الأمم المتحدة نقلت إلى السعودية «قلقها» من ازدياد الضحايا المدنيين
نيويورك | تراقب الأمم المتحدة ما يجري من مآسٍ في اليمن بكثير من العجز عن إيقاف آلة القتل التي لا تقضي فقط على أرواح المدنيين، بل على مستقبل الأطفال كذلك، في نيل الحد الأدنى من فرص العيش الكريم والتعليم والطبابة والسكن.
وقدمت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال في النزاعات المسلحة، ليلى زروقي، تقريراً إلى مجلس الأمن الدولي حمّل قوات التحالف الذي تقوده السعودية المسؤولية عن قتل 73% من الأطفال اليمنيين. الأعداد الرسمية تجاوزت 400 طفل بين 26 آذار ونهاية آب الماضيين. وقالت زروقي إنها نقلت عبر مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، قلق الأمين العام للأمم المتحدة من الجرائم التي ترتكبها قوات التحالف ونقلها بدوره إلى الرياض. وأكدت أنها ستتواصل مع كبار المسؤولين العرب والأجانب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة «من أجل وضع حد لارتكاب الجرائم بحق اليمنيين»، محملةً كل الأطراف المتصارعة المسؤولية عن تجنيد الأطفال.
وقالت زروقي في حديث إلى «الأخبار» إن آلية الرصد والتوثيق المتبعة توثق ستة أنواع من الجرائم، وهي تشمل القتل والتشويه وتجنيد الأطفال واستعمالهم والاعتداء على المستشفيات والموظفين والتلاميذ. وأوضحت أن التوثيق شمل القتل والتشويه بالأعداد التي ذكرتها: «يجري تجنيد الأطفال على أيدي كل الأطراف المتصارعة في الميدان من اليمنيين والجماعات المسلحة الناشطة في اليمن منذ انحلال الجيش والحكومة. أما الجريمة الثانية، فهناك معلومات عن الاختطاف. لسنا متأكدين اليوم هل هو شيء مستمر أم حدث في فترة معينة لكن في الفترة الأولى، في كانون الثاني كان هناك عدد كبير من المختطفين». وأشارت أيضاً إلى منع وصول الإغاثة إلى الأطفال الذين يحتاجونها، «لكن ذلك يسري على كل المدنيين لا على الأطفال فقط». وشرحت في هذا الإطار أن اليمني «يعيش ويتنفس من كل ما يأتي إليه من الخارج وليست لديه موارد محلية وإمكانات داخلية، وحالة الحرب تمنع وصول المواد للمحتاجين، ما يجعل هذه الجريمة موثقة»، لافتةً إلى الاعتداء على المدارس والمستشفيات «سواء باحتلالها أو منع وصول الناس والطلبة إليها، كما يجري تدميرها بالقصف من قبل التحالف من الجو».
وردّاً على سؤال عن حصول اتصال مع السعودية من أجل وقف الغارات على الأماكن المدنية مثل صنعاء القديمة وغيرها من الأماكن المكتظة بالسكان في المدن والبلدات، قالت رزوقي إنها على اتصال «مع كل الأطراف» من خلال الموجودين في الميدان، خصوصاً ممثلي آلية الرصد والتوثيق حتى نقل ذلك إلى الرياض. وأضافت: «لقد التقيت مع السفير السعودي، عبد الله المعلمي، وتكلمنا على إيصال هذه الشواغل إلى السلطة في الرياض وتعهد بذلك وكان ذاهباً إلى الرياض، فيما أكدت أنها ستستغل فرصة الجمعية العامة ووجود الوفود على المستوى الأعلى هنا بين دول التحالف بما فيها السعودية وغيرها لأن نثير انشغالنا ونطلب من الأطراف المعنية ومن يمكن أن يؤثر». كذلك، أكدت المسؤولة الدولية أنها ستلتقي مع رئيس الجامعة العربية، نبيل العربي، لهذه الغاية: «لن أدخر جهداً حتى أوصل رسالة أطفال اليمن كي أطالب كل من يهمهم الأمر، سواء في العالم العربي أو في الجوار أو في مجلس الأمن الدولي». وترى أن الحل في اليمن ليس عسكرياً، بل سياسي، مشيرةً إلى أن اليمنيين يطالبون بوقف الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات لحلّ ما يمكن حله بينهم. «اليمن دولة فقيرة وستستغرق إعادة بناء المستشفيات والمدارس التي دمرت سنوات وسنوات لإعادة بناء الطرق، هذه أمور قليلة جداً واستغرق بناؤها طويلاً. كيف ستبنى في المستقبل؟» تساءلت رزوقي.
في سياق منفصل، سألت «الأخبار» عمّا إذا كانت تنوي إجراء تحقيق في اغتصاب الأطفال في أفغانستان والتي جرت من قبل قوات الأمن وبعلم قوات الاحتلال الاميركية وجرت تغطيتها، فقالت إنها قرأت التقرير الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أخيراً عن الموضوع، وصدمت بالمعلومات الواردة فيه، «وسنتكلم مع آلية الرصد والتوثيق في أفغانستان. وأعتزم القيام بزيارة لأفغانستان وستكون هذه المسائل محل متابعة وتوثيق أيضاً».
إلى ذلك، تطرقت المقابلة إلى تعامل الأوروبيين مع اللاجئين السوريين، وقالت: «منذ البداية، طالبنا من دول الجوار الذين استقبلوا عدداً هائلاً من اللاجئين السوريين عدم التفرقة بين ما يسمى مهاجراً اقتصادياً وبين اللاجئ. واللاجئ له حقوق اعترفت بها المواثيق الدولية. اللاجئ تجري حمايته ويستقبل وتوفر له بقدر الإمكان إمكانات لكي لا يعود إلى المأساة التي فر منها». وأضافت: «لقد أبلغنا الأوروبيين بذلك ونقول لكل الدول إن ما يحدث في سوريا نحن مسؤولون عنه جميعاً. خمس سنوات من الصراع أدت إلى تشريد نصف المجتمع في الداخل والخارج، هذه مصيبة». وأكدت أن كل اللاجئين لهم حق الحماية ولهم علينا مسؤولية لأننا فشلنا في تحقيق الأمن ووضع حد للمأساة وفرض سلطة الحوار والحل السلمي بين الأطراف». وأشارت إلى أن الأطفال هم أكثر عرضة للظروف المأسوية لأن كل شيء يضيع، البيت والدراسة والأهل والطعام والماء».