هل دخلت واشنطن الحرب على اليمن بشكل مباشر؟
لم يكن مفاجئا خبر استهداف واشنطن لمواقع معينة في اليمن، لان المتتبع للاحداث خلال اليومين الماضيين يستنتج ومن دون عناء بان الولايات المتحدة الاميركية تحضر لعمل عدواني ما على اليمن وذلك بعد ان عمدت الى بث أخبار غير مؤكدة عن استهداف بوارج لها في باب بالمندب بصواريخ قالت انها انطلقت من الاراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين. هذا الخبر “المفاجئ” الذي تولت وكالة رويترز بثه وفي هذا التوقيت بالذات وبعد مجرزة صنعاء له دلالاته ابرزها حرف الانظار عن مجزرة القاعة الكبرى في صنعاء وحماية السعودية ومن خلفها واشنطن من اي ادانة دولية على خلفية المجزرة وما بعدها.
تحتاج واشنطن إذا الى مبرر للتنصل من واقعة مجزرة القاعة الكبرى في صنعاء التي ستبقى تلاحقها اخلاقيا وقد تلاحقها قضائيا ايضا اذ ان الطائرات التي ارتكبت المجزرة هي اميركية والصواريخ التي قتلت المئات وجرحت المئات ايضا اميركية والدعم للعدوان السعودي ايضا اميركي وما الاصوات الخجولة التي ارتفعت في واشنطن والتي لم ترق الى حد التنديد او الاستنكار ضد المجزرة ما هي الا لذر الرماد في العيون امام هول هذه المجزرة.
وبناء عليه فان واشنطن من خلال هذا التدخل تريد تحقيق عدة اسباب :
أولاً: رفع المسؤولية القضائيّة عنها، إذ كما بات معلوماً أن قانون جاستا الذي اقرته واشنطن مؤخرا يطال واشنطن في حال تم تقديم اي شكوى امام المحاكم الاميركية من اي طرف متضرر. وبالتالي قد ياتي هذا الاستهداف اليوم للضغط على اليمنيين واشغالهم بعناوين اخرى، هذا من جهة ومن جهة اخرى لتبرير العدوان على اليمن من خلال القول ان هناك جماعة في اليمن خارجة عن القانون ويجب محاسبتها.
ثانيا: حرف الانظار عن مجزرة صنعاء السعودية الاميركية وفتح ملف جديد تحت عنوان أمن الملاحة في باب المندب، لا سيما في الاعلام الغربي الذي تعاطف في الايام الاولى مع ضحايا المجزرة الامر الذي كان سيشكل حتما ضغطا دوليا على الرياض سيما وان بوادر القلق والامتعاض من سلوك الرياض ودعمها للارهاب في انحاء العالم بات واضحا وجليا.
ثالثا: السيطرة الاميركية المباشرة على باب المندب بعد ان عجزت قوات التحالف السعودي الاماراتي بالسيطرة عليه حيث كان استهداف السفينة الحربية الاماراتية مؤخرا بصاروخ ارض بحر وتدميرها خير دليل على سيطرة الجيش اليمني على هذا الممر المائي الحيوي.
رابعا: لا يخفى على احد العجز السعودي في تحقيق اي انتصار في اليمن سوى التدمير الامر الذي بات يشكل عبئا على الطرفين الاميركي والسعودي على حد سواء وهنا اصبح لواشنطن مبرر للتدخل تحت ذريعة تعرض مصالحها وقواتها للخطر والتهديد.
هذا التغيير في السلوك الاميركي ياتي في وقت تبدو فيه السياسة الخارجية الاميركية غير مستقرة في اتجاه معين نتيجة التجاذبات الداخلية على خلفية الانتخابات الرئاسية، وفي هذا التوقيت الضائع ربما يريد الرئيس الاميركي وقبل مغادرته البيت الابيض تقديم المعونة لحلفيته الرياض بعد ان اخفق في منع خروج قانون جاستا الى العلن، وهذا ما يفسر الانقلاب في السياسات الخارجية الاميركية في اكثر من ملف ابرزها الملف السوري.
المصدر: موقع المنار