تضحيات وعطاءات الشعب حصنت الثورة من السرقة والاستغلال
● قوافل الدعم والإسناد الشعبية التي تدفقت على ساحات ومخيمات الاعتصام اسهمت في صنع الانتصار ونجاح الثورة
● حشود الثوار شكلت ظاهرة فريدة في حياة المجتمع اليمني فاستنفر
العاجزون عن صناعة التحولات الوطنية خشية من عاصفتها
كانت اليمن على بعد خطوة من هاوية الانزلاق نحو المجهول نتيجة سوء الإدارة للسلطة.
وجاء يوم الـ”21 من سبتمبر2014م “ استثنائياً بتفاصيله وعناوينه ومضمونه ونهجه الثوري بنزعة وهوية وطنية خالصة عززت فيه مفهوم الولاء الوطني ورسخت في الوعي العام مبدأ التضحية، فوضعت حداً لذلك المنزلق إذ تحول جميع أبناء الشعب الى عنصر ترتكز عليه في الحضور الثوري والمساندة الشعبية وتقديم التبرعات وقوافل الإمداد لساحات الاعتصام فلا تحتاج الى دعم أو تنتظر تمويلاً ورعاية من خارج إطارها الوطني .
وساهمت في تحفيز مشاعر الانتماء والتضحية من أجل البلاد مهما كان حجم التضحيات فكانت أولى انجازاتها عقب الانتصار في مثل هذا اليوم أن سارعت في محاربة الفساد واجتثاثه والقضاء على الإرهاب في عموم الوطن وواصلت مشوار تطهير البلاد من العناصر التكفيرية.
مشهد اليوم يؤكد تواصل زخم الثورة في الصمود الثوري والشعبي ضد قوى العدوان والغطرسة التي تحالفت على اليمن في محاولة لإجهاض المشروع الثوري الذي توج بانتصار يوم 21 سبتمبر وسقوط منظومة الفساد والتبعية والتي ظلت تعبث بالوطن ودماء شعبه وثروته طوال سنوات.
لقد حقق الشعب في 21 سبتمبر تغييرا جذريا في المشهد السياسي والاجتماعي وقلب موازين القوى الخارجية التي ظلت تسيطر على القرار السياسي وتتحكم بالبلاد من خلال سفرائها وأدواتها الداخلية ، وشكلت الثورة حدثا وطنيا وإنجازا تاريخياً على المستوى المحلي والاقليمي والدولي واخرجت البلاد من طوع القوى النافذة والوصاية والهيمنة الدولية لتشق طريق الحرية والعدالة والمساواة الاجتماعية وأعادت القرار للشعب مصدر السلطة امام هذا التوق الوطني للحرية وصنع لحظاتها فحاولت قوى العدوان في الداخل والخارج إجهاض الحلم اليمني عبر مؤامرات ومخططات انتهت بعدوان همجي تقوده السعودية لكسر ارادة الشعب.
المسارات والمخاضات
وبعد أن وصل الشعب الى حالة احباط عام نتيجة الازمات السياسية المفتعلة من قبل العصابات التي كانت تسيطر على نظام الحكم وتعبث بمكتسباته ومقدراته اخرها اقرار جرعة سعرية والتلاعب بمخرجات الحوار الوطني والمماطلة في تنفيذها، بدأ المسار الثوري لـ”21سبتمبر” يتبلور ازاء هذه الاحداث بالإضافة الى ما تشهده الساحة الوطنية من ازمات وصراعات وهيمنة قوى الخارج على القرار السياسي والتحكم به وتدخلاتها المستمرة في الشؤون الداخلية للبلد مع استمرار عبثية القوى النافذة والرجعية بالثروة الوطنية ودماء الشعب وسيطرتها على النظام وتجييره لمصالحها الشخصية ومطامعها المرتبطة بقوى الخارج.
هذه الأحداث التي ظلت مسرحا للعبة الخارج هيأت الشعب اليمني للانتفاضة ضد حالة العبثية التي تسيرها القوى النافذة والخروج في ثورة تسقط رموز الفساد وعصابة اللصوص وصناع الأزمات لتعيد اليمن الى حضن الإرادة الشعبية والقرار المحلي بعيدا عن حسابات ومصالح الخارج.
ومنذ 2012 بدأت تتشكل عوامل ومسارات ثورة انطلاقا من المسيرات الرافضة للمبادرة الخليجية وحكومة الوفاق التي تم تشكيلها بناء على تلك المبادرة التي جاءت كفرض إرادة خارجية على تطلعات وأمال الشعب اليمني ، وعلى مدى سنتين تصاعد الرفض الشعبي ضد تلك الحكومة وسياستها كونها جاءت على انقاض نظام فاسد لتكرس فسادا واقصاء وتهميشاً واستحواذاً أكثر مما سبق وتغرق البلاد في فساد خطير كان يهدد اليمن بالانزلاق في الهاوية ، حيث رافق أداء تلك الحكومة فوضى وانفلات امني وانتشار للجماعات التكفيرية وعناصر القاعدة وسيطرتها على المعسكرات والمناطق بتسهيل من الحكومة وهادي وحزب الإصلاح والقيادات العسكرية المحسوبة عليه ضمن مخطط تدعيش اليمن وتحويله الى ساحة فوضى وصراعات تديرها أجهزة استخباراتية غربية.
كان الشارع العام يعلن حالة السخط الشعبي ضد هذه الحكومة وارتهانها للخارج ومع بداية دخول الاطراف السياسية قي حوار وطني كان ميدان الغضب الشعبي يستمر كنتيجة طبيعية لمناهضه لعبة الكواليس التي ديرت بها طاولة الحوار والاجندات الخارجية التي كانت تمررها قوى وعصابات النفوذ .
ولم تسلم نتائج الحوار ومقرراته من تحوير وتلاعب القوى الرجعية والتقليدية واستمرت في المماطلة مقابل تمرير مشاريعها ومخططاتها التدميرية والتفكيكية بمايخدم مصالح القوى الخارجية على حساب الوطن والشعب ، فحاولت تطويع الشعب لمخططاتها تارة عبر عمليات اجرامية كالتفجيرات والتفخيخ والاغتيالات ومهاجمة النقاط الأمنية والعسكرية وتفجير المصليين في المساجد وتسليم المعسكرات وسلاح الجيش للجماعات التفكيرية ومليشيات الإصلاح وهادي وتارة بافتعال أزمات اقتصادية انتهت بقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية واقرار جرعة فوق قدرة المواطن .
المسيرات والتظاهرات الشعبية
وازاء ذلك كانت الثورة قد بدأ فتيلها لتعلن الخروج ضد سياسة التفكيك والتجويع والتدعيش الانتفاضة في عموم المحافظات لإسقاط الجرعة وحكومة الفساد والأزمات وتنفيذ مخرجات الحوار.
هبت جماهير الثوار في مسيرات مليونية في عموم المحافظات تحت سقف المطالب الشعبية العادلة ونتيجة استمرار المماطلة وتجاهل إرادة وخيارات الشعب تم رفع سقف النشاط الثوري ضمن 3 مراحل تصعيدية انتهت بسقوط رموز الفساد والإطاحة بالحكومة وفرار عصابة اللصوص التي كان يتزعمها علي محسن واولاد الأحمر والقيادات السياسية المحسوبة عليهم.
لقد كان قرار الجرعة جائراً اتخذته حكومة الوفاق وأجج الشارع اليمني وعصف بتلك الحكومة فكانت البداية من مسيرة الإنذار الكبرى التي خرجت في العاصمة صنعاء وحضرها عشرات الآلاف من المواطنين في الثالث من شهر أغسطس 2014 م معلنين رفضهم لقرار الحكومة التعسفي ومؤكدين استعدادهم لخوض معركة مصيرية مع الحكومة حتى تستجيب لمطالبهم.
وفي سرد توثيقي للاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضد الجرعة وحكومة “باسندوة” كانت الحكومة تغض الطرف عن كل ما يدور في الشارع من امتعاض حول هذه القرارات التعسفية ليأتي السيد عبد الملك الحوثي بعد ذلك بخطاب تاريخي عشية الثالث عشر من شهر أغسطس داعياً كل جماهير الشعب اليمني للخروج الكبير في ثورة شعبية ثانية بهدف إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، معلقاً الأمل على كل الأحرار والشرفاء داخل المؤسسة العسكرية والأمنية أن يكونوا جنباً إلى جنب مع شعبهم في مطالبه المشروعة والمحقة والعادلة وناصحاً الجهات المعنية أن تتعاطى بمسؤولية وبعقلانية وأن لا تتورط في جرائم دموية مثل جريمة جمعة الكرامة.
في لوحة شعبية فريدة عكسها اليمنيون مع انتهاء الخمسة الأيام للمهلة التي حددها السيد عبد الملك الحوثي أدى الآلاف من المواطنين صلاة الجمعة 22 أغسطس 2014 في شارع المطار حيث أم الحشود مفتي تعز العلامة سهل بن عقيل الشافعي وهي رسالة إلى السلطة بأن الشعب اليمني بكافة شرائحه ومكوناته يقفون خلف المطالب الثلاثة العادلة وأن لا تراجع عنها.
جسدت الثورة ملحمة وطنية بالالتفاف الشعبي نحو أهدافها ومطالبها وتقاطرت حشود الشعب من كل المحافظات تلبية للنداء وتأكيدا للمضي بالخيارات الثورية نحو تحقيق الارادة الشعبية التي لا تنكسر.
فهبت من صعدة وعمران والمحويت والضالع وشبوة وذمار وإب وغيرها من محافظات الجمهورية لتشارك في ساحات الاعتصامات وتصطف الى جانب الثوار ، وكانت الفعاليات الثورية تستمر يوميا بزخم شعبي وارادة وطنية في تحقيق المطالب ، حيث كانت ترتفع هتافات الثوار في العاصمة بصوت واحد يؤكد اصرار الشعب في المضي نحو “اسقاط الجرعة وحكومة الوفاق وتنفيذ مخرجات الحوار” ، ومن ضمن الفعاليات كانت تخرج مسيرات حاشدة من ساحة الاعتصام بالجراف وتنطلق في شوارع العاصمة صنعاء تحت شعار ثوري يعكس حجم التطلعات والأمال التي يطمح اليها الشعب في التحرر ونيل الكرامة الوطنية وازاحة قوى الفساد والعابثين بمقدرات ومكتسبات الشعب وثروته ، كما شهدت المدن والمحافظات اليمنية مسيرات متواصلة من جميع أطياف الشعب.
وفي هذه الأثناء بدأت القبائل اليمنية بالاعتصام سلمياً واستحداث ساحات ثورية لأول مرة على مداخل أمانة العاصمة معلنين استمرارهم في الساحات حتى تحقيق كافة مطالبهم ، وعلى قارعة الطريق نصب الثوار خيامهم حيث لم يقطعوا طريقاً ولم يمنعوا مسافراً من المرور ، ولازال سجل الثورة يؤرخ أيام الاحتجاجات والاعتصامات الشعبية التي اقيمت في مداخل العاصمة صنعاء في بيت نعم بمديرية همدان وشارع الرسول الأعظم بمنطقة حزيز ومديرية بني الحارث والصباحة بمنطقة عصر بالإضافة الى ساحة الاعتصام الرئيسية في منطقة الجراف شارع المطار.
ولغرض تخويف الثوار أقدم الطيران الحربي لنظام هادي يوم 20 أغسطس 2014 على التحليق في ساحات الاعتصام للقبائل على مداخل العاصمة في منطقة الصباحة وشارع الرسول الأعظم ومديرية همدان حيث حلق الطيران على علو منخفض عدة مرات.
وكان خروج الشعب في الساحات إيذاناً بالدخول في معركة التحرر الوطني بكافة أبعادها ولوازمها وضغط على السلطة للتراجع عن قراراتها التعسفية لكن الحكومة واصلت التعنت مستعينة هذه المرة بالخارج وتحديداً مجلس الأمن الذي سارع عشية الجمعة 29 أغسطس لإصدار بيان دعا فيه أنصار الله لسحب قواتهم من عمران ونبذ ما سماه العنف ووقف جميع أعمال القتال ضد الحكومة وتفكيك نقاط التفتيش التي أقاموها في صنعاء وحولها وهو ما لاقى انتقادات واسعة من قبل الشعب ومن قبل أنصار الله حيث اعتبر المجلس السياسي لأنصار الله أن البيان غير بريء وهو محاولة لخلط الأوراق وتأزيم للوضع في اليمن.
وتتوالى الأحداث، ليطل السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مرة أخرى في خطاب متلفز مساء الأحد 31 أغسطس معلناً فيه عن بدء المرحلة الثالثة من التصعيد الثوري ومفنداً المزاعم والشائعات بشأن موقف أنصار الله من الجرعة السعرية وبخصوص بيان مجلس الأمن ومواقف الدول العشر ودول الجوار.
قوافل الدعم تصنع الانتصار
أسهمت قوافلُ الدعم والإسناد الشعبي والجماهيري التي تدفَّقت على ساحات ومُخَيـَّـمات الاعتصام داخل وعلى مداخل العاصمة صنعاء في صنع الانتصار ونجاح الثورة، حيث شكلت أحد أبرز عوامل دعم صمود وثبات الثوار الأَحرَار ورفع روحهم المعنوية وتحفيزهم على المضي في حراكهم الثوري حتى تتحقق أهداف الثورة على أرض الواقع.
تلاحم شعبي منقطع النظير رغم الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة والأزمات الخانقة التي حاصرت بها الحكومة أَبْنَـاء الشعب، حيث تغلب أَبْنَـاء الشعب على هذه الظروف وجادوا بالغالي والنفيس؛ مِنْ أَجْـلِ تحقيق مطالبهم وحقهم في العيش بكرامة وحرية وعدالة اجتماعية وأمن واستقرار وطمأنينة.. قوافِـلُ العَون والمدد كانت وبحق شريكةً في انتصار الثورة التي لم ترهنُ قراراتها ومطالبها لهذه الدولة أو تلك، ولم تتاجر بمطالب الشعب كما صنع أدعياء الثورة في 2011م، ولذلك جاء الانتصار المصحوب بالزخم الثوري الشعبي العارم غيرَ الخاضع للولاء الحزبي أو المرتهن للمصالح الخاصة، فكان الانتصارُ عظيماً وشعر الجميعُ بالشراكة في صُنعه وهم يدركون اليومَ ضرورةَ الحفاظ على هذه الشراكة؛ مِنْ أَجْـلِ الحفاظ على هذا الانتصار وإفشال كـُـلّ المخطَّطات التي تسعى لإجهاضه والانقلاب عليه، عطاءُ الشعب وتضحيات الثوار الأَحرَار المشفوعة بدعم ومساندة ناصر المظلومين والمستضعفين جُلَّ في علاه جعلت الانتصارُ مجسَّداً ونابعاً من الإرادة الشعبية والأرض الـيَـمَـنية بعيداً عن العمالة والارتزاق والارتهان والمتاجَرة الرخيصة، ولهذا كانت الثورةُ خاليةً من الوصاية ومحميةً من السرقة ومحصَّنةً ضد الاستغلال.
شهداء الثورة ودور المستضعفين كركيزة أساسية للثورة
أراده وعزيمه الشعوب هي السلطة الحقيقية وهي الصانع الأساسي لنهضة البلدان وتحقق الانجازات في مسار النهوض الوطني الذي يتطلع إليه الشعب.
والثورة هي المنطلق الأول للإرادة الشعبية ولا يمكن تجاهل إرادة الشعب أو الاستهانه بها كما أكدت ذلك ثورة “21سبتمبر” بأن الشعوب هي صانعة الخيارات والانجازات والانتصارات لمطالبها العادلة حيث لا تتحقق الإرادة الا من خلال المستضعفين والبسطاء وجماهير الشعب بكل مكوناته حين ينصهر في بوتقة واحدة من اجل قضيته العادلة وتشق طريق النصر لتحقيق المطالب تجاه ذلك ، وتجلى هذا في توافد مئات آلاف من عموم المحافظات الى العاصمة صنعاء ليصنعوا تاريخا جديداً ودولة تحقق لهم العدالة والمساواة بعد طفش العيش من الأزمات والحروب التي ظلت تفتعلها القوى النافذة في البلاد.
خرج ابناء الشعب من “الشعث الغبر” حاملين معاولهم بايديهم من أجل الانتصار لثورتهم وفي حدقات اعينهم مستقبل أفضل ونهوض تنموي وعدالة اجتماعية في ثورة يقودها المستضعفون من البسطاء الكادحين والمواطنين العاديين فلم تكن ثورة بمقاييس النخبة السلطوية والبرجوازية المستمدة قوتها وجبروتها من منظومة الحكم والأحزاب ودعم دول الخارج لوجستيا وبيروقراطيا .
مئات آلاف من صعدة وعمران والمحويت والجوف والحديدة وغيرها من المحافظات انضموا في مخيمات اعتصام ويجمعهم أمل واحد تحقيق ارادتهم مهما كان ثمن ذلك ولو التضحية بأرواحهم فداء وحبا للوطن ، اذ شكلت هذه الظاهرة الفريدة حالة استنفار لدى النخب العاجزة عن صناعة تحولات في المشهد رغم استمرارها لسنوات في التنظير الأخرق.
وتتويجا لمسيرة نضال حافلة بتضحيات زاخرة بصناعة التحولات التاريخية كالذي نعايشه الآن داخل وطن الحكمة والإيمان استطاع الشعب ان يحقق نجاحاً كبيراً منذ 21سبتمبر تمثل في إسقاط اكبر رموز الفساد وهم من حاولوا أعاقة محاولات التغيير الضرورية التي خرجت قبل 21 سبتمبر وبهذا التحول الكبير استطاعت الثورة ان تحقق أهدافها , لتمشي قدما نحو يمن جديد ينعم أبناؤه بالعيش الكريم .وبتشكيل اللجان الشعبية كخطوة لحفظ الأمن وناتجه من الوعي السياسي للتحرك الثوري , التحرك بحد ذاته كان أداه لصد أي تدخل خارجي في شؤون البلد متمثلا في مصداقية وعزيمة الثوار, تجسدت في هذه الثورة المعنى الحقيقي والهادف الى تغيير جاد وواضح وملموس في الواقع .نجاح الثورة يتمثل في صوت الشعب لانه المسؤول عما يحدث وهو حريص على نفسه ووطنه ,لا يمكن أن يترك فراغا ليكون للخارج وصاية عليه.
انزلقت حكومة الوفاق نحو العنف ولم تستجب لمطالب الشعب وقتلت المتظاهرين في ساحة المطار وبعدها في ساحة رئاسة الوزراء أدت الى مقتل 12 متظاهر وجرح العشرات ، حيث أقدمت الحكومة والحرس الرئاسي ومليشيات الإصلاح على الاعتداء على المتظاهرين في ساحة الاعتصام بمنطقة الجراف خط المطار وقتلت 2 من التظاهرين ، وبعدها بيومين خلال مسيرة للثوار الى ساحة رئاسة الوزراء اطلقت القوات الحكومية النار على المحتجين ما أدى إلى سقوط 10 متظاهرين.
واستمرت الحكومة في المراوغة والاستهتار بمطالب الشعب وأمعنت في سفك دماء المتظاهرين متجاهله الاحتقان الشعبي المستمر ضدها وعمدت إلى قتل المتظاهرين واستخدام الجماعات التكفيرية في الاعتداء على المسيرات ، وكانت هذه هي الشرارة الأولى بسقوط اول شهيد في ساحة الاعتصام بالجراف وما تسبب في تأجييج الشارع اليمني وعجلت من التحرك نحو إسقاط الحكومة الدموية .
لقد كانت دماء الشهداء الذين سقطوا أمام ساحة رئاسة الوزراء وقود لثورة المستضعفين وبركان حمم ضد همجية القوى والعصابات الفاسدة التي تهيمن على السلطة ومع مطالب الثوار بتسليم القتلة والمجرمين تجاهلت الحكومة وقوى النفوذ وزادت في تماديها بالاعتداء على المواطنين.
وتصاعدت وتيرة الأحداث وبشكل متسارع وبدأت قوات علي محسن الأحمر مباشرة بعد حادثة رئاسة الوزراء بالاعتداء على المواطنين وإطلاق القذائف العشوائية في صنعاء ما أدى إلى استشهاد عدد منهم وإصابة آخرين ما دفع اللجان الشعبية للتصدي لهذا الإجرام والدخول في مواجهة مسلحة مع قوات علي محسن وتمكنت اللجان من السيطرة على الفرقة أولى مدرع ، وتعاملت الثورة مع الآخرين بصفاء ونقاء دون انتقام حيث قال السيد في خطاب الانتصار إن ثورة 21 سبتمبر تنشد أحسن وأطيب العلاقات مع كل الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها دول الجوار، كما حذر من خطورة القاعدة والتي هي صنيعة استخباراتية للأجنبي وتلعب دوراً سلبياً في تدمير الشعوب العربية والإسلامية.
انجازات الانتصار
ثورة الـ21 من سبتمبر أنجزت فعلاً ثورياً هاماً بإسقاطها العديد من المشاريع التي كانت قوى داخلية وخارجية تعتزم تنفيذها على أرض الواقع، ومن ذلك مشروع أخونة الدولة الـيَـمَـنية ومشروع الوصاية عَلى الـيَـمَـن، ومشاريع الاستغلال للثروة والسلطة لحساب مصالح قوى نافذة في السلطة والجيش.
هذه الثورة التي أعادت التوازن للمشهد السياسي الـيَـمَـني ووضعت النقاط على الحروف في ما يتعلق بإدارة شؤون البلاد تواجه اليوم مؤامرات ومخططات شريرة مسنودة بالقوى الخارجية من قبل تلك القوى التي رأت فيها ضربة موجعة لها، ونهاية لمشاريعها وأهدافها وأجندتها الخَاصَّة، حيث تسعى هذه القوى للنيل من الثورة من خلال إطالة أمد الفوضى الأمنية والدفع بالأوضاع الاقتصادية نحو الانهيار واستمرار الاعتداء على أبراج وخطوط نقل الكهرباء وأنابيب النفط والغاز واللعب بورقة القاعدة والعناصر الإجرامية، محملة الثورة والثوار أسباب التدهور الاقتصادي والمعيشي والانفلات الأمني، في مغالطة مفضوحة، خصوصاً أن الجميع يدركون جيداً كيف كانت الأوضاعُ قبلَ 21 سبتمبر 2014م، وكيف أضحت بعد ذلك ولا يحتاج الأمر إلى براهين، فالواقع خير برهان وستبوء مخططات وأهداف تلك القوى المتربصة بالثورة ومكتسباتها بالفشل وسينتصر الشعب والوطن.
ومن انجازاتها على المستوى الوطني تطهير المؤسسات الحكومية من الفساد والعبث بالمال العام وسارعت قوى الثورة لفرض إجراءات رقابية في أجهزة الدولة لمنع الطريق على عصابات اللصوص وحكومة الفساد والقوى النافذة نهب أموال الشعب وتهريبها الى الخارج حيث حاولت تلك الأطراف التي أسقطتها الثورة تهريب مليارات الريالات الى خارج البلاد كما سارعت اللجان الثورية الى اجتثاث بؤر الفساد وتشكيل لجان رقابية وثورية تقوم بمراقبة الأداء ومكافحة الفساد الذي تغرق فيه الدولة ، ولها الفضل في كشف عشرات آلاف من الوظائف الوهمية في الجيش والتي كانت تعبث بها القوى النافذة على رأسهم الجنرال الفار على محسن والقيادات العسكرية المحسوبة على حزب الإصلاح.
ومن أهم الانجازات الوطنية التي قدمتها ثورة “21 سبتمبر” مكافحة عناصر القاعدة والجماعات التفكيرية التي انتشرت في عدد من المناطق مثل البيضاء وإب والحديدة ولحج وأبين وعدن وشبوة ومأرب والجوف والمناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء مثل أرحب وضبط الخلايا والعصابات الإرهابية والقبض على العناصر الإجرامية وضبط مصانع وورش تجهيز العبوات والاحزمة الناسفة والمفخخات في عدد من المحافظات ، وتمكنت اللجان الشعبية من تطهير البلاد من اوكار ومعاقل تلك الجماعات الإرهابية التي كانت تتخذ منها منطلقاً لتنفيذ الجرائم الإرهابية ضد المواطنين. كما انها طهرت الطرقات الرئيسية من عصابات وقطاع الطرق والتي كانت تشكل تهديداً لحياة المواطنين
بناء الدولة العادلة
تجتمع رؤى المراقبين والخبراء في الاستراتيجيات على أن نجاح ثورة 21 سبتمبر وسقوط قوى النفوذ التي كانت مسيطرة على المشهد السياسي والميداني حقق منجزات عديدة منها إسقاط مشروع التفتيت والتدمير والتمزيق او ما يسمى بالفوضى الخلاقة التي جاءت محمولة على احتجاجات الشباب التي اندلعت في 11 فبراير 2011م واتضح لاحقا ان الخارج عبر ركوبه موجة هذه الثورة عازم على تقسيم اليمن الى عدة أجزاء بوسائل عديدة ابرزها : تغذية الكراهية واستحضار الورقة المذهبية والطائفية والحديث عن سنة وشيعة في محاولة لنقل المشهد العراقي الى اليمن ، بالإضافة إلى اعتماد الستة أقاليم بشكل غير شرعي ومحاولة الصاقها بالحوار الوطني وهي معروفة انها مقترح امريكي سعودي سيتطور لاحقا بعد افتعال فتن وحروب ومشاكل الى دويلات بأسس جهوية ومذهبية تضمن استمرارية الصراع وتغذيته ، وكذا هيكلة الجيش والتي كانت تعني اضعافه بطريقتين الأولى عبر استبعاد كل العناصر الوطنية واستبدالهم بعناصر طائفية وعنصرية أو قريبة من السفارات بالإضافة الى بروز عامل الاستهداف المنظم للجيش من قبل ما يسمى تنظيم القاعدة بطريقة مريبة فهم منها الشارع اليمني انها منظمة ومدروسة هدفها تدمير معنويات الجيش وتصفيته وافقاده الثقة في نفسه وبالتالي ثقة الشعب فيه بمقابل إفساح المجال امام القاعدة وتضخيمها وإظهار قوتها وبشاعتها تمهيدا بكل تأكيد لإفساح المجال امامها للقيام بذات الدور الذي تمارسه في سوريا والعراق وليبيا ، أيضا أمريكا كانت تنظر لليمن من زاوية أخرى تنظر إليه كبلد ذي كثافة سكانية يمكن تحويله عبر الاستثمار المدروس الى خزان بشري لإنتاج واستيراد وتصدير العناصر المتطرفة فعمد الخارج الى الضغط على نظام صنعاء لانزال أقسى جرعة سعرية عرفتها اليمن كان من شأنها ان تحول غالبية اليمنيين الى ما تحت خط الفقر .
مكاسب ثورة 21 سبتمبر
ثورة 21 سبتمبر التي تصدرها أنصار الله عطلت عمليا الوصاية الإقليمية على اليمن عندما تم تجاوز المبادرة الخليجية التي جاءت محمولة على قرارات مجلس الأمن وما يسمى بالفصل السابع الذي كان الغرض منه حماية نظام المبادرة الخليجية ومعاقبة أي قوة سياسية تقوض هذا النظام الذي يريد الخارج من خلاله وعبره تمزيق اليمن وتجزئته ونشر الفوضى والحروب فيه .
انتصار ثورة 21 سبتمبر وسقوط حكومة المقاسمة التي تنص عليها المبادرة الخليجية سقطت عمليا القدرة الكاملة الأمريكية الإقليمية لتجزئة اليمن وتدمير شعبه بواسطة رعاية الفساد والفلتان الأمني وتغذية الصراعات والاغتيالات وغيرها ولم يستطع الفصل السابع ولا مجلس الأمن أو أمريكا حماية حكومة التحاصص التي عصفت بها ثورة 21 سبتمبر وجاءت على انقاضه بوثيقة السلم والشراكة التي تنص على تشكيل حكومة كفاءات وشراكة وطنية بالإضافة الى محاربة الفساد واستعادة موارد البلاد من ايدي العابثين والناهبين ، كما انها حدت من التدخلات الخارجية وان لم يكن بشكل كامل في هذه المرحلة ولكن بشكل كبير وعمليا يعجز الخارج عن تنفيذ أجنداته وتدخلاته كما كان عليه من قبل هذه الثورة.
الإعلان الدستوري كان الإعلان الدستوري حدثا سياسيا تاريخيا في مسار اليمن وفي هذه اللحظات التاريخية حرصت الثورة على مشاركة الجميع وعدم إقصاء أحد وهذه ميّزة لا تتوفر واقعا عند الآخرين ونجاح الثورة على المستوى الشعبي وتحقيق الإرادة الشعبية وإعادة السلطة للشعب ليكون هو المتحكم بزمام الأمور فمدت الثورة يدها للجميع الأطراف الذين لم يتورطوا في دماء الشعب ولم يرتكبوا جريمة في حق المال العام لمشاركة الجميع في بناء اليمن .
واتى الإعلان الدستوري ليحسم خيارات عديدة كانت تستغل لتضييع الوقت لذلك أتت خطوة الإعلان الدستوري لتحسم المسارات الي مسار عام الجميع متوافق عليه لولا المكايدات السياسية وحدد الإعلان مسارا واحدا ليس فيه إقصاء لأي طرف ولازالت فيه مساحة واسعة للشراكة والنهوض بالمسئولية بعيدا عن المكايدات السياسة .
وكما أكدت قيادة الثورة ان يد الشراكة ممدودة لكل من يريد ان يساهم في بناء الوطن وعلي جميع القوي في الداخل والخارج ان تطمئن بان الثورة لم ولن تستهدف أي طرف وستعمل علي تعزيز الوحدة الوطنية بين كل ابناء الشعب اليمني بكل أطيافه وان تعمل علي بناء علاقات متينة مع كل دول العالم علي اساس الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول ومصالحها.