هل نقول وداعاً لحرية الصحافة في الكيان الاسرائيلي ؟! قراءة تحليلية
يشهد الكيان الإسرائيلي تراجعا حادا في حرية الصحافة ويواجه انتقادات لاذعة من الأصدقاء قبل الأعداء، وهذه الانتقادات أقلقت الكيان الاسرائيلي لكونها تحولت إلى مقاطعة دولية على المستوى الثقافي والأكاديمي والإقتصادي.
والجميع يعلم أن “الكيان الإسرائيلي” يعمل دائما على تحسين صورته أمام الغرب بجميع الوسائل الممكنة وباستخدام طرق مفبركة واعتماد بروباغندا إعلامية تظهره دائما بأنه شعب مظلوم ومضطهد، ولكن هذه السياسية الإعلامية سقطت أمام عصر المعلوماتية الجديد، حتى أن الحكومات الغربية المتعاطفة مع الكيان الإسرائيلي لم تعد تستطيع تجميل صورة هذا الكيان الغاصب أمام شعوبها، لأن المتعاطفين مع القضية الفلسطينية تتزايد أعدادهم يوما بعد يوم داخل أوروبا والعالم أجمع، بسبب المقاطعة التي يتم ينشرها وبثها من داخل فلسطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تظهر وحشية الكيان الاسرائيلي وطريقة تعنيفه لأبناء فلسطين وتعذيبهم وسلبهم حقوقهم.
ويعود بداية النفور الغربي من كيان الاحتلال إلى العام 2009 وتحديدا إلى عملية “الرصاص المصبوب” والتي شنها الكيان على قطاع غزة، وبسبب منع قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية الصحفيين الأجانب والاسرائيليين من تغطية هذه العملية وفرض قيود على الصحفيين بشكل غير مسبوق، هذا الأمر أدى إلى تراجع مكانتها في مجال حرية الصحافة بأكثر من 30 مرتبة.
ومن العام 2009 إلى العام 2013، أربع سنوات تراجعت فيها حرية الصحافة في كيان محتل يعد نفسه أنه “واحة الديمقراطية الوحيدة” في الشرق الأوسط، إلى خمسة عشر مرتبة أخرى لتتهاوى إلى المرتبة 65 من أصل 200 دولة شملها مؤشر حرية الصحافة العالمي، الذي تنشره المنظمة الأمريكية “فريدوم هاوس”.
وتعزي المنظمة المذكورة سبب التراجع في حرية الصحافة الإسرائيلية إلى التأثير المتزايد لصحيفة ‘يسرائيل هيوم’ التي أسسها الملياردير الأمريكي اليهودي شيلدون أدلسون لخدمة سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يضاف إلى ذلك تعليمات الرقابة وتقييد حركة الصحافيين.
وفي هذا الإطار يرى مدير مركز الدراسات الإقليمية في فلسطين والمختص في شأن الاحتلال الإسرائيلي أيمن الرفاتي أن الحرية التي يعطيها الاحتلال الإسرائيلي لإعلامه الخاص في نقد الوضع الداخلي والحكومي هي ضمن رقابة أمنية مشددة، حيث تشرف لجنة تابعة لرئيس الحكومة الصهيونية مباشرة على الإعلام، وتمتلك الحكومة حق منع الصحفيين من العمل في مناطق العمل الخاصة بهم، ويستند الاحتلال على هذا القانون للتغطية على جرائمه بحق الفلسطينيين ومنع دخول الصحفيين لأماكن المواجهة.
حملة مقاطعة غير مسبوقة
يعود السبب الأخير في جعل الصحافة الإسرائيلية على حافة الهاوية إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تمثلت بحملات الاستيطان بحق أبناء فلسطين وأحداث القدس الأخيرة، وهذا ما دفع الاتحاد الدولي للصحفيين في الخامس والعشرين من يوليو السابق للتنديد بسوء معاملة قوات الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الذين يغطون الاحتجاجات الفلسطينية في المدينة المقدسة.
ولم يتوقف الأمر على اتحاد الصحفيين بل تطور الأمر ليشمل قنوات الإعلام الغربي التي هاجمت سياسة كيان الاحتلال في التعامل مع الصحافة والصحفيين، واعتبرته أمر يمس الديمقراطية وحقوق الإنسان، هذا الحدث بث الرعب في قلوب المسؤولين الصهاينة الذين يسعون ليل نهار لإظهار أنفسهم بأنهم يدافعون عن حقوق الانسان ولا يخالفون القانون الدولي.
الشيء الذي كان كيان الاحتلال يخشى حدوثه، حدث بالفعل، حيث بدأت حملات مقاطعة لمنتجات المستوطنات دوليا، ومقاطعة أكاديمية فاعلة من كبار الأساتذة للإشراف على طلبة “إسرائيليين” في البحث العلمي، ويعاني الاحتلال بشكل كبير من حملات المقاطعة ضده.
وامتد تأثير هذه المقاطعة على مستوى الكيان الصهيوني علميا، ما سبب تراجع تصنيفه علميا ضمن الأبحاث العلمية المنشورة، خاصة بعد أن جاءته الضربة القاصمة من عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكنج والذي انضم لحملة المقاطعة الأكاديمية، وفيما بعد انضم المغني الشهير “بينك فلويد” للحملة الدولية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، ودعا فلويد زملاءه في نجوم موسيقى الروك ” للتصدي لجرائم كيان الاحتلال من الفصل العنصري والتطهير العرقي، بسبب تنصل الحكومات الغربية ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة عن القيام بذلك”.
آخر المواجهات الإعلامية
استخدمت وكالة رويترز العالمية للأنباء مفردات فلسطينية كـ”المسجد الأقصى والحرم القدسي”، الأمر الذي أغضب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي هاجم الوكالة بتهمة الاقتراب من الرواية الفلسطينية في التعاطي مع أحداث القدس الأخيرة.
حلول اسرائيلية
بدأ الكيان الصهيوني بتلمس نفور الشعب الغربي منه ومشاركة جرائمه على صفحات التواصل الاجتماعي منذ العام 2007، وبدأت تنطبع في أذهان الناس في الشرق والغرب بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي “مجرم”، لذلك قررت القيادة العسكرية والسياسية لجيش الاحتلال استحضار الحسناوات للخدمة في الجيش ومقابلة الجنود الجدد في الخدمة العسكرية، كذلك سعت من خلال إظهار صور الحسناوات لإشعال روح الفانتازيا لدى الجيل الأمريكي الشاب بأن الجيش “الإسرائيلي” هو جيش رقيق يدافع عن هؤلاء الحسنوات، مثل انتشار صور لأبرز الممثلات الإسرائيليات بزي عسكري على مجلات الإثارة كمجلة “Maxim” الأمريكية.
الوقت