تعز العز

سوريا…كشف المستور عن “فصائل المعارضين”

التطورات التي يشهدها ملف تسوية الأزمة السورية يحمل الكثير من مواقف مثيرة للانتباه وأخرى مهمة، خاصة تلك المتعلقة بالأطراف المنخرطة في الأزمة أو ما يمكن وصفه بالأطراف المؤثرة على الوضع ميدانيا وسياسيا من خلال الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية تصون وحدة الأراضي السورية وتخلق مساحة لحوار سوري ـ سوري يفضي إلى اختيار حر ومستقل لمستقبل سوريا.

المشهد الراهن بما فيه من حراك سياسي وعسكري، يكسف عن أطراف يمكن اعتبارها جزءا من الحل، وأخرى تسعى جاهدة مخلصة للحفاظ على الوطن من تآمر المتآمرين، وأطراف أخرى تعكس مواقفها رغبة في استمرار حالة الحرب وعدم الاستقرار، وشخصيات لا تحمل قلوبهم سوى الحقد والضغينة، ومنهم من استبدل النفيس بالرث، وتحالف مع قوى الشر التي تسعى إلى تدمير البشر والحجر والقضاء على سوريا العرب بتاريخها وثقافتها.

الدور الروسي وأسس حل الأزمة

تتفق كالة الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية على أن حل الأزمة هو سياسي، وأن العمليات العسكرية لن تفضي إلى أي نتائج إيجابية يمكن أن تعيد إلى سوريا الاستقرار والأمن، والتوصل إلى الحل السياسي يكون من خلال الحوار الشامل الذي يضم كافة الأطراف الإقليمية والدولية، بهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية، ثم يُترك للشعب السوري حق اختيار نظام الحكم بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي كانت سببا في تعقيد الأزمة والوصول إلى المشهد الراهن. الاتفاق على ضرورة التخلص من التنظيمات والجماعات الإرهابية، وقطع كافة طرق التمويل بالمال والسلاح والعناصر أمام هذه الجماعات. تخلص فصائل المعارضة من العناصر المتطرفة التي تشكل خطرا على فرص الحل السياسي، لن يكون سوى من خلال توحيد قوى المعارضة المنقسمة على نفسها، وأن تحمل أجندة سورية بعيدا عن تلك القوى التي تنهش في جسد سوريا العرب والقضاء على أي دور للفصائل أو القوى المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية أو التي تستخدمها في تحقيق أهداف سياسية. واللافت أن التدخل العسكري الروسي الذي جاء استجابة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، ونشاط الدبلوماسية الروسية الذي لم يتوقف للبحث عن حل للأزمة، ساهم بشكل كبير وواضح في إعادة ترتيب ملفات وأوراق ومواقف الدول إقليميا ودوليا، حتى أصبحت جزءا مهما من الحل، على غرار دورها في تسوية ازمة “الملف النووي الإيراني” بالتوصل إلى اتفاق مع الدول الكبرى التي كانت ممثلة في مجموعة 5+ 1 والتي ضمت، إلى جانب روسيا، الصين والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا.

كشف المستور

الحقيقة أن فصائل المعارضة التي ملأت الدنيا صراخا ومؤتمرات واجتماعات هنا وهناك، ليست على قلب رجل واحد يريد الخير لبلاده سوريا، ولم تفكر يوما في صالح المواطن السوري الذي تحول إلى لاجئ ونازح بعد أن كان بيته الملاذ الآمن للجميع. سقطت المعارضة في أحضان قوى الشر بعد أن القبول بتنفيذ أجندات أجنبية ودفع البلاد في أتون من الصراعات الطائفية والحرب الأهلية وجلب العناصر الإرهابية المتطرفة إلى البلاد، في إطار استراتيجية غربية تستهدف الدول الكبرى بالمنطقة وما تمثله من وضع سياسي وجيوسياسي مؤثر في الشرق الأوسط. ورغم الجهود المبذولة لتوحيد قوى المعارضة من جانب دول إقليمية ودولية أبرزهم مصر وروسيا، بهدف أن تصبح المعارضة سورية التوجه والإرادة السياسية ولا تحمل أجندات أخرى أو تضم عناصر متطرفة أو إرهابية متورطة في نزيف الدم السوري والعربي، إلا أن هذه القوى لا تزال بعيدة عن مشروع موحد لمستقبل البلاد، بسبب تداخل القوى الأجنبية التي تبذل كل الجهد لإطالة أمد الحرب. واللافت أن انقسام المعارضة السورية بدأ يأخذ شكلا جديدا، حيث تنتقل بعض القيادات من فصيل إلى آخر، وظهور فصائل جديدة نتيجة انشقاق البعض عن الفصائل الأساسية، يعود بالأساس إلى تلك “الأجندات والأفكار غير السورية” التي تتداخل مع المعارضة، وتفرض عليه توجها محددا يخدم مصالحها لا مصالح الشعب السوري. وهذا بلا شك يثير القلق حول موضوعية وجدية فصائل المعارضة في البحث عن حل سياسي للأزمة. لا يمكن القبول باستمرار المشهد الراهن في سوريا العرب، والمسؤولية السياسية لكافة القوى ومنها العمل على توحيد صفوف المعارضة القادرة على الدخول في حوار سياسي ولديها الرغبة الحقيقية في وقف نزيف الدم والحفاظ على الأرض من التقسيم الطائفي، والاتفاق على مرحلة انتقالية ثم الوصول إلى تسوية نهائية للأزمة. لكن السؤال المطروح اليوم وبعد سنوات قاسية مرت على البلاد، هل تملك فصائل المعارضة الخارجية القدرة على رفض الأجندات الأجنبية التي تروج لمصالح القوى الأجنبية، وهل تملك قيادات المعارضة إرادة التخلي عن الطموحات الشخصية من أجل الوطن؟

الخلاصة

تكرار سيناريوهات سابقة بالمنطقة على سوريا، ومحاولات من يطلق عليهم “فصائل المعارضة” المدعومة من قوى خارجية معروفة، تمكين الجماعات الإرهابية وجعل البلاد مرتعا خصبا للفكر المتطرف وتغيير النظام بالقوة، فإن دولا كبرى إقليميا ودوليا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات إسقاط سوريا في يد الإرهاب والتطرف والتقسيم على أساس طائفي.

* أشرف كمال- سبوتنيك

===

أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا