اليمن يجهض “ولادة “الشرق الأوسط الجديد
مثل رفض اليمنيين لتوجهات فرض الدولة الاتحادية صفعة كبيرة لمشروع الشرق الاوسط الجديد الهادف إلى تمزيق الدول العربية إلى كيانات صغيرة خدمة للكيان الصهيوني، والذي كانت خطواته تمضي بشكل حثيث، من خلال حالة الفوضى وانعدام الاستقرار التي باتت تسيطر على معظم الدول العربية ضمن تفاعلات مخاض يعيشها العالم العربي كان من المفترض أن تفضي إلى ولادة شرق اوسط جديد حسب المواصفات الامريكية ، إلا أن خروج اليمن من المسار الامريكي تسبب إجهاض المشروع ، لأسباب كثيرة ابرزها التأثير الثقافي والاجتماعي لليمن على دول وشعوب شبه الجزيرة العربية .
في يونيو (2006) اعلنت وزيرة الخارجية الامريكية كوندليزا رايس من داخل اسرائيل مشروع الشرق الأوسط الجديد ، الذي يتشكل من تقسيم الدول العربية القائمة من شكلها الحالي إلى دويلات صغيرة متناحرة تطلب ود الكيان الصهيوني الذي سيصبح في حال نجاح المشروع الكيان الاكبر بين الكيانات العربية الهزيلة .
عقب الاطاحة بنظام الرئيس التونيسي زين العابدين بن علي في تونس اعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كيلنتون في مؤتمر صحفي عن ثورات الربيع العربي ، رغم أن عدوى الثورة لم تكن قد انتقلت بعد إلا أن هيلاري كانت ترسل إشارات للأنظمة العربية وللشعوب العربية أن زمن الرعاية الأمريكية لتلك الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي قد ولى ، وبات الغطاء الامريكي مكشوفاً عنها بحيث يمكن للشعوب الثورة والمطالبة بتغيير تلك الانظمة في إطار خطة مرسومة تنتقل بهدوء من مرحلة إلى اخرى بشكل لا يثير الارتياب لدى شعوب المنطقة.
ايحاءات هيلاري تم إستلامها وترجمتها بشكل سريع خرجت خلالها الشعوب بهتافات (الشعب يريد اسقاط النظام) إنسجاماً مع توجهات اليمين المتطرف في امريكا حول ما اطلق عليه (الفوضى الخلاقة) والتي اعلن عنها الرئيس الامريكي الاسبق جورج دبليو بوش حول من اعداد المخاض المناسب لولادة الشرق الأوسط الكبير.
وهي كلها خطوات تتجه نحو الخروج إلى الشرق الأوسط الكبير، وفي ثنايا المشهد كانت هناك عدة تفاعلات تعتمل لولادة مشروع الشرق الاوسط الكبير، وكانت اليمن هي أكثر دولة في المنطقة قد تم اعدادها للمضي في تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد من خلال تغذية الفساد واضعاف سلطات الدولة واذكاء النزعات المناطقية والمذهبية ، في ظل تفشي حالة من السخط وعدم الشعور بالانتماء بين افراد المجتمع اليمني ، بما يفضي إلى مرور مشروع تمزيق الدولة اليمنية بشكل سلسل دون ان يحس به احد.
وفي فبراير (2014) تم اعلن مشروع الدولة الفدرالية بشكل ارتجالي ،واخذت التحضيرات تجري بشكل محموم وبخطى حثيثة نحو انجاز مشروع الفيدرالية ، بينما تم تشغيل ألة دعاية ضخمة لتسويق مشروع الدولة الاتحادية ،انخرط فيه رئيس الدولة في حينه والحكومة والاعلام الرسمي والحزبي ، التي اخذت جميعها تدعو للدولة الفيدرالية باعتبارها العصا السحرية التي ستحل جميع مشاكل اليمن دفعة واحدة، دون أن يسأل أحد نفسه او حتى يسمح بالتساؤل ما إذا كانت اليمن بحاجة لذلك الحل (الفيدرالي) أم لا أو إذا كانت ظروف اليمن الاقتصادية والاجتماعية مهيئة لمشروع من ذلك النوع وهي تساؤلات تم تجاهلها والقفز فوقها وكأن هناك من هو خائف من أن يفيق الشعب قبل ان يفرض المشروع .
وعندما ادرك اليمنيون خطورة مشروع ما يسمى دولة الاقاليم (الفيدرالية) ، وتحرك الشعب رفضاً لمشروع الدولة الاتحادية في اليمن، كانت واشنطن هي أكثر من صعق بذلك الرفض لتبدأ معه حرب شعواء اعلنت من داخل الولايات المتحدة، كان لابد من استعارة ( شرعية ) هادي لشن الحرب ، لكن (شرعية) هادي سرعان ما تبخرت أمام تسارع الاحداث المشتعلة في البلاد، حيث تم طرد هادي من عدن على يد الاحتلال الاماراتي ، بينما تم احتجازه في الرياض عند الاحتلال السعودي ، وبحسب تصريحات للسفير البريطاني مايكل ارون في مارس الماضي فإن (العالم قد نسي اسباب شن الحرب على اليمن )، والحقيقة الماثلة اليوم أمام الجميع هي ان حرب التحالف الأمريكي – السعودي ستمضي في محاولات تمزيق اليمن بقوة السلاح ، بعد ان فشلت بالأساليب الناعمة .
فبالنسبة لواشنطن تمثل اليمن حجر زاوية مهم في تمرير مشروع الشرق الاوسط الجديد، ليس فقط لأنه سيمكن من تفكيك اليمن لوحدها فحسب، بل لأن تفتيت اليمن سيحمل تبعات تنعكس على تفكيك بقية دول النفط في شبه الجزيرة العربية، نظراً لتأثير المعنوي الذي تمتلكه اليمن بتاريخها الزاخر وتجربتها الانسانية الخاصة في التأثير على بقية شعوب الجزيرة وان ما تقبل به اليمن سينتقل بشكل تلقائي إلى بقية سكان الجزيرة بحكم التأثير الثقافي لشعب اليمن على جيرانها في الجزيرة، وهو تأثير يعرفه الخبراء الاجتماعيين والسياسيين ، بعيداً عن تأثيرات العولمة الزائفة التي حاولت من خلالها واشنطن نقل الفعل العربي من الدول ذات التجارب والخبرة العريقة إلى دول الثرية التي لا تمتلك أي خلفيات ايدلوجية لمواجهة مشاريع الاستعمار والهيمنة الغربية.
وانطلاقاً الخصوصية التي تتعامل بها واشنطن مع مصالحها في دول النفط العربية فقد كان لابد أن تتخذ ثورة تفكيك الدول النفطية شكلاً اكثر نعومة وسلاسة يمكن لواشنطن من خلاله أن تتجنب تأثيرات أي فوضى قد تضر بمصالح النفط الامريكية ، وبما يجنب واشنطن ايضاً تبعات أي نظرة سلبية من قبل العالم في حال تركت اتباعها في انظمة الدول النفطية العربية عرضة للغرق في بحر من الفوضى الثورية على غرار ما حدث بدول الجمهوريات العربية .
ومن أجل ان يشمل المشروع الجميع كان لابد من استثمار التأثير الثقافي لليمن على دول شبه الجزيرة العربية ، واي اخفاق في جر اليمن إلى مربع الشرق الاوسط الجديد بالنسبة للأمريكيين يعني الفشل في تمزيق دول النفط العربية ، والتي حتى إن تم تمزيقها وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية فإن ذلك لا يعني شيئاً في ظل وجود دولة عربية قوية في اليمن قد تصبح هي الحاضنة على عكس المخطط الرامي لجعل اسرائيل هي الكيان الحاضن لدويلات العرب الممزقة.
#يد_تحمي_ويد_تبني
#انفروا_خفافا_وثقالا
أشترك على قناة أخبار تعز للتلغرام وكن أول من يعلم الخبر فور حدوثه انقر هنا ✅