#البحرين: آل خليفة يأمرون خطباء المساجد بالتوقف عن مهاجمة ’اسرائيل’
بعدما أدان الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة صراحةً المقاطعة العربية لـ”إسرائيل”، كشف موقع “ميدل إيست آي” اليوم نقلًا عن أحد أئمة المساجد في مدينة الرفاع البحرينية أن حكومة المنامة أمرت المساجد بوقف الخطب المناهضة لـ”تل أبيب”.
وتوقّع مسؤولون بحرينيون عبر”ميدل إيست إي” إمكانية إعلان تطبيع العلاقات بشكل رسمي في غضون سنة، إثر توفّر عدد من الدلائل التي تشير الى أن المنامة تسقط عداءها التقليدي لـ”إسرائيل” وزيارة مسؤولين من اتحاد كرة القدم الإسرائيلي إلى مؤتمر فيفا في مايو/أيار في المملكة مثال على ذلك.
المسؤولون لفتوا الى أن الجانبين يعملان بالفعل على إقامة زيارات تبادل لوزراء ورجال أعمال وشخصيات دينية دون أن يتطوّر الأمر الى فتح بعثات دبلوماسية، وهو ما أكده مسؤول غربي أيضًا حين قال لـ “ميدل أيست إي” “لا أعتقد بأننا سنشهد افتتاح سفارة إسرائيلية هنا، لكن على الأرجح ستكون لدينا زيارات رسمية من وزراء التجارة والشؤون الإقتصادية”.
وأضاف المسؤول “لا أقول هذا العام.. ربما بعده سيخبر الملك البحريني الناس بأنه من المهمّ مواجهة إيران”.
بدوره، قال مسؤول بحريني آخر لـ “ميدل إيست إي” إن “إقامة علاقات مع “إسرائيل” لن تكون مشكلة، فالأخيرة لا تشكّل تهديدًا للمملكة الخليجية”، وأضاف “”اسرائيل” لا تهدّد أمننا أو تتآمر علينا ولكن إيران بالتأكيد تفعل ذلك”، وفق ادّعائه.
وكان الحاخام البارز الذي التقى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قد صرّح في وقت سابق من الأسبوع الماضي بأن الملك حمد قال إنه يعارض مقاطعة الدول العربية لـ”اسرائيل” ويعتزم السماح لمواطني مملكته بزيارة الأراضي المحتلة بحريّة.
وفي فبراير/شباط الماضي، التقى الملك البحريني الحاخام مارفن هير، وهو عميد ومؤسس مركز “سيمون فيزنتال” في لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية إلى جانب المدير المشارك لمركز “فيزنتال” الحاخام أبراهام كوبر.
هاير قال لصحيفة “تايمز أوف اسرائيل” إنه كان في دبي في مهمّة خاصة بمؤسّسته عندما دعاه الملك شخصيًا لزيارة قصره، وأضاف “في الوقت الذي عُقد فيه الاجتماع في فبراير/شباط الماضي، قال إنه مستعدّ الآن لمناقشة مضمونه بعد أن تلقّى إشارة واضحة من الملك، وكانت الإشارة الأخرى أن الأمير البحريني ناصر بن حمد آل خليفة قد حضر مناسبة كبيرة لمركز “ويسنتال” الأسبوع الماضي، كما زار متحف التسامح المؤيّد لـ”إسرائيل” الذي يقع في “لوس أنجلوس”.
وردًا على سؤال حول ما اذا كان الملك مستعدًا للسماح للبحرينيين بزيارة الأراضي المحتلة، قال هير “بشكل لا لبس فيه”، وأردف “الملك البحريني تقدّم كثيرًا في تفكيره من القادة الآخرين فى المنطقة.. ليس هناك مقارنة”، وتابع “الملك لا يرى أن هناك سببًا لوجود أعمال عدائية بين “تل أبيب” والمنامة، فهو أوضح أن الطرفين يمكن أن يكونا حليفين لوقف النفوذ الإيراني في المنطقة”، على حدّ تعبيره.
تقرير “ميدل إيست آي”:
“المنامة استقبلت وفدًا إسرائيليًا خلال الفترة الماضية، في ظل وجود مخططات لتخفيف القيود على زيارة المواطنين البحرينيين لـ”تل أبيب”. وهناك تقارير تفيد بإنشاء لجنة مشتركة بين الجانبين للإشراف على مشروع متحف لـ”التسامح الديني”، وصدور تصريح مثير لملك البحرين يندّد فيه بحصار العرب لـ”إسرائيل”.
وبعد عقود طويلة من المعارضة الشديدة لـ”اسرائيل” والدعم العلني للقضية الفلسطينية، يبدو أن دولة البحرين على وشك أن تصبح أول بلد خليجي يطبع العلاقات مع “إسرائيل”.
كذلك، يرجّح مصدر دبلوماسي أن الإعلان الرسمي حول هذه الخطوة سيتم العام المقبل. ويكمن السبب الرئيسي لهذا التحول في الضفة الأخرى لمنطقة الخليج العربي، أي طهران التي تنظر إليها النخبة السنية الحاكمة في المنامة على أنها تشكل تهديدًا لها إلى جانب حزب الله.
تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” يهدد بحدوث مزيد من الانقسامات وتولد التوتر في البلاد، التي تعاني أصلا من الانقسام بين حكام البلاد وأغلبية الشعب. في المقابل، هناك دول خليجية أخرى تتواصل مع “إسرائيل” بشكل سري؛ من أجل تجنّب السخط الشعبي والانتقادات، إلّا أن البحرين تقوم بذلك بشكل علني في الفترة الأخيرة. واستخدمت الحكومة الانقسام المجتمعي الحاصل كذريعة لهذه الخطوات، بزعم أنها تريد حماية الأمن القومي من التدخلات الإيرانية.
مصدر دبلوماسي مطلع في الحكومة البحرينية صرّح بأن هناك اتصالات على أعلى مستوى بين المسؤولين في الطرفين، تركز على تبادل الزيارات بين رجال الأعمال والشخصيات المؤثرة في المجتمع والدين. وسيتبع هذه التطورات إعلان رسمي عن اتفاقيات تجارية ثنائية.
وأكد مصدر دبلوماسي بحريني أن “إسرائيل” لا تشكل تهديدًا لأمننا أو تتآمر علينا، بل إن إيران هي التي تقوم بذلك”، وأضاف المصدر نفسه: “لقد كان الرئيس الفرنسي محقا عندما ذكر أن بشار الأسد ليس عدوا لفرنسا، والإطاحة ليست من ضمن أولوياتها، ونحن نعمل بالمبدأ ذاته مع إسرائيل؛ لأننا نضع مصالح بلدنا أولا”.
هذه التصريحات منبثقة عن دولة لا تزال تعتبر القدس مدينة محتلة، ولسنوات كان الأئمة في مساجدها يدعون لتدمير “إسرائيل”، بتشجيع مباشر من الحكومة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن شرارة هذه التطورات أطلقتها تغريدة على موقع تويتر نشرت في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، أطلقت العنان لسباق ضد الزمن من أجل تحسين العلاقات، وقد أُصيب العديد من البحرينيين أصيبوا بالصدمة عندما علموا أن وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة، كتب هذه التغريدة باللغة الإنجليزية، مقدما فيها تعازيه لإسرائيل بعد وفاة شمعون بيريز.
والجدير بالذكر أن دول الخليج لا تربطها أي علاقات رسمية أو اتصالات مع “إسرائيل”، ولم يسبق أن علقت على أحداث تخصها أو عبرت عن تعاطفها مع أي من الشخصيات السياسية. ولكن، بعد شهرين من هذه التغريدة، تم نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه بحريني يرتدي اللباس الوطني، يرقص إلى جانب حاخام على وقع أغنية بعنوان “شعب إسرائيل أحياء”، أثناء احتفالهم بعيد الحانوكا في المنامة.
وذكرت السلطات حينها أن هذا الحدث هو مناسبة خاصة مرتبطة بزيارة محدودة، قام بها رجال أعمال أمريكيون يهود، من أجل دعم الاستثمار المحلي. وفي 11 أيار/ مايو من هذا العام، شهدت المنامة أول زيارة لمسؤول إسرائيلي خلال الاجتماع رقم 67 للجمعية العامة للاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا.
رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم علي بن خليفة آل خليفة قال في هذا السياق لصحيفة البلاد المحلية: “أنا متأكد من أن استضافة اجتماع الفيفا يعني بالنسبة لنا أكثر من مجرد السماح لثلاثة أعضاء إسرائيليين بدخول البلاد. نحن ننظر دوما للصورة الكبرى”، وخلال الأسبوع الماضي، قدّم الأمير البحريني ناصر نيابة عن والده، الملك حمد “الإعلان البحريني عن التسامح الديني” في متحف التسامح في لوس أنجلوس، وهو متحف وصفته لوس أنجلوس تايمز بأنه مؤسسة تابعة بالكامل لـ”إسرائيل”.
وذكرت الصحف الإسرائيلية بالتوازي مع هذا الحدث أن ملك البحرين ندد بالحصار العربي لـ”إسرائيل”، في حديث له مع الحاخام أبراهام كوبر، مدير برنامج العمل الاجتماعي العالمي في مركز سيمون ويشنتال. في الحقيقة، إن هذا الانفتاح لا يحظى بأية شعبية في صفوف الشارع البحريني، خاصة التعازي التي تم تقديمها لـ”إسرائيل” على إثر وفاة شمعون بيريز. فضلًا عن ذلك، ضجّت حسابات التويتر في البحرين بالغضب والاستياء من موقف وزير الخارجية، معتبرة أنه لا يمثل فقط تغاضيا عن الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين، بل تناسيا أيضا لجرائم الحرب التي ارتكبها بيريز في لبنان وفلسطين.
وقال خليل بهازة لـ”ميدل إيست آي”: “كيف يمكن لبيريز أن يرقد بسلام بينما ستلاحقه دموع الأمهات اللاتي قتل أبناءهن؟ كيف يمكن أن ترقد روحه بسلام ودماء الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين تطلب القصاص؟” وأضاف: “أنت تقدم تعازيك لشخص ارتكب مجزرة قانا إبان حرب لبنان، أنت تقدم تعازيك لشخص شارك في تهجير السكان العرب من أرض أجدادهم، أنت تقدم التعازي لشخص قاد عملية الاحتلال”.
كما شهدت وسائل التواصل الاجتماعي في البحرين أيضا غضبا كبيرا من زيارة الأعضاء الإسرائيليين في الفيفا، وانتشر وسم “البحرين ترفض التطبيع”. وقد انضمت 12 منظمة من المجتمع المدني إلى القوى التي شكلت جمعية لمناهضة التطبيع. وفي هذا الصدد، قال رئيس هذه الجمعية، جمال الحسن، إن “مصالح وأهداف الحكومة البحرينية التي تسعى لتحقيقها لا تساوي شيئا أمام الدماء الفلسطينية”.
كذلك غرد محمد خالد، العضو السابق في البرلمان البحريني والمنتمي للإخوان المسلمين، قائلا: “صدقوا أو لا تصدقوا، البرلمان فشل في إصدار بيان يدين الوجود الإسرائيلي على الأراضي البحرينية”.
ولا تقتصر المعارضة الشعبية لتطبيع العلاقات فقط على فئة واحدة من المجتمع البحريني؛ إذ إن الشاب رسول أيضا، المنتمي للطائفة الشيعية، كتب على تويتر تغريدة، قال فيها: “من العار على بلدي أن يرفرف على أرضها علم الكيان الصهيوني”ن فيما كتب الإمام السلفي إبراهيم الهادي: “لم أتصور يوما أن علمهم سوف يرتفع في بلدي، لماذا يا بحرين يحدث هذا؟”. أما الناشط السياسي المعارض، علي الفايز، فقد اعتبر أن القضية الفلسطينية لطالما وحدت البحرينيين، لذلك فإن الحكومة بموقفها هذا لا تمثل الإرادة والتوجهات السياسية الشعبية.
وأيضًا، ندّدت جماعة الإخوان المسلمين في البحرين بهذه الخطوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأعلن الأمين العام للجمعية وعضو اللجنة التنفيذية في رابطة القدس ناصر الفضالة أن “الحكومة البحرينية خرقت الدستور، الذي ينص بكل وضوح على الالتزام بالقضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية”. كما بيّن الفضالة أنه “في كل مرة يقومون بخطوات أكثر نحو التطبيع، يزيد الرفض والغضب الشعبي. لا يحق لهم خرق الاتفاقات المبرمة بيننا”.
وتصرّ الحكومة البحرينية على الرغم من كل هذا الرفض الشعبي من مختلف الأطياف والشرائح على المواصلة في هذا الخيار. وحيال هذا الشأن، أفاد دبلوماسي غربي موجود في المنامة بأن السلطات البحرينية ستعلن عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في غضون سنة. كما قال هذا الدبلوماسي: “لا أعتقد أننا سنشهد افتتاح سفارة إسرائيلية هنا.. ربما ستكون هناك زيارات رسمية بين وزراء الاقتصاد والتجارة”.
كما أضاف المصدر نفسه: “لا أقول إن هذا سيحدث خلال العام الجاري، ربما العام المقبل سيخبرون الشعب أن هذا مهم من أجل الوقوف في وجه إيران، ومع الوقت سيقبل الناس بهذا الواقع”.
في هذه الأثناء، تواصل السلطات مساعيها لتعويد عقول البحرينيين على هذا التطبيع. وذكر إمام من منطقة الرفاع في غرب البحرين، أثناء اتصال مع ميدل إيست آي، أن الحكومة أصدرت مؤخرا تعليمات للمساجد لوقف أي خطب معادية لـ”إسرائيل”. ولكن السؤال الذي يطرح الآن هو: هل سيحترم أئمة المساجد المعارضون لهذه السياسة تعليمات حكومتهم؟.
#جرائم_داعش_في_تعز