كردستان العراق … مغامرة تعاند الجغرافيا وتجحد التاريخ
انزع عن الشعب تاريخه وسوف يتحول بعد جيل إلى جمهور من الدهماء وبعد جيل آخر ستستطيع أن تحكمه وكأنه قطيع ـ جوزيف غوبلز
ترى ماذا بعد هذا الكرنفال الكردي شمال العراق، وحين يصحو ابناء الأقليم من سكراته التي انستهم ما كتبه التاريخ حتى رقص البعض وفي يده علم “اسرائيل”، في تحدٍ عدائي لمشاعر العرب، وتنكر لتاريخ مشترك بين الشعبين عمره يزيد عن الف سنة! ؛ فيما نسي البعض من (أولي الأمر) حقائق الجغرافيا، وهي التي في اقليم كردستان العراق ترسم الخط الفاصل بين الممكن والاممكن.
نعم هي الجغرافيا لحيز محاصر بجوار لا يقبل به دولةً منفصلة، خشية ان تمتد العدوى فتصيبهم على “قاعدة الدومينو”. وهي الجغرافيا لأقليم ليس له منفذ بحري ؛ وهاهو الرئيس التركي اردوغان يقولها صراحةً:” فلنر بعد اليوم إلى أين سيبيع الإقليم الكردي في العراق النفط؟ الصنبور لدينا، فعندما نغلقه ينتهي الأمر”.! ، ومن مكان اخر أخذ بمنع الشاحنات من عبور الحدود متوعداً بان الأكراد ” سيتضورون جوعاً”!. وهنا ينطرح السؤال المحير .
هل كان رئيس الأقليم مسعود البرزاني غافلاً عما سبق ، او هناك من أوحى له بالخطوة واعداً إياه باالدعم !!.
“كردستان العراق “.. مغامرة تعاند الجغرافيا وتجحد التاريخ
شوكة صهيونية
ما فتئت قصة “الأضطهاد” والمظلومية على لسان الأكراد تبريراً لطلبهم الأنفصال .غير أن هذا كان من الماضي الذي لم يوفر العرب قبل الكرد ، لكن لم يعد جائزاً طرح هذه المبررات في العراق الجديد فقد ساهم الأكراد في صناعته بمحض إرادتهم ، بل ان النظام الذي عملوا على تصميمه في دستور 2005 نظاماً تجاوز الفيدرالية المعيارية أوكما يُوصَف في الأدبيات الكردية بأنه “فيدرالية موسّعة”، منحت صلاحيات كبيرة لسلطات الإقليم، على حساب السلطات الاتحادية.وقبل هذا كانت “كردستان ” ومنذ عام 1991 تعيش في انعزال (إداري) شبه تام عن السلطة المركزية في بغداد ، إلى أن جاء دستور الأقليم، دستوراً غير مسبوق في تاريخ الأنظمة الفيدرالية حيث أتاح سلطات واسعة لا تتناسب مع أي نظام فدرالي معروف في العالم !؛فبات له جيشه وأمنه الخاص به ،وانظمته المستقلة لدرجة أن سمة الدخول إلى العراق لاتشتمل على “أقليم كردستان” الذي يفرض سمة-( فيزا) – خاصة به !! .ناهيك عن حصة الأسد في واردات النفط جعلته واحة مزدهرة إنماءً وجذباً للمسثمرين وللسياح. إذاً لماذا الأستفتاء وماهي مبررات الأنفصال ؟! .
ما من أحد حتى من المتعاطفين مع الشعب الكردي مقتنع بالذرائع الكردية التي تساق في قالب أخلاقي ،وهي أن العراق “تحول إلى دولة طائفية فاشلة” فمن حيث التوقيت يخرج السؤال لماذا الأن ؟!! وهل كان العراق على غير حال في عام 2016 أو 2015 ، وإلى ما قبل ذلك ، وإذا سلمنا بالتوصيف ذاك ،ألم يكن الكرد جزءً من الأشكالية العراقية أو الفشل كما يسمونه وهم شركاء في صناعة الدستور من الفه إلى يائه؛ إلى تبؤ المناصب ومواقع قيادية في الدولة ، منها وزارات سيادية أتحادية وهكذا وصولاً إلى رئاسة الجمهورية!!. لقد اصاب بعض الشيء أحد الخبراء في الشأن الكردي عندا قال: ” أن الكرد لم يريدوا من النظام الفيدرالي في العراق تقاسما للسلطة، بقدر ما أرادوا تقاسمَ السيادة …”؛ لكن ليت الأمر اقتصر على السيادة وحسب بل انكشف عن نية مضمرة لوظيفة سياسية وربما عسكرية بان تتحول كردستان العراق إلى شوكة صهيونية في الخاصرة العربية، ولاشك أن اسرائيل قد نجحت في نخر النسيج الكردي بسمومها لتضع الكرد في مواجهة مع تاريخهم المشرقي الأسلامي ، كما دولتهم التي يرتجونها تعاند حقائق الجغرافيا!. لم ننسَ الأعلام الصهيونية ترتفع في سماء اربيل والسليمانية!، ولا في السنة الماضية مجالس العزاء لوفاة بيريز!!.
لذلك لاعجب لهذا الأفتعال في طرح “المسألة الكردية!!” مجدداً حتى وبعد أن انتفت اركانها السياسية والأقتصادية ، وحيث حقوق الأكراد هي على ما ذكرنا، وحيث “أقليم كردستان” الأن واحة استقرار وإنماء يغبطه الأخرون على نعمته، إلا اسرائيل التي تريد تدميره ولهذه الغاية تدخل من باب بذل (عواطفها) تأيداً للأنفصال في الظاهر، فيما غايتها الحقيقية اسثارة مشاعر العرب من جهة ، وتعطيل الذاكرة الكردية ، ودور الحكماء من نخب كردية غير قليلة . تحضيراً لحرب مفتوحة ،تكون فيها كردستان وأهلها وقوداً ” للفوضى البنأة” التي نظَّر لها المحافطين المتصهينين في امريكا!.
رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني
البرزاني صدام الأكراد !
لم يخطو مسعود البرزاني خطوته هذه من غير ضمانات بالدعم من دوائر القرار الأمريكي ، ومعظم مفاتيحها بيد اللوبي الصهيوني . وحيث اسرائيل صاحبة المصلحة الحقيقة في أشعال المنطقة في حروب بينية وتقسيمها وهو ما باتت تدركه تركيا ، وسبق واشرنا الى ذلك على هذا الموقع بتاريخ 28-10-2016 في مقالتنا: ” الطبخة امريكية والحطب تركي- ” ، ومن جهة أخرى يتوقع البرزاني بأن هذه الخطوة الأنفصالية بما تختزنه من شحنات قومية تدغدغ عواطف العامة من الكرد ستشكل جسراً له للمزيد من القبض على مفاصل السلطة وبأقل معارضه من التيارات السياسية الكردية ،مستغلاً هذه اللحظة من الهيجان الجماهيري ولألتفاف بوصفه (بطلاً قوميا” !، وربما قد يستغل البرزاني هذا الظرف ليمد يده نحو الشمال من سوريا الواقع تحت سيطرة ما يسمى بـ ” قوات سوريا الديمقراطية ” ذات الأغلبية الكردية ليوسع من دائرة مناورته ، وهذا ما يجب أن يتبه إليه كرد سوريا ، كي لا يصحوا على ما ينتظر نظرائهم في العراق بعد ان تذهب سكرة الأستفاء التي شارفت على النهاية ، ليصحوا على تداعياتها.
ولكي لا تصبح ايها الرئيس مسعود البرزاني وبالاً على شعبك كما كان صدام بحق العراق عندما ورطه في حروب غير ذات جدوى! . من المفيد أن تطرح على نفسك الأسئلة الصعبة. منها كيف وبماذا يمكن أن تنجدك “أسرائيل” !! ، تذكر بإنها لم تستطع ان تفعل شيئا لعملائها اللحدين الذين قاتلوا معها 24 سنة وهم على حدودها، تركتهم وانسحبت في ليل، فما بالك بالأف الكيلومترات تفصلكم عنها. وماذا يمكن ان تنجدك امريكا، وإلى اي مدى؟. بل لماذا تنجدكم. هل من أجل الثروات الضخمة غير السبوقة في كردستان ؟!!، أم طلباً للموقع الجوسياسي لأقليم محاصر!!! .أم تراها تخدعك كما خدعت صدام في اجتياح الكويت لتقبض ثمنك في مكان أخر. هذه سلسلة من هواجس لا أظن بأنها تغيب عن النخب كردية وأهمها، أن الأمم التي لاتقوم على قواعد الجغرافيا والتاريخ هي كبناء على رمل! .. بناء محكوم بالأنهيار، ليصبح السؤال بعدها عن الثمن الفادح لقاطنيه.
✍
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز