ما هي القنبلة الهيدروجينية؟ وكيف تعمل؟
إستفاق العالم بالأمس على خبر قيام كوريا الشمالية بتجربة قنبلة هيدروجينية بنجاح والتي نتج عنها زلزال بقوة 6.6 درجات أرعب الدول المجاورة لكوريا والعالم ككل بسبب حالة الجنون والتوتر التي تعيشها تلك المنطقة.
فما هي تلك القنبلة؟ وما قدرتها التدميرية؟
علمياً تعتبر القنبلة الهيدروجينية أحد أنواع القنبلة النووية الحرارية، وطريقة عملها تعتمد بشكل أساسي على إنصهار عدد من العناصر أساسها الهيدروجين والديوتيريوم والتريتيوم وهما نظيرين للهيدروجين، وذلك بالإستفادة من درجات حرارة عالية جداً تؤمنها إشنطارات نووية. وينتج من إنصهار هذين النظيرين للهيدروجين ذرّات الهيليوم مع بعض النيوترون الإضافي، إلا أن الهيليوم الذي يتولد من عملية الإنصهار هذه يكون ذات كتلة أثقل من تلك التي يملكها الهيليوم الطبيعي، وتقاس قوة القنبلة الهيدروجينية بالميجا طن، وقدرتها التدميرية أقوى بأضعاف من قوة القنبلة النووية العادية التي إستخدمتها أمريكا في هيروشيما وناكازاكي واللاّفت أن قوة هذه القنبلة لا تنفك تقوى كلما ازدادت عمليات الإنصهار بين الذرات، وفيما يلي رسم توضيحي يبيّن كيفية عمل وتشكّل القنبلة الهيدروجينية بالتدريج:
الإنصهار والقوة الإنفجارية
إذاً تُنتِج القنبلة الهيدروجينية جرّاء إنصهار عناصرها موجة إنفجارية أقوى من تلك التي تنتج من تقنية الانشطار النووي (القنبلة النووية) التي يستخدم فيها اليورانيوم والبلوتونيوم. لذلك يمتد إشعاع القنبلة الهيدروجينية إلى مساحات شاسعة جداً تصل إلى ما يقارب المئتين كيلومتر وهذا ما يوازي مدن بأكملها، فيما القوة التدميرية لهذه القنبلة تختلف بإختلاف حجم القنبلة وحجم الإندماج الذي يحدث فيها لذا تترواح قوتها التدميرية بين 10 آلاف و50 ألف قنبلة نووية عادية.
وجرى تطوير هذه القنبلة الفتاكة على مراحل، وذلك على يد العالم المجري-الأمريكي الشهير إدوارد تيلير الذي يلقب بأبو القنبلة الهيدروجينية، فهو الذي قام بالأبحاث الأولى لصناعة القنبلة النووية وهو الذي أشرف على مشروع منهاتن الذي بدأ عام 1943 والذي نتج عنه أول قنبلة نووية لاحقاً، ومن ثم ساهم بتطوير وصناعة أول قنبلة هيدروجينية.
القدرة التدميرية
وإذا ما أردنا أن نفهم القدرة التدميرية لهذه القنبلة علينا أن نعرف أن قوتها هذه تقاس بالميغا طن والقنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناكازاكي واللتان قتلتا مئات الآلاف من اليابانيّن قدرتهما التدميرية تقاس بالحد الأقصى بـ 13 أو 18 كيلو طن فقط، ومن ناحية أخرى تعادل قوة قنبلة هيدروجينية متوسطة الطاقة الإنفجارية لحوالي 20 مليون طن من مادة الـ “تي أن تي” .
لا بل أكثر من ذلك، القنبلة النووية الإنشطارية تستخدم داخل القنبلة الهيدروجينية لتساعد على تأمين الحرارة والضغط اللازمين لعملية إنصهار الذرّات المطلوبة في داخل القنبلة الهيدروجينية والذي يطلق عملية تشكيل هذه القنبلة. والعملية نفسها تحدث على سطح الشمس التي يوجد عليها كميات كبيرة من غاز الهيدروجين وفي الوقت نفسه تمتلك الحرارة الكافية لتصهر هذا الغاز (15 مليون درجة مئوية)، إلا أن الفارق أنه على سطح الشمس تنصهر أربعة بروتونات سوياً وينتج الهليوم بكثافة مختلفة قليلاً.
والطاقة الناتجة من التقنية الاندماجية هي أكبر من طاقة تقنية الانشطار (التي تحدث في القنبلة النووية وتؤدي إلى عملية الإندماج)، حيث إن الكيلوغرام الواحد من اليورانيوم ينتج طاقة تعادل 22.9 مليون كيلو واط في الساعة، بينما الكيلوغرام من الديوتيريوم ينتج 177.5 مليون كيلو واط في الساعة، أي أنها أكبر بنحو ثمان مرات.
الإشعاعات
ولهذه القنابل إشعاعات قاتلة ومنها ما يبقى لأزمنة طويلة وأخطرها السترنشيوم (s3890Sr)، الذي تلتقطه التربة والحيوانات والإنسان في حال تغذّى على هذه الأشياء، والتي تسبب السرطانات بأنواعها وتشوهات عند حديثي الولادة وغيرها من مضاعفات خطيرة ومميتة.
هذا والجدير بالذكر أن الجدل حول من صنع القنبلة الهيدروجينية أولاً لا يزال قائماً حتى يومنا هذا، حيث أنه في فترة زمنية متقاربة جداً في عام 1955 م زعم أندريه ساخروف من الاتحاد السوفيتي (روسيا)، وإدوارد تيلر مع ستانيسلو أولام من الولايات المتحدة إختراعهم لأول قنبلة هيدروجينية كما ذكرنا سابقاً، إلاّ أنهم لن يكونوا فخورين اليوم بما اخترعوا لما آلت إليه استخدامات مثل هذه القنابل من قتل وتشريد وإبادة جماعية.
كما نلفت إلى أن القنبلة الهيدروجينية التي طورتها كوريا الشمالية مؤخراً تمتاز بأنها قابلة للحمل على رأس صاروخ باليستي عابر للقارات من تلك التي تمتلكها كوريا نفسها، الأمر الذي دعا دول العالم للهلع من هذه التجربة.