الى الاخوة الجنوبيين لماذا ذهب انصار الله الى الجنوب؟
الى الاخوة الجنوبيين (1) لماذا ذهب انصار الله الى الجنوب؟
محمد البخيتي
هل تتذكرون ماذا كان الاعلام السعودي و القطري و الاماراتي و الاخواني و السلفي يسمي سيطرة داعش على الموصل و تكريت و الفلوجة و اجزاء من محافظة ديالي و كركوك في يونيو عام 2014؟
كانوا يسمونها ثورة العشائر السنية ضد الحكومة الشيعية الصفوية الفارسية الرافضية الموالية لإيران. و كان اعلامهم يستضيف علماء دين وشيوخ قبائل و سياسيين ليدافعوا عن تلك الثورة المزعومة و ينكرون وجود داعش و اذا ما اضطر احدهم للاعتراف بوجود داعش فانه يقلل من شأنها و يؤكد ان من يسيطر على الارض هم الثوار العشائر. وكانت قطر و السعودية و تركيا تدعم بسخاء ثورة العشائر اعلاميا و ماليا و بالسلاح.
و لتذكير انقل لكم بعض التصريحات التي كانت تنكر وجود داعش و التي كان يزخر بها الاعلام الموالي للسعودية وقطر و الامارات. في لقاء على صحيفة الشرق الاوسط مع علي حاتم السليمان رئيس ما يسمى بمجلس ثوار العشائر في 17 يونيو 2014 قال: ثوار العشائر هم من يسيطرون على الموقف في الموصل، لأنه من غير المعقول أن يقوم (داعش) بعدد قليل من الأفراد وسيارات بسيطة بالسيطرة على مدينة كبيرة كالموصل، التي يوجد فيها ضباط الجيش السابق وأصحاب الكفاءات، بالتالي هي ثورة العشائر، لكن الحكومة في أي مكان توجد فيها المعارضة تحاول أن تلبسنا ثوب الإرهاب و(داعش)
و صرح الشيخ رافع الرفاعي مفتي العراق:( أن ما جرى في الموصل وتكريت ليس سيطرة “داعش” على الإطلاق، وإنما ثوار العشائر الذي قرروا تحرير هذه المناطق من سيطرة الطاغية نوري المالكي، وقال أن هؤلاء الثوار لن يسكتوا بعد الآن على ظلم حكومة المالكي، لافتا إلى أن هناك تحركات واسعة من كل الثوار للسيطرة على المزيد من المناطق وطرد جيش المالكي الطائفي. وأكد الرفاعي رفضه لوجود الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” موضحا أن إقحام “داعش” في كل شيء، هو شماعة يعلق عليها السياسيون العراقيون فشلهم في تحقيق الأمن، إضافة إلى أنها باتت مبررا للانقضاض على السنة في الأنبار وغيرها من المناطق الأخرى.)
اليس هذا هو نفس المنطق الذي يستخدم اليوم لانكار وجود القاعدة وداعش في اوساط المليشيات التي تسمي نفسها المقاومة؟
هل تعرفون ماذا فعل داعش في العراق؟ لقد ركب موجة ثورة العشائر و توارى في البداية عن الانظار و سمح لما يسمى بالمجلس العسكري و مجلس ثوار العشائر ان يظهرا كواجهة للحكم امام وسائل الاعلام حيث عين المجلس العسكري اللواء أزهر العبيدي محافظاً لنينوى بينما ركز جهوده على الاستيلاء على البنوك و السلاح و تثبيت نفسه على الارض من خلال استقطاب الشباب و التخلص من المتعاونين و المتواطئين معه واحدا تلوا الاخر حتى سيطر على كل تلك المحافظات التي روج الاعلام يومها انها تحررت من حكومة المالكي الشيعية. وكانت اشهر جريمة ارتكبها هي ابادة عشيرة بنو نمر عن بكرة ابيها التي كانت اول العشائر المسانده له.
ألا يذكركم ذلك بسيطرة ما يسمى بحلف قبائل حضرموت على المكلا و نهب البنوك و تشكيل المجلس الاهلي الحضرمي كغطاء للقاعدة و داعش؟ الا يذكركم ذلك بما يحصل في عدن من سيطرة القاعدة على الارض و نهبها للسلاح و البنوك و تعيين محافظ جديد لذر الرماد على العيون؟
لننتقل الان الى القضية السورية.
الم تدعم كلا من السعودية و قطر و الامارات و تركيا ما سمي بالجيش الحر ضد النظام السوري باعتباره نظام شيعي عميل لايران و كانت تنكر بقوة وجود القاعدة و داعش في صفوف من يسمون انفسهم بالثوار؟
ما الذي حصل بعد ذلك؟ استغل داعش حالة التشويش على وعي المواطن السوري الذي سببه الشحن الطائفي المنفلت للإعلام الخليجي و الاخواني و السلفي و بدأ يثبت نفسه على الارض وفق رؤية اكثر تطرفا و عنفا على حساب الجيش الحر الذي بات الان على وشك الانقراض.
عندما اعلن تنظيم داعش عن نواياه الحقيقية في السيطرة على العالم الاسلامي و بدأ ينفذ عمليات خارج الحدود التي رسمت له استشعرت الدول الداعمة له بخطره و قررت السعودية و الامارات المشاركة في تحالف دولي لضربه في كلا من العراق و سوريا بينما رفضت كلا من قطر و تركيا. و بعد تبني داعش لتفجير مدينة سروتش التركية الذي راح ضحيته اكثر من 30 قتيل اضطرت تركيا للانضمام للتحالف الدولي ضد داعش و عما قريب ستنضم قطر.
و النتيجة ان تركيا و الدول الخليجية اصبحت في حالة عداء ليس فقط مع حكومتي سوريا و العراق و انما في حالة عداء مع بقية فصائل المعارضة الرئيسية كداعش و النصرة. و سبب حصول ذلك هو ان تدخل تلك الدول و تحالفها مع القوى المتطرفة كان بهدف تصفية حساباتها مع حكومتي العراق و سوريا و لم يكن لديها اي مشروع لا لمصلحة العراق و سوريا و لا لمصلحتها هي. و اتضح ان المستفيد الوحيد من كل تلك النتائج الكارثية هي امريكا و اسرائيل و ان كل ما حصل هو تنفيذ للمشروع الامريكي في المنطقة.
هل لدى تلك الدول مشروع في اليمن؟
من الواضح ان لا مشروع لديها عدى تصفية حساباتها مع انصار الله و محاربة المد الفارسي في اليمن كما زعمت محاربته في كلا من سوريا و العراق. و ما يزيد من خطورة الوضع هو ان لدى السعودية اطماع في منفذ بحري على البحر العربي يمر من حضرموت و لدى الامارات اطماع في السيطرة على ميناء عدن حتى لا ينافس ميناء دبي في المستقبل.
الحراك الجنوبي يحمل قضية عادلة و عليه الحذر حتى لا يقع في الفخ الذي وقعت فيه العشائر العراقية و المعارضة السورية.
الى الاخوة الجنوبيين (2) لماذا ذهب انصار الله الى الجنوب؟
اثناء حروب صعده تعمد علي محسن الاحمر الزج بالوحدات و المقاتلين الجنوبيين في تلك الحروب بشكل كبير من اجل اثارة الكراهية بين الجنوبيين و بين انصار الله لمنع اي تقارب محتمل بين المتضررين من السلطة في المستقبل. حيث كان يتم الزج بالمقاتلين الجنوبيين الى ساحة المعركة دون تدريب من اجل تعريضهم للقتل كما كانت عمليات التنكيل بحق مواطنين صعده توكل للوحدات الجنوبية و التي كانت احد نتائجها قتل السيد حسين بد الدين الحوثي على يد جواس و غيرها من التجاوزات الكبيرة و الخطيرة. و في الحروب التي تلت الحرب السادسة كان الجنوبيين يشكلون العدد الاكبر في جبهة كتاف التي كانت اكبر الجبهات فضلا عن تواجدهم الملفت في بقية الجبهات التي تفرض حصارها على صعده. و لأننا كنا ندرك ابعاد تلك السياسة و ندرك مظلومية الجنوبيين لذلك عاملنا المتورطين في الحرب من الجنوبيين معامله خاصة و مميزه تمثلت في تكريم الاسرى الجنوبيين و اطلاق سراحهم قبل غيرهم و غيرها.
بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر قامت الجماعات التكفيرية ممثلة بداعش و القاعدة بعمليات انتقامية استهدفت المواطنين مما دفعنا لتحرك الى معاقلها الامنة في مختلف المحافظات ما عدى المحافظات الجنوبية مراعين بذلك حساسية التدخل رغم ان تلك الجماعات قد نقلت معظم انشطتها للجنوب. و بعد انتقال هادي من صنعاء الى عدن اعلن عدن عاصمة مؤقته و اعتبر صنعاء عاصمة محتلة و بدأ في استدعاء الخارج و تحالف مع القاعدة و الاصلاح و السلفيين و اعلن الحرب على انصار الله متوعدا برفع العلم الجمهوري في مران. و بدأ بالفعل في انشاء مليشياته الخاصة التي بدأت تهاجم المراكز الامنية و العسكرية و تمارس الذبح على الهوية بحق الجنود و غيرهم. كما تصاعدت العمليات الانتقامية بحق المواطنين الجنوبيين المحسوبين على انصار الله بفعل ركوب القاعدة و الاصلاح و السلفيين لموجة الحراك الجنوبي. و حصل كل ذلك قبل ان تطأ اقدام انصار الله الجنوب.
نستنتج مما سبق ان الجنوب كان حاضرا بقوة في حروب صعده و في حصارها ولكن هذا لم يغير من موقفنا الداعم للجنوبيين و قضيتهم لأننا كنا نعي ان اسباب الصراع سياسية وليست مناطقية و أن الجنوبيين قد تعرضوا للظلم و الاقصاء. و عندما فقد خصومنا السياسيين كل اوراقهم في الشمال الذي كان مسرحا للصراع انتقلوا للجنوب و اعلنوا علينا الحرب من هناك و كنا امام خيارين اما الذهاب لمواجهة هادي و حلفائه من القاعدة و الاصلاح و السلفيين في عدن او الانتظار حتى يسقط الجنوب في يد القاعدة و يأتوا لذبحنا في بيوتنا.
في مثل تلك الظروف كان الخيار الامثل هو التحرك للقضاء على الفتنة في مهدها و بالفعل تحركنا لمواجهة خصومنا السياسيين و التكفيريين الذين نقلوا المعركة للجنوب و بدأت حالة الانهيار في صفوفهم خصوصا بعد اعتقال الصبيحي و فيصل رجب و كادت المعركة تنتهي لولا التدخل العسكري الخارجي.
لقد كانت حساباتنا صحيحة و عادلة لأننا تحركنا ضد خصومنا السياسيين و التكفيريين فقط الذين نقلوا الصراع الى الجنوب. ولأننا و صلنا في اليمن الى مرحلة من التوازن الداخلي تمكنا من بناء الاستقرار اما عبر حل سياسي يستوعب الجميع او عبر الحسم الثوري و تحمل المسئولية امام الشعب في حال رفضت القوى المرتبطة بالخارج الحل حتى لا تستمر حالة عدم الاستقرار. الا ان الخارج كما سبق وعطل الحل السياسي اعاق الحسم الثوري بتدخلة العسكري المباشر.
لم يكتفي الخارج بالتدخل العسكري المباشر بل عمل على اثارة الصراعات الداخلية على كل المستويات معتمدا على امكانياته المالية و الاعلامية الكبيرة و مستغلا الحاجة المادية للشعب و حالة الانقسام السياسي. و هكذا بدأت تتوسع رقعة الصراع و بدأ يأخذ طابعا مناطقيا و مذهبيا واصبح من الواضح ان الخارج قد نجح في تضليل الراي العام خصوصا في الجنوب و ان يذكي الصراع و يزيد من معاناة الناس. نتيجة لذلك و في مرحلة معينة قررنا الانسحاب من الجنوب لأسباب عسكرية و سياسية و انسانية و اعدنا انتشارنا في اتجاه بناء خطوط دفاعية جديدة تتلائم مع الوضع الجديد.
من الواضح الان للجميع ان انسحابنا من الجنوب لم يمنع خصومنا في الداخل و الخارج من استخدام الجنوب كمنطلق لممارسة العدوان علينا كما كان في السابق. و من الواضح ايضا ان القوى الوطنية الجنوبية غير مستعدة لمنع خصومنا في الداخل و الخارج من استخدام الجنوب كمنطلق للعدوان علينا و تعتقد انها مضطرة لتقبل وجود تلك القوى في الجنوب. و بالتالي فأن السؤال الذي كان يفترض طرحه ليس لماذا ذهب انصار الله للجنوب وانما لماذا لم تقم القوى الوطنية الجنوبية بمنع خصومنا من استخدام الجنوب كمنطلق للعدوان علينا و تمنع نقل المعركة للجنوب؟ و اذا لم تكن قادرة على ذلك فلماذا لم تتقبل وجود انصار الله في الجنوب كما تقبلت وجود خصومهم و تبقي نفسها في موقع الحياد؟
و السؤال الذي يطرح نفسه الان هو هل بإستطاعة الحراك الحامل للقضية الجنوبية تحييد الجنوب و منع خصومنا من استخدامه كمنطلق للعدوان علينا في مقابل الانسحاب الكامل من الجنوب؟