من وحي السبعين
أنا الشعب زلزلة عاتية، ستحرق نيرانهم غضبتي، وكأني كنت أستمع إلى وقع خطوات جموع الأحرار في ميدان السبعين وهم يحييون الذكرى الثالثة لثورة الـ21من سبتمبر، وهي تعكس صدى هذه الكلمات في خيلاء وشموخ وعنفوان يماني بديع، منذ ساعات مبكرة من صباح يوم أمس الأول الأربعاء، وجموع الأحرار من أبناء اليمن رجالا ونساء، كبارا وصغارا، يتوافدون على العاصمة صنعاء جماعات وفرادى في مواكب الإباء والشموخ والعزة والكرامة والصمود والبذل والعطاء، وجهتهم واحدة، وعلمهم واحد، وهدفهم واحد، ومقصدهم واحد، جاءوا من كل المحافظات اليمنية بما في ذلك تلكم الواقعة تحت سيطرة قوى الغزو والاحتلال وأدواتهم الإرهابية والإجرامية، من شبوة الصمود والثبات، وأبين الشموخ، والضالع الإباء، ولحج الطيب، وعدن الغيد، وحضرموت الأصالة والعراقة، من تمكنوا من الحضور في مواكب محافظاتهم، ومن شاركوا باسم محافظاتهم من المقيمين في العاصمة صنعاء ، الجميع حضروا للمشاركة في عيد التحرر من قوى الهيمنة والتسلط والنهب والفساد ، تلكم القوى التي وزعت شرورها لكافة المحافظات بعد أن وصلت إلى درجة الفرعنة وظنت بأن اليمن واليمنيين من أملاكها الخاصة ، وأنهم أهل الحل والعقد ، والأوصياء عليهما .
صباح أمس الخميس كان المشهد استثنائيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، الوفود تتقاطر بكثافة على ميدان السبعين، حالة من الرهبة والانتشاء والنشيد الوطني يعزف بكلماته الرائعة ولحنه البديع، فكان المشهد فريدا، وأعلام اليمن ترفرف خفاقة في ساحة الاحتفال، والقلوب تتراقص وتتمايل معها عشقا وحبا وولاء لهذا الوطن المعطاء، لمست اندفاعية غير عادية لدى غالبية الحضور للوصول إلى أمام المنصة الرئيسية لتسجيل حضورهم وتأكيد مشاركتهم في عيد ثورة الخلاص من براثن الفساد والهيمنة والتسلط، وكان لافتا بقوة الحضور النسائي الكبير الذي عكس مستوى الوعي الذي وصلت إليه المرأة اليمنية والتي كان يتم التعامل معها في السابق ككرت انتخابي يتم استخدامه خلال المواسم والجولات الانتخابية، وكان المشهد مهيبا بحضور كوكبة من الجرحى الأبطال وبعضهم يحملون بنادقهم وكلهم لهفة وشوق للحظة التي يتماثلوا فيها للشفاء للعودة لمواقع الرجولة والبطولة والتضحية مؤكدين بأنهم للغزاة والمرتزقة بالمرصاد.
قوافل العطاء والمدد والكرم والجود التي قدمها رجال اليمن الأوفياء الكرماء العظماء، الطائرات بدون طيار اليمنية الهجومية والاستطلاعية التي تم عرضها هي الأخرى مثلت صورة من صور التميز في هذا اليوم البهيج، وزادت كلمات المناسبة بمضامينها القوية والوطنية المشهد تميزا وألقا، ولا أبالغ إن قلت لكم بأننا أثناء خروجنا من ميدان السبعين شاهدنا مئات السيارات وآلاف المواطنين كانوا في طريقهم لميدان السبعين ، وكنا نخبرهم بأن الاحتفال قد انتهى ونطالبهم بالعودة كي لا يتسببوا في وقوع تزاحم وتصادم مع الجماهير المغادرة للميدان، ولكنهم كانوا يصرون على الوصول للميدان غير مكترثين بالزحام والتدافع وشدة حرارة الشمس، ولا غرابة فهذا هو الشعب اليمني الوفي الأصيل الصابر، هذا هو الشعب المحاصر، والمقطوعة عنه المرتبات ، الشعب الذي لا يعرف الوهن ولا يقبل بالذل والانكسار، الشعب الذي صمد ووقف شامخا في وجه عدوان غاشم أرتكب مختلف صنوف وأشكال الجرائم بدم بارد وباستخفاف لا يخلو من الهمجية والسقوط القيمي والأخلاقي .
بالمختصر المفيد، ميدان السبعين اكتسى حلل من الجمال والإبداع والروعة في مقام ثورة الـ 21سبتمبر. ومن السبعين جدد الثوار تمسكهم بالثورة والجمهورية والوحدة والمكتسبات الوطنية وأكدوا على وحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية وترسيخ قيم العدالة والحرية والمساواة ومحاربة الفساد والصمود في مواجهة العدوان، وأرسلوا الكثير من الرسائل للغزاة والمحتلين والمرتزقة كانت أهمها التأكيد على أن لا مساومات ولا صفقات ولا مقايضات على حساب الوطن، ولا تفريط بالثوابت الوطنية، والتأكيد على أنهم سيواجهون التصعيد بالتصعيد والتحدي بالتحدي حتى يتحقق النصر المؤزر بإذن الله .
جمعتكم مباركة وكل عام وأنتم بألف ألف خير بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية وأعياد الثورة المجيدة .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .