أكتوبر الإلهام للتحرّر من عبوديّة أعراب الزمان..
لو اختلف اليمنيّون في أيّ أمر من الأمور أو في أيّ مناسبة من المناسبات فلن يختلفوا في النظر إلى ثورة 14 أكتوبر 63م التي تفجّرت لمواجهة الاستعمار البريطانيّ الذي دام أكثر من قرن وثلث من الزمان وعبث بجغرافيّة الوطن ومزّق أوصاله ولعب بتسمياته وامتهن سيادته وهدّد الشطر الذي ظلّ بعيدا عن هيمنته.
الاحتلال البريطانيّ الغربيّ استغلّ غفلة العرب والمسلمين واليمنيّين ووطّد أركانه في شطرنا الغالي من الوطن ووضع كلّ الترتيبات التي وأدت مقاومته واستسلمت له عبر مجموعة من الكيانات والأفراد والترتيبات الذكيّة، ولقد عملت حركة التحرّر العربيّة التي قادتها مصر عبدالناصر في تفجير بؤر المقاومة والتحدّيات للاستعمار الغربيّ في كلّ أجزاء الوطن العربيّ بل والعالم الثالث إجمالا بقارّاته الثلاث آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينيّة. وكانت ثورة أكتوبر في اليمن هي قطب الرحى في مواجهة الاستعمار في منطقة الجزيرة والخليج التي تكلّلت بنجاح منقطع النظير ليس لتحرير جنوب اليمن وحده بل وسائر المستعمرات في الخليج العربيّ والجزيرة.
ثورة أكتوبر هي الثورة التي شارك فيها كلّ يمنيّ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ودعمتها قوى التحرّر العربيّ والعالميّ حتّى حقّقت التحرير الناجز لقطعة غالية من وطننا اليمنيّ كانت قد تمزّقت إلى بضع وعشرين مشيخة وسلطنة وإمارة فصارت بعد التحرير جمهوريّة واحدة موحّدة ممهّدة لوحدة الوطن اليمنيّ في 22 مايو1990م. تلك الوحدة التي أفرحت كلّ اليمنيّين وكلّ العرب الطامحين لوحدة الأمّة، وفي نفس الوقت أغضبت أعداء الأمّة فلم يتركوها تسير باتجاه ما طمحت إليه قوى الوحدة العربيّة.
14 أكتوبر هي ثورة الجميع صنعتها دماء اليمنيّين أجمعين وواجهت مؤامرات أعداء الأمّة أجمعين ونصرها وحدويّو هذه الأمّة أجمع.
وكم يأسى اليمنيّون اليوم أن تأتي هذه الذكرى لهذه الثورة العظيمة في هذا العام وشطرنا الغالي ينزف ويئنّ تحت نير استعمار أعرابيّ تسيّره دول الغرب التي طردت في نوفمبر 1967م لتعود لنا بعباءات عربيّة وعقالات بدويّة ولتذلّ شعبنا وتمزّق كياننا وتحيل هذا الشطر الغالي إلى موقع عدوان على أرض اليمن الموحّد ومصدر مؤامرات على شعبه.
ومن جديد نعود للقول لو اختلف اليمنيّون حول كلّ القضايا الحيويّة القائمة فلن يختلفوا مطلقا في ضرورة مواجهة الاحتلال الأعرابيّ الذي بسط نفوذه على جزرنا وموانئنا ومضائقنا وشواطئنا وعلى ثرواتنا النفطيّة في ظلّ تحالف بغيض لقوى العدوان على الوطن بأكمله ويريد لنا أن نظلّ تحت هيمنته وتظلّ أرضنا كلّها تحت وصايته لخدمة القوى الصليبيّة والصهيونيّة كأنّنا قد نسينا توقنا للحريّة أو خدعتنا مظاهرهم العربيّة عن حقيقتهم الاحتلاليّة الاستيطانيّة التي لاترحم.
سيتوحّد كلّ أبناء اليمن كما توحّدوا في أكتوبر 63م ضدّ المحتلّين وستحرّر كلّ بلادنا من عبث المحتّلين الجدد الأعراب بقوّة الله ثم ببأس ووحدة شعبنا اليمنيّ الغيور.
وإنّ غدا لناظره قريب.
✍ عبدالجبّار سعد
?تعز تحتضن فعالية الاحتفال بالعيد ال54 لثورة 14أكتوبر