دول الحصار تمهد للتطبيع : صراع عربي إسرائيلي.. وليس احتلالا
ما بين «الصراع والنزاع»، اقتصر توصيف دول حصار قطر، للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، خلال كلماتها في الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، ولم ترد كلمة «احتلال» على لسان مندوبي تلك الدول، باستثناء البحرين، وهو ما وصفه مراقبون بالتمهيد القوي للتطبيع.
في المقابل جاءت كلمة قطر قوية ومعبرة عن مشاعر الفلسطينيين والأمة الإسلامية الرافضة لهذا الاحتلال.
فخلال كلمات ممثلي دول الحصار، ظهرت القضية الفلسطينية، باعتبارها «صراعا عربيا إسرائيليا»، أو ربما هو «نزاع لا يوجد مبرر لاستمراره»، أو «خلاف يجب إنهاؤه سريعا»، أو «أحد أسباب الإرهاب».
كلمات ممثلي دول الحصار، على اختلاف مناصبهم، لم تحمل في طياتها أي إدانة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي داخل فلسطين، وتجاهلت تماما الإشارة إلى الانتهاكات التي شهدها المسجد الأقصى قبل شهور، بما فيها اقتحامه وحصاره ومنع المصلين من دخوله.
في المقابل، كانت الاتهامات لقطر، التي اختلفت تلك الدول معها وفرضت حصارا عليها، أشد حدة.
وبررت كلمات ممثلي دول الحصار دعم (إسرائيل) لهذه الدول، وبررت أيضا مطالبات (تل أبيب) المتكررة للدوحة إلى عدم استضافة الشخصيات الفلسطينية البارزة، وهو الأمر الذي باتت تشاركها فيها الرياض وأبوظبي.
«الجبير» يتحاشى الإدانة
السعودية، التي ألقى كلمتها عنها وزير خارجيتها «عادل الجبير»، قال في كلمته إن «النزاع العربي الإسرائيلي أطول نزاع في الوقت الحاضر، ولا يوجد مبرر لاستمراره».
وأضاف «الجبير»، أن السعودية تشارك بالبحث عن «حل سلمي للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني»، وموقفنا يستند إلى «حل دولتين تعيشان في سلام وأمان، مع دولة فلسطينية داخل حدود عام 1967، بعد إجراء بعض التعديلات وفق ما يتفق عليه».
وأشار إلى أن الحل ينطوي على أن تكون «القدس الشرقية عاصمة، فضلا عن تقاسم عادل للموارد المائية واللاجئين»، وتابع قائلا: «هذا يمثل اتفاقًا عادلا بالنسبة لنا».
ولم يتطرق «الجبير»، إلى منع سلطات الاحتلال صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، ولم يذكر طوال حديثه كلمة «احتلال»، كما لم يدن أي من ممارسات الاحتلال للأراضي الفلسطينية.
لكن «الجبير» نفسه، كانت إدانته أوضح كثيرا عندما تعلق الأمر بطرف عربي، إذ وصف موقف بلاده تجاه قطر، بأنه «يدخل في إطار سياسة بلاده الخارجية لمكافحة الإرهاب».
«السيسي» يعد بالتطبيع
كلمة «الجبير»، سبقها حديث الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، الذي خرج عن النص خلال كلمته ليوجه رسالتين حول القضية الفلسطينية، الأولى كانت للشعب الفلسطيني، إذ قال له: «أدعو الشعب الفلسطيني للوقوف خلف قياداتكم السياسية، وعدم الاختلاف، وعدم إضاعة الفرصة، والاستعداد لقبول التعايش مع الإسرائيليين في أمان وسلام».
أما الرسالة الثانية، فكانت للإسرائيليين، وقال فيها: «لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة في السلام معكم منذ 40 سنة، ويمكن أن نكرر تلك التجربة الرائعة، يجب عليكم الوقوف خلف قياداتكم السياسية ولا تتردوا ونحن معكم جميعًا من أجل إنجاح تجربة السلام، حريصون على أمن المواطن الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع المواطن الإسرائيلي»، بحسب قوله، مكررا المواطن الإسرائيلي.
وواصل «السيسي» ترويجه للتطبيع مع (إسرائيل)، وطالب الدول العربية بمساندة خطوة السلام بين (إسرائيل) وفلسطين، وأن تدعم دول العالم تلك الخطوة، لأنها ستغير منطقة الشرق الأوسط كلها.
واحتفت الصحف العبرية بحديث «السيسي»، فوصفته عقب لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، بأنه «أشجع حاكم عربي».
كما احتفت الصحف، بوعوده «تطبيع علاقات 50 دولة عربية وإسلامية مع (إسرائيل) إذا وافقت على حل الدولتين».
وبرر «السيسي» ضرورة حل القضية الفلسطينية، بأنها «إحدى أكبر ذرائع الإرهاب».
ربط بالإرهاب
ربط القضية الفلسطينية بالإرهاب، كان عاملا مشتركا بين كلمة «السيسي»، وكلمة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ «عبدالله بن زايد آل نهيان»، الذي اعتبر هو الآخر أن «جهود وضع نهاية للعنف في المنطقة تصطدم بعدم إنهاء الملف الفلسطيني الإسرائيلي».
وأكد «بن زايد»، استعداد بلاده «للتعاون الدائم وتقديرها للجهود التي يبذلها الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أجل منع الصراعات».
لم يرد على لسان وزير خارجية الإمارات، أن الصراعات والأزمات في المنطقة سببها الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، ولكنه فقط جعل «الملف الفلسطيني الإسرائيلي» عقبة أمام إنهاء السبب الرئيسي وهو الإرهاب، حين قال: «ما زالت منطقتنا تعاني من الأزمات التي سببها الإرهاب والتطرف والتدخل المستمر في الشؤون الداخلية للدول من قبل أنظمة تقدم الدعم لأنظمة إرهابية».
أما أصابع الاتهام، فوجهت إلى قطر، حين قال: «القرارات التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين، ضد قطر تعتبر تدابير سيادية ضمن نطاق القانون الدولي للتصدي لدعم قطر للإرهاب، وحماية الأمن القومي العربي».
البحرين تخالف
وخالفت البحرين، باقي دول الحصار، عندما ذكرت أن القضية الفلسطينية، هي «قضية احتلال، يجب أن ينتهي».
وقال وزير خارجية البحرين الشيخ «خالد بن أحمد آل خليفة»: إن «القضية الفلسطينية ليست قضية دينية، فأرض فلسطين هي مهد الديانات التي عاش عليها الجميع في تعايش ووئام، وإنما هي قضية سياسية بامتياز، قضية احتلال أرض ينبغي أن ينتهي، وشعب يجب أن يعود إلى وطنه، وسلب لحقوق يجب أن ترد لأصحابها، وهذا ما يجب على إسرائيل أن تعيه، رغم كل هواجسها الأمنية».
وواصل «آل خليفة»، هجومه بالقول: «السلام لن يتحقق لـ(إسرائيل) ولا لشعبها، إلا بتخليها عن كل مظاهر العنف ضد الفلسطينيين، وعدم التعدي على حقوقهم وممتلكاتهم المسلوبة، وتوقفها عن أنشطتها الاستيطانية، بما يشكل عائقا رئيسيا لاستئناف عملية السلام وجميع المبادرات الإقليمية والدولية الداعمة لها».
إنهاء الاحتلال
في المقابل، هاجمت كلمة قطر، التي ألقاها الأمير «تميم بن حمد»، الاحتلال، حين قال: «(إسرائيل) لا تزال تقف حائلا أمام تحقيق السلام الدائم والعادل والشامل فيها، وترفض مبادرة السلام العربية».
وواصل «تميم»، هجومه بالقول: «الحكومة الإسرائيلية تواصل نهجها المتعنت واستراتيجيتها في خلق الحقائق على الأرض من خلال التوسع في بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، وتهويد القدس وتقييد أداء الشعائر الدينية في المسجد الأقصى المبارك، والذي يعد عملا استفزازيا خطيرا، كما تواصل حصارها لقطاع غزة».
وتابع: «يتعين على المجتمع الدولي منح أولوية قصوى لاستئناف مفاوضات السلام على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، في إطار زمني محدد».
واستطرد: «وأجدد مناشدتي للأشقاء الفلسطينيين لإتمام المصالحة الوطنية وتوحيد المواقف والكلمة في مواجهة الأخطار والتحديات المحدقة بالقضية الفلسطينية ومستقبل الشعب الفلسطيني».
انسجام وتطبيع
وبحسب مراقبين، فإن هذه اللهجة الصادرة عن دول الحصار، باستثناء البحرين، تدل على تناغم وانسجام، يمهد لتطبيع مع (إسرائيل).
وقالوا إن حملة (إسرائيل) في مجال العلاقات العامة على مدى سنوات، أثمرت في قلب شبه الجزيرة العربية، واستخدام كلمة «نزاع» و«صراع» بدلا من «احتلال» إشارة تمهيدية لإقامة علاقات تطبيعية مع (إسرائيل).
والشهر الماضي، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن وجود علاقات «غير مسبوقة» بين (تل أبيب) والدول العربية، مؤكدا أنه لم يتم الكشف عن حجم هذا التعاون حتى الآن، وواصفا هذا التغير بـ«الأمر الهائل».
وقال عبر حسابه على «تويتر»: «ما يحدث اليوم في علاقاتنا مع الدول العربية يعتبر غير مسبوق، لم يتم الكشف عن حجم هذا التعاون بعد، ولكنه أكبر من أي وقت مضى، هذا تغيير هائل».
وأضاف في تغريدة أخرى: «هذا التغيير الهائل يجري رغم أن الفلسطينيين لم يغيروا بعد، للأسف، شروط التوصل إلى تسوية التي تعتبر غير مقبولة بالنسبة لجزء كبير من الشعب».
وتابع: «هذا التغيير يحدث بسبب الدمج بين قوتنا الاقتصادية-تكنولوجية وقوتنا العسكرية-استخباراتية الذي يؤدي إلى تعزيز قوتنا السياسية».
وكان اللواء السعودي المتقاعد «أنور عشقي»، قال إن العالم الإسلامي سيطبّع مع (إسرائيل) إذا طبّعت السعودية، مشيرا إلى أن المملكة ستنسج علاقة مع (إسرائيل) إذا وافقت الأخيرة على المبادرة العربية.
وسبق أن انتقدت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، ما أسموه عمليات «الهرولة نحو التطبيع» التي تنتهجها بعض الأنظمة العربية، وأكدتا أن «جرائم الاحتلال (الإسرائيلي) وانتهاكاته المستمرة بحق الشعب الفلسطيني تزيدهما إصرارا على استمرار النضال والمقاومة، وعدم التفريط بحبة تراب من فلسطين».
الخليج الجديد
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز