هل اجتاح كورونا حضرموت مطلع القرن ال13 م ؟
تعز نيوز- تقارير
الكوارث الطبيعية ورد ذكرها في القرآن الكريم في مواضع كثيرة ومتعددة , وهي مسخرة بأمر ربها ومختلفة الكيفية , فقد تأتي على شكل جفاف أو غلاء أو أمراض وأوبئة , وتأتي أحيانا على شكل أعاصير وسيول وفيضانات مدمرة أو على شكل صواعق تصرع الناس أو زلازل لا تبقي ولا تذر وتجعل عاليها سافلها , أو غيرها من العقوبات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل .
عقوبة الخطايا
وهذه الكوارث الطبيعية بأنواعها المتعددة المعروفة وغير المعروفة تأتي عقوبة لمن كفر بآيات الله ولقاء ربه , ولا تأتي إلا إذا غرق الناس في خطاياهم وأصروا على فجورهم وعصيانهم , وكل ما قدره الله علينا لا يكون إلا بذنوبنا التي نتمادى في إتيانها قال تعالي )وإذا أردنا أن نهلك أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) .
تذكرة وعبرة
وقد تأتي هذه الكوارث أحيانا تذكرة وعبرة لأولي الألباب قال تعالي (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق ).
تأثيرات متعددة
واليمن على مر التاريخ تعرضت للعديد من تلك الكوارث الطبيعية وكان لها تأثير كبير على التاريخ الحضاري اليمني في جميع جوانبه المختلفة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو عمرانية فقد تسببت في قتل أعداد كبيرة من السكان ودمرت كثيرا من الصروح العمرانية وأصبحت ركاما وأكواما من الحجارة ومات تحت انقاضها خلق كثير وفتكت بإعداد كبيرة من الثروة الحيوانية ودمرت الثروة الزراعية وساهمت في ارتفاع الأسعار . ومن تلك الكوارث الأمطار والسيول الجارفة والأوبئة التي تعرضت لها اليمن في فترة زمنية محددة .
سيول سنحان
رصدت المصادر التاريخية كثيرا من السيول التي تعرضت لها اليمن وذكرت المناطق التي تأثرت بها لكنها لم توضح حجم الأضرار التي أحدثتها ومن تلك السيول تعرض مدينة صنعاء سنة 1205م لسيل كبير لم ير مثله من قبل فقد هطلت امطار غزيرة على بلاد سنحان القريبة من صنعاء , ثم اتى بعد ذلك سيل جارف فقدم مدينة صنعاء قبل صلاة المغرب فحطم سور مدينة صنعاء من أساسه وماج في جوانبها المختلفة كالبحر المتلاطم وبلغ ارتفاع الماء إلى أن غطى القائم من الناس .
وأرتجت مدينة صنعاء وامتلا اهلها خوفا ورعبا من شدة هذا السيل وأتلف كثير من الأموال والأمتعة والممتلكات ودمر كثير من الدور والمنازل والحوانيت التجارية وأهلك خلقا كثيرا من الناس والبهائم .
خراب قري
وفيما ذكر بكتاب (غاية الأماني في أخبار القطر اليماني) لمؤلفه يحيى بن الحسين بن القاسم ( ولقد أخرب ذلك السيل جميع الدور المعمورة في جانبى السائلة شرقا وغربا , واهلك ما فيها من نفوس واموال , ولما وصل الخندق القبلي لم تسعه المخارج فماج في الجانبين كالبحر المتلاطم , واخرب قرية بنى غانم ومساكن بنى الطماح وغربى السائلة على من فيها وهلك عالم من الناس والدواب ) .
سيول اليوم
فما حدث قبل أكثر من ثمانمائة عام من سيول لصنعاء نراها اليوم وان اختلفت مساكن صنعاء واستحدثت قنوات لتصريف تلك السيول مما قلل من الكارثة والضحايا لتلك السيول والتي جاءت من نفس المنطقة سنحان .
اشد الأمراض
فيما تعرضت اليمن أيضا لعدد من الأمراض والأوبئة في سنوات مختلفة , وكان وباء الطاعون من أشد هذه الأمراض فقد قضى على العنصر البشري والحيواني على حد سواء وتسب من اضطراب الكثافة السكانية وتأثرت به نواح كثيرة من اليمن ونتج عنه أضرار مادية وبشرية .
مناطق متعددة
واشارت مصادر تاريخية لتلك الأمراض والأوبئة في اليمن لكنها لم تعطى ارقاما لعدد الضحايا من الناس ويتضح من خلال تلك المعلومات أن الأمراض كانت شديدة وأودت بعدد كبير من الناس والدواب وعمت مناطق متعددة في بعض الأحيان .
فقد ذكرت بعض المصادر ( كابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ ) ان مصر والشام والحجاز واليمن تعرضت لوباء شديد في سنة 1056 م , إلا انها لم تحدد الأضرار المادية والبشرية التي لحقت اليمن من جراء هذا الوباء .
وباء الطاعون
وفي سنة 1191م حدث مرض بحضرموت مات فيه جمع من الناس , وفي سنة 1201م حدث وباء الطاعون في المناطق الشمالية من اليمن ومات كثير من الناس وخلت قرى من سكانها وأصبحت ماشيتهم لا مالك لها .
وبنفس العام تعرضت بلاد عنز (ينسبون إلى عنز بن وائل بن قاسط من قبائل ربيعة , وتقع ديار عنز في صعدة ثم تمتد فيما بين أرض جنب وسراة) لوباء شديد أهلك ثمانية وعشرين قرية ولم ينج منهم احد .
كورونا 13 م
وفيما ذكر (الدكتور علي الشرفي عن الكوارث الطبيعية في بلاد اليمن منذ مطلع القرن الخامس حتي نهاية القرن السابع الهجري واثرها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية ضمن سلسلة دراسات تاريخ الجزيرة العربية الكتاب السادس ) أنه في سنة 613 هجرية الموافق 1216م مات كثير من الناس في حضرموت بمرض يسمى ( ذات الجنب والخوانق في الحلق ) وقد ابتداء
هذا المرض في آخر شعبان وأستمر حتى شهر ذي القعدة من نفس السنة .
وهذا المرض في اعراضه يشبه إلى حد كبير – فيروس كورونا 19 – حاليا وايضا يدل على أن للمرض فترة زمنية محددة في انتشاره تصل إلى ثلاثة أشهر ومن ثم يقل نشاطه وقوته وخطره وتأثيره ويكتسب الأنسان مناعة منه .
وذكر صاحب كتاب( تاريخ حضرموت أحمد بن عبدالله شنبل العلوي) في اخبار حوادث سنة 613هجرية انه بسبب مرض ذات الجنب والجواسر مات خلق كثير بحضرموت . ولم يتحقق من معرفة ما هو مرض الجواسر .
تساقط الأسنان
وفي سنة 1262م تعرض أهل صنعاء والمناطق المجاورة لها لمرض غريب لم يسمع به من قبل , فإذا أصاب هذا المرض احدهم سقطت أسنانه جميعها فيبقى خمسة عشر يوما ثم يموت بعد ذلك , وقد هلك بسببه كثير من الناس في مدة يسيرة
وهكذا يتضح أن الأمراض والأوبئة كان لها تأثير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في اليمن إلا أنها أقل تأثير من الكوارث الطبيعية الأخرى كالسيول والجفاف والأعاصير والصقيع وغيرهما .
علي الشراعي
أشترك على قناة أخبار تعز تلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه