لإخوان المسلمون من الإصلاح إلى الحاكمية
تعز نيوز_كتابات
يبدو لي أن ما أحدثه الزنداني من انقلاب في الخطاب الإصلاحي الذي تبناه عبده محمد المخلافي، ووجهه وجهة تكفيرية وهابية، كان استراتيجية سعودية خليجية عملت عليها في الوطن العربي والمجتمعات الإسلامية منذ عقد السبعينيات، فأصبح لدينا سعيد حوى بدلاً عن خطاب مصطفى السباعي في سوريا، وأصبح لدينا منطلقات الراشد في العراق بدلاً عن خليل عبد الكريم في كتابه (الانقلاب الإسلامي)، وسيد قطب بدلاً عن (دعاة لا قضاة) لحسن الهضيبي… وأصبح لدينا عبد الله أحمد علي العديني بدلاً عن محمد قحطان…
ما حدث لحركة الاجتهاد داخل الإخوان المسلمين في السبعينيات، هو انحدار ونكوس من (مذكرات داعية) لحسن البنا إلى (جند الله) لسعيد حوى و(حركية الإسلام) لفتحي يكن. من علمانية التشريع الإسلامي الذي يراه مصطفى السباعي في (دروس في دعوة الإخوان) (مدني علماني يضع القوانين للناس على أساس مصلحتهم وكرامتهم…)، إلى خطب الزنداني التي ترى مصالح المجمتع المدني كفراً وانحرافاً ودعوة للشذوذ والتهتك الأخلاقي!
تندرج جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها الأستاذ حسن البنا في الإسماعيلية، عام 1928م، واصفاً الإسلام بأنه (دين ودولة) ضمن ما سمي (الإسلام السياسي)، ومنها تفرعت جماعات وحركات إسلامية عديدة.
إذا كانت الجماعة الأم التي أسسها حسن البنا اختطت لنفسها منهجاً دعوياً للانتشار، واشترط مؤسسها لانتقاله من الدعوة إلى التغيير الانقلابي لأنظمة الحكم امتلاك واستعداد الجماعة بـ300 كتيبة مجهزة تجهيزاً كاملاً كي يشق بهم لجاج البحر، ويسقط بهم الأنظمة، فإن ما خرج من عباءتها لم يلتفت إلى هذا الشرط للتمكين.
يرى الدكتور نصر حامد أبو زيد في كتابه (الخطاب الديني المعاصر)، أن الفارق بين الخطاب الإخواني والخطاب الجهادي فارق في الدرجة لا في النوع: (إن الخلاف بين الاعتدال والتطرف خلاف هامشي وليس خلافاً أساسياً، إنه خلاف حول مجال تطبيق المبدأ لا خلاف حول المبدأ نفسه… وغاية ما في الأمر أنه واضح معلن في خطاب المتطرفين، كامن خفي في خطاب المعتدلين).
هناك منطق في طرح نصر حامد أبو زيد، فمن عباءة البنا جاء الفضيل الورتلاني بحركيته الانقلابية، وإن كان الورتلاني كفكر ووعي سياسي ينتمي إلى مدرسة عبد الحميد بن باديس، حين لازمه لسنوات كان فيها بن باديس يملي عليه خطبه، وسيد قطب بخطابه الاجتماعي والجهادي، لكن استدراكي على نصر حامد أبو زيد هو أن الخطاب الجهادي في رسائل حسن البنا كانت متنحية ومرجأة، وأن (الدعوي) في رسائل البنا هي التي أوجدت خطاب (مصطفى السباعي) الاجتماعي والمدني، والذي كان بالتباس واضح مع المقولات العلمانية الفاعلة في الشام.
يرى محمد جمال باروت في كتابه (يثرب الجديدة) الصادر عن رياض الريس للكتب والنشر، 1994م، أن الخطاب الجهادي معارض للإسلام الإخواني الشعبوي، الذي صاغه حسن البنا.
فإسلام أبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي وسيد قطب ومصطفى شكري ومحمد عبدالسلام فرج وسعيد حوى وفتحي يكن ومحمد أحمد الراشد، يقدم إسلاماً حركياً جهادياً تكفيرياً للدولة والمجتمع، وإن كانت حذاقة سعيد حوى في (جند الله) تفسق المجتمعات في صريح الحكم، وتكفرها في مجمل كتبه.
محمد ناجي أحمد