“وول ستريت”: السعودية تبرّر حملة القمع والاعتقالات بمخطط لإطاحة بن سلمان
قالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في تقرير نشرته أمس الجمعة، إن السلطات في المملكة العربية السعودية تحاول قمع أي أصوات معارضة داخل البلاد، بينما يقوم ولي العهد محمد بن سلمان بتعزيز نفوذه قبل تسلمه العرش من والده، الملك سلمان، بحسب ما يرى مسؤولون وملاحظون من السعودية والخارج، مضيفةً أن السلطات تدّعي أنها تقوم بالتعامل مع “تهديد أمنها الداخلي”.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن السعودية تتشدّد في قمعها الأمني الذي انتقدته جهات حقوقية عدة، فيما ادّعى بعض المسؤولين أن حملة القمع تستهدف أشخاصاً يُشتبه في تدبيرهم مخططاً لإطاحة النظام القائم.
ولفت تقرير الصحيفة إلى أن السلطات السعودية لم تُحدد هوية الأشخاص الذين قامت باعتقالهم، ولم توضح عددهم، فيما يشير ناشطون إلى أنه جرى اعتقال ما لا يقل عن 40 شخصاً منذ الأسبوع الماضي، أغلبهم ليلة الخميس الماضي. وأضاف التقرير أن نصف هؤلاء رجال دين وعلماء بارزون ومعلّقون سياسيون وأفراد من العائلة الحاكمة.
في المقابل، نقلت “وول ستريت جورنال” أن السلطات السعودية برّرت حملة القمع بمواجهتها المصالح الخارجية التي تهدد الأمن الداخلي، موضحة أن بعض المسؤولين مضوا أبعد من ذلك، حينما ادّعوا الجمعة أن كثيراً من الأشخاص الذين جرى اعتقالهم مرتبطون بجماعة “الإخوان المسلمين”، المحظورة في السعودية، وأنهم كانوا في المراحل الأولى لتدبير مخطط لإطاحة الحكم.
وأوردت الصحيفة تصريحاً لمسؤول سعودي، لم توضح هويته، زعم أن “الجماعة التي جرى اعتقالها كانت تقوم بأنشطة تجسّس وتخابر مع جهات خارجية، بما فيها الإخوان المسلمون”، قبل أن يضيف أن أفراد تلك الجماعة يتهمون أيضا بتلقّي التمويل من بلدين أجنبيين (لم يحددهما)، وذلك “بهدف زعزعة الأمن وتهديد الوحدة الوطنية بخطوة أولية في أفق إطاحة الحكومة الشرعية لصالح جماعة الإخوان المسلمين”.
وبيّن تقرير “وول ستريت جورنال” أن النشطاء يقولون إن حملةَ القمع هذه تذهب إلى أبعد من الحملات السابقة للسلطات السعودية، سواء من ناحية من جرى استهدافهم وكذلك المراقبة الشديدة لما تنشره الشخصيات البارزة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويؤكد هؤلاء النشطاء أن القمع يستهدف كذلك الأصوات السياسية المستقلة.
“لا نستطيع في الأعوام الأخيرة أن نستحضر أسبوعاً واحداً تم فيه استهداف هذا العدد الكبير من الشخصيات السعودية البارزة خلال مدة زمنية وجيزة جداً”، كما ورد في تصريح لمدير الحملات بالشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، سماح حديد. هذا الأخير أضاف: “لقد بات واضحاً أن القيادة الجديدة بزعامة ولي العهد، محمد بن سلمان، تبعث رسالة شديدة اللهجة: لن يتم التسامح مع حرية التعبير”.
كذلك أوردت الصحيفة أن عدداً من الأشخاص الذين تم اعتقالهم لم يدعموا قرار السعودية قطع العلاقات مع دولة قطر، فيما أشار مسؤول سعودي للصحيفة إلى أنه لا يعتقد أن الأشخاص الذين جرى اعتقالهم كانوا يهيئون لشن انقلاب، لكنه قال “هناك روابط جلية بين هؤلاء الذين جرى اعتقالهم والإخوان المسلمين”.
وفي ما يخصّ صعود محمد بن سلمان السريع إلى الحكم، قالت الصحيفة إنه واجه مقاومة إلى حد ما داخل العائلة الحاكمة، وإن عدداً من الأمراء يعارضون قرار الملك الذي اتخذه في يونيو/ حزيران الماضي بتعيين الأمير محمد ولياً للعهد، محل ابن عمه، الأمير محمد بن نايف. وأضافت أنه منذ ذلك التاريخ قامت السلطات بفرض الإقامة الجبرية على عدد من الأمراء البارزين، واعتقلت واحداً منهم على الأقل.
وأورد تقرير الصحيفة أنه في ظل قيادة محمد بن سلمان، تسعى السلطات إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية جريئة، كخصخصة الأصول المالية للدولة وتقليص المساعدات الاقتصادية، بهدف الحد من تدخل الدولة بالاقتصاد وتقليص اعتماد البلاد على عائدات النفط. وأكدت “وول ستريت جورنال” أن تلك الإجراءات أدت إلى ظهور احتجاجات في بلاد تعرف مستويات عالية من العطالة عن العمل، ويشتكي فيها كثير من المواطنين من غياب سكن في المتناول”.
العربي الجديد