا لخيارات النظام المصري اقرب للامريكي والاسرائيلي منها للسعودي “المأزوم”.
ايضا نسق العلاقات المصرية الاقليمي قام لفترة على تجنب الصراع مع العدو الصهيوني والانخراط الاقتصادي في النظام العولمي القائم على اقتصاد السوق الحر كمدخل للرضا الغربي وتجنب المشكلات والمساءلات والابتزاز باسم الديمقراطية وحقوق الانسان، وهو حلم الانظمة المستبدة، ولا نرى ان هذا النسق قد تغير بل كل السياسات الفعلية والمعلنة – وليس التقديرات والاستنتاجات – تقول انه مستمر حسب النسق ذاته.
ما يهمنا هنا ليس الحكم على النظام المصري، وانما محاولة استشراف التطورات المستقبلية القريبة، حيث من الواضح ان هناك قرارا دوليا اتخذ بانهاء المهزلة الحادثة في سوريا، والتي تتجه لاعلان هزيمة مخزية لكل القوى التي تآمرت لاسقاط النظام، بدءا من حشره حشرا في موجة الثورات المعروفة وفقا للاستخبارات الغربية بـ”الربيع العربي” للخلط بين المؤامرة على سوريا وليبيا بثورات مستحقة في تونس ومصر واليمن، وليس انتهاء بحشد المرتزقة من كل بقاع الارض لاستنزاف الجيش السوري وتهجير الشعب وترويعه، فخزائن التآمر لم تنفذ بعد، وستظل حتى الربع ساعة الاخيرة من تنفيذ قرار انهاء الحرب.
وهذا القرار هو البديل عن الحرب العالمية التي انتظرت شرارة صغيرة والتي كانت حتمية لو تميز النظام الروسي بالغباء السياسي ، ولولا الحنكة الدبلوماسية الروسية لكانت الامور انفجرت، ولازالت نذر الانفجار قائمة وهناك من يعمل على ايقادها كلما انطفأت.
وهذا القرار يبدو في صورة تفاهمات امريكية روسية وترضية لبعض الاطراف الحمقاء ولكن لها وزنا اقليميا مثل تركيا والكيان الصهيوني، وتجاهلا للاطراف الحمقاء الاخرى والتي لا وزن لها كالسعودية وقطر.
وعندما نقول لا وزن لها فهو ليس من قبيل المكايدات السياسية، وانما استقراء للمتغيرات الاقليمية الجديدة والتي سترغم هذه الدول على التزام محلها في الوكالة والتي حاولت تجاوزه، وكان يمكن ان تحقق تجاوزه بالفعل لو ان المؤامرة اكتملت في سوريا، وهذا التجاوز يتمثل في امتلاك بعض الاوراق التي تؤمن هذه الاطراف امام امريكا اذا ما تخلت عنها بفعل استنزافها وانتهاء الحاجة الاستراتيجية لها.
وهذه التطورات الدراماتيكية ليست بشكل فجائي يعتمد على تولي ترامب للرئاسة ، حيث شهدت نهايات فترة اوباما مقدمات لهذا التطور، وكما يعلم الجميع فليس هناك تغيرات انقلابية في السياسة الامريكية على خلفية تغير الرؤساء والاحزاب الحاكمة.
المتوقع هو تحجيم للطموح الكردي بقدر يحفظ وحدة سوريا ولا يشكل خطرا على تركيا مع مكافأتها وترضيتها، وستخرج من هذا السيناريو سوريا اكثر قوة رغم الانهاك وستنشغل لبعض الوقت في اعادة الاعمار ولملمة الجراح.
اما دول الخليج، ستنكفئ على لملمة خسائرها ومحاولة الحفاظ على عروشها المهددة داخليا بفعل التدهور الاقتصادي وتأثيره على مواطنيها من جهة، وبفعل الارتداد الارهابي الحتمي الذي سيقع عليها في القريب العاجل، وسيستمر استنزافها في سيناريو جديد يعد لاشعال صراع طائفي بإحكام.
المؤسف هو الاصرار المصري على الارتباط بالذيل السعودي المقطوع والحرص غير المفهوم على ترضية هذا الكيان الوظيفي، وهو لا نفهمه الا في سياق سيناريو يتم اعداده للاقليم يجعل من النظامين عضوين في حلف واحد مع “اسرائيل” تحت عنوان (سني) ضد الحلف المقاوم (الشيعي).
ومن هنا يمكن تفسير محاولات التقارب المصري مع العراق ومع لبنان في اطار الاستقطاب بعيدا عن الفلك الايراني، وهو تحرك مبارك امريكيا حيث المحاولات المستمرة الامريكية لاحتواء العراق وكذلك التحركات السعودية الاخيرة باتجاه الرئيس عون في لبنان.
هذا السيناريو لو نجح فهو المراد امريكيا واسرائيليا وهدفه العزلة والردع للمقاومة، وبديله ورديفه استمرار الاحتقان والصراع الطائفي والقابل للاحتراب الاهلي وهو مصلحة امريكية واسرائيلية ايضا.
لكن هل تسير السيناريوهات وفقا للمخططين وتوابعهم، ام ستكون للشعوب كلمات اخرى؟!
قد يكون هذا السيناريو متشائما، وقد يبدو فيه افتراءات او بعض التزايد، فليكن…لكنه مطروح ويجب ان يكون على طاولة البحث والاعداد والاستعداد.
إيهاب شوقي
#تعز
#جرائم_داعش_في_تعز