الصحف الأجنبية: حديث أمريكي عن تقسيم العراق طائفيًا
علي رزق
رأى باحثون غربيون بارزون أن المرشحة الديمقراطية للرئاسة الاميركية هيلاري كلنتون لن تمارس سياسات مدرسة الصقور كما يشاع، حيث اعربوا عن شكوكهم من ان تصعد كلنتون الدور العسكري الاميركي في سوريا في حال اصبحت رئيسة. هذا فيما دعت شخصيات اميركية بارزة معروفة بميولها اليميني الى المزيد من الحكم الذاتي لما اسموه المحافظات “السنية” في العراق.
الترويج للتقسيم الطائفي في العراق
كتب مدير “الـ- CIA” السابق “David Petraeus” مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست في الثاني عشر من آب اغسطس الجاري قال فيها انه ما من شك بان تنظيم داعش سيهزم في مدينة الموصل، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى ان التحدي الاساس هو ما سيتبع ذلك.
وزعم الكاتب (الذي كان قائدًا للقوات الاميركية في العراق) ان الفشل بتسوية الخلافات بعد هزيمة داعش قد يعني صعود داعش “رقم ثلاثة”. كما تحدث عن سيناريو ميليشيات عراقية متنافسة في فترة ما بعد هزيمة داعش، وعن تنافس شرس على توزيع السلطة والموارد، على حد زعمه.
الكاتب ادعى بان المساعي التي بذلت في الموصل ومحاظفة نينوى عموماً في عام 2003 (بعد الاجتياح الاميركي) كانت ناجحة جداً. غير انه ادعى ايضاً بان السلطات العراقية افشلت هذه المساعي عندما لم توافق على المبادرات المتعلقة بقانون اجتثاث حزب البعث لم توفر العمل لعشرات آلاف الجنود العراقيين العاطلين عن العمل (الذين كانوا في الجيش أيام صدام)، على حد قوله.
كما زعم الكاتب بان الحكومة المركزية في بغداد لم يكن لها توجه واضح حيال انشطة الوزارات في نينوى، وانها لم تخصص الكثير من الموارد لهذه المحافظة. وعليه ادعى بان هذه “الاخفاقات” (على حد وصفه) ادت الى نشوء “تمرد سني” في الموصل.
كما وتحدث الكاتب الذي هو مقرب من مدرسة “الصقور” في اميركا، عن ضرورة تقديم تطمينات للسنة العرب في نينوى وبانه سيتم تمثيلهم بالشكل المناسب. وتقديم التطمينات للأكراد في نينوى و كذلك الشيعة و السنة التركمانيين و الايزيديين و المسيحيين و غيرهم.
الكاتب قال ان الآلية الافضل لتنفيذ ذلك هي “مجلس محافظة” كذلك الذي انشأ عام 2003 من خلال العملية التي اتبعت آنذاك. وشدد على ضرورة عدم قيام من اسماهم “بالميليشيات الشيعية” بلعب اي دور في فترة ما بعد هزيمة داعش. وبينما اعتبر ان الحكم الذاتي على غرار كردستان العراق غير قابل للتطبيق في نينوى أو في غيرها من المحافظات الـ”سنية”، تحدث عن ضرورة ان يكون رئيس الوزراء حيدر العبادي مستعداً لتقديم الالتزمات حول توزيع الموارد وإعطاء المزيد من الحكم الذاتي في تحديد اولويات الانفاق.
و بينما قال الكاتب ان حل هذه القضايا في فترة ما بعد داعش سيكون صعباً، اضاف ان الولايات المتحدة وشركاءها بالتحالف الدولي المزعوم ضد داعش سيكون لهم نفوذ كبير لتسوية الخلافات بعد تمكينهم هزيمة داعش ومساهماتهم الاخرى على حد زعمه، مشدداً على ضرورة الاستفادة من هذا النفوذ.
هيلاري كلنتون ليست من الصقور
كتب الباحثان “Jeremy Shapiro” (الذي عمل مستشاراً لمساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون اوروبا ويورو آسيا عام 2009 عندما كانت هيلاري كلنتون وزيرة للخارجية) و”Richard Sokolsky” مقالة نشرت على موقع “Vox” اعتبرا فيها ان هيلاري كلنتون لن تتبع سياسات مدرسة “الصقور” كما يروج في حال اصبحت رئيسة الولايات المتحدة.
ورأى الكاتبان ان سجل كلنتون ليس كما يقال عنها، فقد بذلت في الماضي مساعي للتوصل الى حلول دبلوماسية بقدر ما ضغطت من اجل حلول عسكرية. الا انهما شددا على ان المسألة الاهم هي ان كلنتون الرئيسة ستجد ان استخدام القوة في الخارج سيكون له تكلفة باهظة في الداخل.
وبينما اشار الكاتبان الى انه ما من شك بان كلنتون دعمت في الكثير من الاحيان استخدام القوة، لفتا الى انها في الكثير من الاحيان ايضاً دعمت الدبلوماسية والمفاوضات “كخط الدفاع الاول” عن اميركا.كما اشارا الى ما كتبه باحثون عن ان كلنتون دائماً ما اشتكت من “عسكرة” السياسة الخارجية الاميركية عندما كانت وزيرة للخارجية وروجت لفوائد “القوة الذكية” والدبلوماسية في مواجهة اهم التحديات في مجال الامن القومي.
وتابع الكاتبان انه وتناغماً مع هذا النهج، بدأت كلنتون المفاوضات السرية مع ايران عام 2012 والتي ادت في النهاية الى ابرام الاتفاق النووي.كما لفتا الى انها دعمت مبادرة اوباما تجاه كوبا وأيدت مساعيه عام 2009 لفتح صفحة جديدة مع روسيا.
وفي السياق ذاته، نبه الكاتبان الى ان كلنتون لم تحاول الاستعانة بالادوات العسكرية من اجل مواجهة الصين في بحر الصين الجنوبي، بل لجأت الى مقاربة دبلوماسية اقليمية.
الكاتبان اعتبرا ان كلنتون كما اوباما لن تحبذ فكرة ارسال قوات اميركية الى سوريا من اجل دعم معارضة تتألف في الغالب من “الاسلاميين”، والذي يحمل معه خطر الحرب مع روسيا ايضاً.كما رأى الكاتبان ان كلنتون يبدو انها تؤيد مقاربة اوباما حيال استخدام القوة العسكرية ضد داعش، وهي الاستخدام “محدود” للطائرات من دون طيار وقوات العمليات الخاصة والضربات الجوية.
كما لفت الكاتبان الى ان كلنتون كثيراً ما شددت على ان الارهاب لا يمكن ان يهزم بالكامل في الميدان، اذ انها تشدد على ان العناصر الاهم في المعركة ضد الارهاب هي تحسين المعلومات الاستخبارية وأجهزة انفاذ القانون، اضافة الى تعزيز التعاون الدولي و مساعي وقف تجنيد الارهابيين.
اما السبب الاهم الذي سيمنع كلنتون من ان تكون رئيسة تابعة لمدرسة الصقور بحسب الكاتبين، فهو انها لن تكون سيناتورًا او وزيرًا للخارجية او مرشحة للرئاسة، بل ستكون رئيسة، ما يعني ان اولوياتها ستختلف.
وتابع الكاتبان بان مواقف كلنتون حيال قضايا الحرب والسلم عندما كانت وزيرة للخارجية كانت تعود الى حد ما الى الموقف المؤسساتي لوزارة الخارجية. واضافا ان وزير الخارجية ليس عليه ان يقلق من السياسة الداخلية او من نسب تأييد الرئيس. وعليه نبها الى ان الوضع سيختلف اذا ما اصبحت كلنتون رئيسة، حيث ستدين بالفضل الى الشعب الاميركي كما سيكون لها الكثير من الاولويات غير السياسة الخارجية.
الكاتبان تحدثا ايضاً عن عدم وجود أية حماسة على الاطلاق في الشارع الاميركي او حتى في الكونغرس لتنشيط الدور العسكري الاميركي رغم الفوضى التي تعم العالم.كذلك لفتا الى ان كلنتون دائماً ما ركزت اهتمامها على ملفات الداخل، مثل الرعاية الصحية و الترويج لحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية.
كذلك قال الكاتبان ان كلنتون تريد تحقيق الانجازات في السياسة الداخلية ورجحا ان تخصص رأسمالها السياسي من اجل عقد الصفقات المطلوبة لتعزيز اجندتها على صعيد الداخل. واضافا ان كلنتون على الارجح لن تتبع سياسات مدرسة الصقور ولن تتبع سياسات مدرسة “الحمائم”، لكنهما استبعدا ان تتدخل عسكرياً في الخارج الا في حال وجود حجة قوية بان التدخل هذا سيحسن الوضع على الارض ويحظى بتأييد الشارع الاميركي.
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا✅