ترامب .. نمر من ورق!
المتابع لتصريحات ترامب او بالأحرى تغريداته على مواقع التواصل يشعر ان الرجل قادم من زمان آخر!
هذا الزمان الذي كانت تتميز فيه الولايات المتحدة بفائض القوة والاقتصاد وتستطيع قيادة محور غربي واملاء سياساتها على دول قوية وامبراطوريات سابقة به.
هذا الزمان الذي تستطيع فيه تشكيل قطب من قطبي العالم او الذي تلاه بتشكيل قطب احادي بعد تفكك القطب الاخر.
اما هذا الزمان الذي يخطب به ذلك الرجل المستورد من ازمنة اخرى فان عنوانه قد لخصه مركز الدفاع الوطني الامريكي التابع لمؤسسة التراث في تقرير له بعنوان “مؤشر القوة العسكرية الامريكية” لعام 2018 وذلك خلال جلسة خاصة تضم رئيس لجنة الخدمات المسلحة فى مجلس النواب ماك ثورنبيري.
و”مؤشر” هو تقييم شامل للقوة العسكرية الأمريكية، والتهديدات التي تتعرض لها الولايات المتحدة من قبل خصومها، وهو بمثابة دليل لا يقدر بثمن في تثقيف كل من صناع السياسات والجمهور الأمريكي حول حالة الاستعداد العسكري الأمريكي والتهديدات التي يشكلها خصوم امريكا.
وتقول تقارير “مركز التراث” انه ومنذ بداية عام 2015 فإن “مؤشر القوة العسكرية الأمريكية”، يشكل اتجاها مزعجا، و “مؤشر” عام 2018 تحديدا لا يترك مجالا لشك بأن الجيش الأميركي اصبح أضعف.
ومن ضمن ما اورده التقرير فإن القوات الجوية الامريكية تشمل حاليا ما يقرب من الف طيار مقاتل، و 32 سرب طائرات مقاتلة، وأربعة اسراب فقط هي الجاهزة للقتال!!
ومن بين فرق القتال التابعة للجنود الامريكيين وعددها 31 فرقة، وهى اللبنات الاساسية للقوة القتالية البرية الامريكية، هناك ثلاثة فقط تعتبر مستعدة للقتال الليلة!!
اما القوات البحرية، ففي عام 2017، تم تخفيض تصنيف القوة العامة للقوات البحرية إلى “ضعيف”، نظرا لقلة القدرات وقابلية التأهب. ويعني هذا التراجع أن نصف فروع الخدمة (الجيش والمشاة البحرية) مصنفة على حد سواء “ضعيفة.
علام اذن يتكئ ترامب في تهديداته يمينا ويسارا؟ هل يتكئ على تغيير الوضع الكارثي الراهن؟ وهل زيادة الانفاق العسكري كانت مقدمة لمرحلة جديدة يقودها القائد الفاتح ترامب؟ فلنتأمل الارقام والتقارير لنحكم:
تبلغ الميزانية العسكرية للولايات المتحدة 824.6 مليار دولار. وهي ميزانية السنة المالية 2018 التي تغطي الفترة من 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 حتى 30 أيلول/ سبتمبر 2018.
وهناك أربعة مكونات للميزانية العسكرية:
الأول هو الميزانية الأساسية البالغة 574.5 مليار دولار لوزارة الدفاع.
والثاني هو عمليات الطوارئ الخارجية لوزارة الدفاع والتي اعلن انها لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (64.6 مليار دولار).
والثالث هو مجموع الوكالات الأخرى التي تحمي امريكا، وتبلغ هذه النفقات 173.5 بليون دولار. وتشمل وزارة شؤون المحاربين القدامى (78.9 بليون دولار) ووزارة الخارجية (27.1 بليون دولار) والأمن الداخلي (44.1 بليون دولار) ومكتب التحقيقات الاتحادي والأمن السيبراني في وزارة العدل (9.5 بلايين دولار) والإدارة الوطنية للأمن النووي في وزارة الطاقة (13.9 مليار دولار).
العنصر الرابع و الأخير هو 12 مليار دولار في أموال منظمة التعاون الاقتصادي لوزارة الخارجية والأمن الداخلي لمحاربة داعش.
فهل زيادة الانفاق تخدم حروبا خارجية يدشنها ترامب ويلوح بها؟
وزارة الدفاع تنفق الآن ثلث ميزانيتها على الموظفين والصيانة. وسوف يرتفع ذلك إلى 100 في المائة بحلول عام 2024، وذلك بفضل تكاليف التقاعد والتكاليف الطبية. ولا يترك ذلك أي أموال للمشتريات أو البحث والتطوير أو البناء أو الإسكان.
ولكي تصبح وزارة الدفاع اكثر كفاءة، يقول الخبراء الامريكيون الدفاع انها أولا، يتعين عليها أن تقلل من قوة عملها المدنية التي نمت بمقدار 000 100 في العقد الأخير، بدلا من اللجوء إلى تجميد التوظيف وإطلاق النار بدون أجر. ثانيا، يجب أن تخفض تكاليف الأجور والاستحقاقات لكل جندي. بدلا من ذلك، انها تخطط لرفع كلا.
ثالثا، والأهم من ذلك، يجب أن تغلق القواعد العسكرية غير الضرورية. وبحسب تقديراتها الخاصة، فإن وزارة الدفاع تعمل ب 21٪ من الطاقة الفائضة في جميع مرافقها.
ولكن ولسوء الحظ كما يقول هؤلاء الخبراء، لن يسمح الكونغرس لوزارة الدفاع بإغلاق القواعد. وألغى قانون الميزانية الحزبية لعام 2013 إغلاق القواعد العسكرية في المستقبل، وبدلا من ذلك، سوف تحتاج البنتاغون إلى خفض عدد الجنود حتى تتمكن من تحمل فوائد القواعد.
وكانت التعليقات المصاحبة لزيادة الميزانية العسكرية، هي ان الخبراء لا يرون ان الزيادة تتناسب مع هجومية ترامب.
فقد تم تخصيص 574.5 مليار دولار، للبنتاجون بزيادة قدرها 4.6 في المئة مقارنة مع ميزانية السنة المالية 2017.
وقال ماكنزي ايغلن المحلل في معهد اميركان انتربرايز انستيتيوت وهو مركز بحثي مقره في واشنطن “اذا نظرنا الى الدفاع على وجه التحديد، فهذه ليست ميزانية تاريخية، وهذا ما هو اقل بكثير”.
وقال “ان هذه الميزانية تسعى الى اصلاح المؤسسة العسكرية المتصدعة من خلال سد الثغرات وملء الثقوب”.
من اين يأتي اذن ترامب بنفقات تهديداته؟ ومن اين يأتي بقوات تحارب في الخارج وسط عدم جهوزية جيشه؟
هل سيعتمد على مرتزقة يمولهم حلفاؤه من امراء النفط وملوك الطوائف؟ وهل يكفي ذلك.
هل هناك اسباب اخرى خفية لتهديداته تتعلق باطراف لا يوجه لها التهديد مثل اوربا وتحديدا المانيا؟
تشير وكالة “بلومبيرغ” في تقرير لها صدر مطلع العام الجاري، إلى أن حجم الاستثمارات والصفقات الأوروبية مع إيران، بلغ 185 مليار دولار، وذلك بفضل الشركات الأوروبية، مثل مرسيدس الألمانية، ومجموعة إيرباص الفرنسية التي وقعت فعلاً اتفاقيات مع طهران بلغت 70 مليار دولار خلال زيارة الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى باريس العام الماضي.
ويؤكد المحللون أن كبرى الفرص الاستثمارية في مجال الطاقة والبنية التحتية والخدمات المالية، والتي تقدر بعشرات المليارات خلال السنوات العشر المقبلة كفيلة بفرض الاستقرار السياسي داخل إيران، مع توقعات أن يصل حجم الاستثمار خلال هذه الفترة إلى نحو 600 مليار دولار.
كما ان حجم الاستثمارات الأوروبية هذه والطموحات المرتبطة بها كفيلة بأن تجعل اوربا معارضة لتوجهات ترامب لان إلغاء الاتفاق هو اضرار مباشر بمصالح أوروبا، خاصة في حال عدم وجود أي بديل ملموس، أو بديل يعوض خسائر المصالح الأوروبية.
انه ترامب نمر من ورق ولاعب شطرنج مكشوف وتقليدي يهدد قطعة لافتراس قطعة غيرها ولايدري ان ملكه مكشوف وبيادقه مفقودة.