العد التنازلي للقضاء على داعش نهائيا
تتجه الأنظار بعد الموصل وتلعفر، صوب دير الزور السورية، حيث تشهد بدء العد التنازلي للقضاء على تنظيم داعش الارهابي وإنتهاء آخر الثواني من حياة هذا التنظيم في المنطقة.
وتحكي آخر الأخبار عن تطويق الجيش السوري و حلفاؤه لدير الزور حيث لم يتبقى على تحريرها سوى مسافات قليلة.
ويرى العديد من الخبراء ان التنظيم لم يعد يمتلك رمق المقاومة كالسابق وهو يعيش ايام حياته الأخيرة.
يذكرنا هذا الكلام بتصريحات المسؤولين العراقيين حيث كانوا يقولون اننا سنقضي على حياة داعش في الموصل بدعم من الشعب والحشد الشعبي العراقي الى جانب الجيش، خلافاً لأقوال الأمريكيين الذين أدّعوا ان التنظيم سيستمر سنين طويلة.
على الأرض، كانت فصائل المقاومة الى جانب الناس في العراق، هم الذين غيروا المعادلة في ميادين الحرب، إذ ضربوا طابور داعش في الموصل ومن ثم في تلعفر والآن يتجهون نحو المناطق الاخرى.
إن التنسيق بين الجيش وفصائل المقاومة مع الحشد الشعبي من جهة، والتقارب والجهود التي تبذلها إيران وروسيا وسوريا للتفاوض في قمة أستانا وغيرها من المفاوضات التي أجريت للحوار مع المعارضة، قد عملا معا بتضييق الحصار على داعش في الأشهر الأخيرة مما سيؤدي الى القضاء على حياة التنظيم بالكامل.
تاريخ داعش
كانت جماعة داعش الإرهابية التي يقودها أبو بكر البغدادي، وهو من المقاتلین السلفيين المعزولين عن تنظيم القاعدة في عام 2004، دخلت الحرب مع الحكومتين العراقية والسورية.
وتعود جذور تنظيم داعش إلى جماعة التوحيد والجهاد التي تأسست في عام 1999 بزعامة أبو مصعب الزرقاوي التي انضمت إلى تنظيم القاعدة في عام 2004.
وتشير التقارير الى ان تنظيم داعش، تأسس أساسا بالقرب من الحدود السعودية في صحراء محافظة الانبار التي لها حدود واسعة مع السعودية.
ونظرا للصحراء وبُعد محافظة الانبار عن مركز العراق، فهذه المنطقة القليلة السكان، فارغة تقريبا من السكان وبعيدة عن السيطرة العسكرية الكاملة.
كما ان جماعة داعش، المُخفف اسمها من عبارة “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، تصر على تسميتها في وسائل الإعلام الغربية بالدولة الإسلامية، وهي حاليا أكثر الجماعات التكفيرية نشاطا وأشدها تطرفا في المناطق السورية والعراقية.
وتتمتع هذه المنظمة الإرهابية المُكَونة من القوات السلفية والوهابية والبعثية، بدعم علني وخفي من بعض البلدان.
الهدف من تأسيس تنظيم داعش الارهابي
ان داعش هي جماعة إرهابية مسلحة ذات فكر وأسلوب جهادي سلفي، وقد أعلن أعضائها ان هدفهم الرئيسي هو إقامة خلافة إسلامية وتطبيق الشريعة في العراق وسوريا.
وقد استولى التنظيم على أجزاء من سوريا والعراق بعد عدة سنوات من تأسيسه.
وتمُر أكثر من ست سنوات على وجود تنظيم داعش التكفيري في سوريا والعراق، لكن حجم الإعلانات الإعلامية لهذا التنظيم متنوع جدا، حيث أنه يثير تساؤلات خطيرة حول داعمي هذا التنظيم.
مذكرات كلينتون حول تأسيس داعش
ذكرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، في مذكرتها الجديدة بعنوان “الخيارات الصعبة” كان من المفترض أن يتم تأسيس داعش، بإتفاق بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين في مصر.
وكتبت كلينتون: “شاركنا في الحرب العراقية والسورية والليبية، وكان كل شيء على ما يرام، ولكن في الوقت نفسه اندلعت ثورة 30 يونيو في مصر ضد حكومة الإخوان المسلمين، وتغير كل شيء خلال 72 ساعة، إذ كنا قد اتفقنا مع الإخوان المسلمين في مصر على تشكيل دولة إسلامية في سيناء.
وكان من المقرر إعطاء جزء من سيناء الى حماس والجزء الاخر لإسرائيل وان تنضم حلايب وشلاتين الى السودان وان تفتح الحكومة المصرية الحدود مع ليبيا في منطقة السلوم.
واضافت: “كان من المفترض ان نعترف بالدولة الاسلامية في الخامس من تموز / يوليو 2013 من خلال لقاء مع حلفائنا الاوروبيين”.
وأوضحت كلينتون: “سافرتُ الى 112 دولة لشرح دور اميركا والاتفاق مع بعض الاصدقاء والحلفاء حول الإعتراف بالدولة الاسلامية فور تشكيلها، ولكن سرعان ما تغير كل شيء في لحظة امام أعيننا”.
وأشارت بعض التقارير أيضا إلى تلقّي أبو بكر البغدادي، رئيس هذه الجماعة الإرهابية، تدريبات مختلفة لعدة شهور على ايدي النظام الصهيوني لكي يتزعم هذا التنظيم.
جرائم داعش في سوريا
ووفقا لبعض المصادر، تم قتل أكثر من 320،000 سوري منذ بدء الحرب السورية حتى أواخر العام الماضي.
ويشير هذا الرقم إلى زيادة قدرها 9000 حالة وفاة من شهر ديسمبر حتى نهاية مارس 2016.
الأزمة السورية في طريقها الى الانفراج
لقد باتت سوريا منذ السنوات الست الى الان، إحدى أهم أزمات الشرق الأوسط، وتشير الدلائل في السنوات العديدة الماضية ان سوريا بدأت تسير نحو الاستقرار، وهذه الاضطرابات تقترب من أيامها الأخيرة. ويعتقد الخبراء أن الحرب الأهلية في سوريا ستنتهي عام 2017، ويعود الناس الى حياتهم الطبيعية.
سياسة امريكا في دعم التيارات التكفيرية
إن سياسة الولايات المتحدة في المنطقة كانت منذ زمن طويل، سياسة دعم التيارات الإرهابية والعرقية، وخلق فجوة بين مختلف القوميات والأديان. وهذا ما اتبعته حقا في العراق وسوريا بتفريق الناس، لتستغل الأزمات التي تحدث جراء هذه السياسة كي تدعم التيارات الارهابية، خاصة تنظيم داعش.
وبالنظر الى انتهاء تاريخ استخدام تنظيم داعش من قبل الولايات المتحدة، فإن سياستهم الحالية تميل الى توظيف هذه المجموعة الإرهابية في عمليات جديدة، وربما نشهد حالات وأشكال أخرى لإستخدام داعش في المستقبل.
الهزائم المتلاحفة لتنظيم داعش
وقال السفير الإيراني السابق في سوريا: نظرا للضربات القاضية التي تلقاها الدواعش في المعارك الأخيرة في الموصل وتلعفر في العراق، فضلا عن الهزيمة الأخيرة في منطقتي القلمون ورأس بعلبك في سوريا ولبنان، يبدو ان جبهة دير الزور ستشهد مقاومة ضئيلة من قبل الدواعش.
وقال محمد رؤوف شيباني إن تنظيم داعش يواجه تحديا خطيرا في مختلف جبهات القتال، نتيجةً للمعارك الخطيرة لعناصره مع جبهة المقاومة وحلفائها، وهو في تراجع كل يوم عن سابقه.
التحدي القادم للمنطقة هي مرحلة ما بعد داعش
وقال عضو المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الايرانية: إن الخطر الذي يهدد استقرار وأمن الشرق الأوسط والعالم هو المرحلة التي تلي هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا.
وقال شيباني: “يجب أن نرى ما هو مصير العناصر التي خلفها تنظيم داعش وأين سيستقرون.
وواصل قائلا: إن العديد من المحللين والسياسيين الغربيين والإقليميين مشغولون في هذه القضية كي يتمكنوا من التوصل إلى نتيجة.
وقال السفير الإيراني السابق في سوريا إن حل هذه المشكلة، وهي قضية عالمية تهدد مصالح العديد من الجهات، يبدو ممكنا من خلال اجتماعات إقليمية ودولية مشتركة.
تسارع سير الحوار بعد النجاح الذي حققته سوريا
وقال شيباني إن الانتصارات الأخيرة في سوريا ستُسرَع بلا شك عملية الحوار وستمهد الطريق لحل سياسي أمام عمليات التفاوض في أستانا وجنيف.
وأضاف: أن التصريحات التي أدلى بها مؤخرا وزير الخارجية السعودي، حيث دعا جهات المعارضة المدعومة من المملكة العربية السعودية، لإعادة النظر في سياستهم إزاء التطورات في سوريا والتمعن أكثر إلى الحقائق.
وأوضح: من المتوقع أن تساهم التطورات الميدانية الأخيرة في سوريا، في تقدم سير المفاوضات في قمة أستانا مع المفاوضين.
الإستنتاج
يوجد تباين بين مُختلف الجماعات والتيارات الإرهابية السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، مما يجعل من الصعب جدا تحقيق وحدة الرأي ووحدة السلوك بين قوى المعارضة. وتبين هذه الاختلافات بين الإرهابيين أن انهيار تنظيم داعش يقترب.
لقد طالب جزء من المعارضة في الحرب ضد الشعب السوري، بوقف إطلاق النار، لكن جزء آخر من الجماعات المسلحة لم يذهبوا تحت عباءة وقف إطلاق النار، وكما نرى لا تزال هناك انفجارات وعمليات إرهابية كثيرة على مناطق سوريا.
ان أهم عامل في الحفاظ على الحكومة السورية واستمرارها على مدى السنوات التالية هو استمرار الحكم الحالي ومكافحة التيارات الارهابیة المسلحة.
ومن ناحية أخرى ترمي الجماعات المسلحة إلى الإطاحة بالنظام وتغيير الحكم الحالي في سوريا والاستيلاء على جميع المصالح في هذا البلد، إذ لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم على مر السنين الماضية، مما أدى إلى إضعاف القوة العسكرية والاقتصادية لهذه المجاميع الارهابية.
وقد أدى صياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات في سوريا، الى إنزلاق هذه المجاميع الارهابية وخاصة تنظيم داعش، نحو السقوط إضافة الى تدني شعبيتهم وادعاءاتهم الكاذبة في المنطقة.
تكمن أولوية الحكومة السورية في الظروف الحالية، بمكافحة الإرهاب في حين أن الجماعات الإرهابية، بما في ذلك داعش، قد أعطت الأولوية للإستيلاء على الحكم في سوريا.
الوقت
#أعيادنا_جبهاتنا