بعد أحداث تعز : من الذي سلخنا من ذواتنا وحولنا إلى ذئاب بشرية وذبّاحين؟
أي شخص يبرر لجرائم السحل والقتل والاختطافات والتنكيل بالخصوم المفترضين كما حدث مؤخراً في مدينة تعزاليمنية لايعتبر إنسانا طبيعيا ، إنماصارشخصا يعاني من خلل واضح في ضميره وعقلة ودينه، ولعل أقرب توصيف له أنه غير طبيعي ، ولا يختلف عمن قاموا بجرائم من ذلك النوع غيرالمسبوق في تاريخنا كيمنيين.
ومن يبرر ويزغرد لتلك الانتهاكات المتكررة..إنما هو بحاجة ماسة إلى إنقاذ عاجل يُعاد من خلاله تأهيله كإنسان ، لأنه بحكم الواقع، لم يعد كذلك ،وهو يشرع للسحل وتمزيق الأجساد ، ويفكر بطريقة الضباع وكواسر الغابات والمتنزهات الطبيعية في أفريقيا وغيرها .
الخصومة – يا شيخ المقاومة المخلافي- ليست هكذا أبدا ..واليمنيون ليست هذه سلوكهم وصفاتهم ابدا..
والمقاومة يا شباب المقاومة.. قيم و أخلاق والتعبير عن الحق والمظلومية ليس بالسحل ونهب البيوت وترويع وتهجير الأطفال والنساء وهم حفاة عراة.
والمقاومة – يا شباب ومثقفي تعز – ليست البطش والسلب والانتقام وخطف الناس واقتحام بيوتهم وقتلهم هم وأطفالهم الذين تلاحقهم فوهات تلك البنادقك والسكاكين التي لا ترحم أحدا ولا تفرق بين كبير وصغير ،مجرم وبريء ، تماما كما حصل لأحد عُقّال الحارات في بير باشا مؤخرا ..
والمظلوم- يا شيوخ وأمراء المقاومة – يعبر عن مشروعه وزهو ومشاعرإنتصاراته بطرق جذّابة، كذلك النموذج الراقي الذي يجعل الآخرين ينضمون إليه ويتعاطفون معه ويؤكدون حقه في الإنتصار لمظلوميته ومنحه المشروعية والجرعات المعنوية اللازمة لمواصلة السير في دروب الكرامة والحق واستعادة الأمن والسلام والطمأنينة ..
سجلوا عندكم إن هذه إنتكاسة جديدة ومدوية تصيب تعايشنا وتاريخنا ومستقبلنا ومشروع استعادة دولتنا وتطهير مجتمعنا من آفة الإرهاب والفوضى والتفكك والمتاجرة بالوطنية ودماء الناس .
سجلوا عندكم إن هذا خريف طويل جدا سندخله تتساقط فيه القيم والثوابت كما تتساقط أوراق الخريف وأوراق الأشجار في شوارع مدن الثلج والصقيع..
سجلوا عندكم إن هذا زمهرير جديد من المسافة التي تباعد بين أسفارنا وتفصلنا عن ذواتنا وكأنها المسافة الفاصلة بين الأرض والسماء ..
سجلوا في أعلى الصفحة أن الذي جرى ويجري في مدينة تعز فاجعة مركبة وطامة مضافة للطامات الكبرى التي وقعت فوق رؤسنا في هذا البلد والمنطقة التي غدت مكدسة بالأحقاد والأفكار المعفنة والظلامية ..
سجلوا عندكم إننا ننسلخ من وطنيتنا وعروبتنا وديننا كما ينسلخ جلد الأفعى وكما يسلخ الجزار الشاه عن جسدها ..
سجلوا عندكم إننا لم نعد حميريين ولا سبئيين ولا معينيين ولا رسوليين ولا فاتحين ولاأشعريين ولا أصحاب حكمة ورأي ومشورة وقلوب رقيقة وأفئدة لينة.
سجلوا عندكم إننا اليوم لم نعد محتكرين لميزة المصدر الأول للعروبة ولا منبعها الصافي ،الذي طالما قدمنا كرسل محبة وسلام ونجدة ونخوة ومرؤة وشجاعة نحمل أخلاق وسمات الفرسان النبلاء..
سجلوا عندكم إن السعودية وإيران حولتنا لأسود غابات وقُطّاع طرق وفصائل متناحرة ومجموعات من النهابة والقتلة والذباحين والمرتزقة يستبيحون كل شيء من الشام إلى العراق إلى اليمن إلى ليبيا ومصر وغيرها .
سجلوا عندكم إن لعنة إيران وثورتها وشعاراتها الفارغة وفتاوى السعوديين وعللهم قد اصابتنا في مقتل وزرعت في أوساطنا فيروسات التجهيل وسموم العصور كلها وردات الفعل الفاقدة للبوصلة والحكمة والرؤياء..
سجلوا عندكم إننا اليوم نقدم مشهدا دمويا حيوانيا جديدا وغريبا على ثقافتنا وديننا وأخلاقنا وسلوكنا، كل جزئياته صادمة للجنس البشري وللوعي والمنطق.
سجلوا عندكم ان هذا سقوطا مدويا نضيفة لقائمة طويلة من السقطات الحرة التي نفذناها طوال سنوات عجاف من الرخاوة والانحطاط والإبتذال والوحشية.
سجلوا عندكم إن هذه خسارة جديدة ليمنيتنا وتعايشنا وأحلامنا ولشيء اسمه مقاومة وشرعية ومظلومية وتحرير وأمل.
رجاء سجلوا هذا الفصل من الضياع والسقطة الكبرى التي ستقودنا لمزيد من السقطات وجنون الجنون وعدوانية العدوانية وبطش البطش وتفسخ التفسخ..
سجلوا عندكم إن سحل الناس في تعز وعدن وغيرها،و بتلك الطريقة القذرة يذكرنا بهولاكو وجنوده الذين اقتحموا بغداد سنة (656هـ = 1258م). وذبحوا أبناءها وسبوا نساءها ونهبوا ممتلكات ساكنيها وطافوابالخليفة العباسي السابع والثلاثون ( عبدالله المستعصم بالله) في الشوارع وهم يرفسونه تحت أقدامهم ويسحبونه خلف أحصنتهم ، فقط ، تقديرا وإكراما له كخليفة وإمبراطور، حيثُ كانت التقاليد المغولية تمنع قتل الملوك في الحواضر التي يفتحونها ،كبقية الناس وإنما بطريقة أخرى لعلها أكثر إذلالا ووحشية وانحطاطا.
تماما كما يجري اليوم من سحل لمن يسمونهم بالقيادات والضباط ( الحوافيش) تكرسه تباعا ثقافة المنتصر على العقل والمنطق والمحبة ونوازع الخير في النفس الإنسانية، لمصلحة الشر والهمجية والأحزان وزيادة نزف العيون والقلوب والإنسانية ، وكل معاني
ومشاهد الاستمتاع بلحظات تشقق أفئدة الأمهات ،والضعفاء والابرياء والمقهورين في مذابح مايسمى زورا بالمقاومة والثورة ومصطلحات التحرير والحرية والعروبة الجديدة
عبدالكريم المدي