ما الذي تريده #تركيا من دخول كوباني؟
دخل الجيش التركي حدود الدولة الكردية في الساعات الأخيرة من يوم 30 يوليو 2017، ووفقاً لأحدث التقارير وأكثرها دقة، فإن قوات الجيش التركي هي على بعد 20 متراً من حدود قرية “ستيفاك” و”بوبانه” في كوباني الغربية، وتمتلك القوات التركية معدات وآلات للقواعد العسكرية، ويقع الجيش التركي على بعد 13 كم غرب كوباني، وفي أول رد فعل، منذ بداية دخول الجيش التركي إلى كوباني، هددت “وحدات حماية الشعب” بالتصدي للقوات التركية في حال عدم انسحابها، والآن ومع كل هذه التفسيرات، السؤال هو، ما الذي تفعله أنقرة في كوباني وما هي أسباب دخول تركيا إلى كوباني التي تعد واحدة من أهم معاقل الأكراد في سوريا؟
التهديد المستمر لأكراد سوريا
هناك نوعان من الأسباب المهمة من توجه الجيش التركي إلى كوباني، السبب الأول يرتبط بلا شك في سيناريو استمرار التهديد المستمر لأكراد سوريا من قبل أنقرة، فمنذ بداية الأزمة في سوري، والسلطات التركية، وخصوصاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويقول مراراً وتكراراً إنه لن يتم السماح لهم تحت أي ظرف من الظروف بتأسيس دولة كردية على حدود تركيا الجنوبية والشمالية، حتى إنه يصرّ على مهاجمة المناطق الخاضعة لسيطرة حزب العمال الديمقراطي إذا لزم الأمر، وفي تاريخ 24 ديسمبر عام 2016 أصبحت هذه التهديدات أكثر موضوعية وأكثر خطورة، فحينها دخل الجيش التركي أراضي سوريا تحت مسمى “درع الفرات” واستولى على مدينة جرابلس.
وقد بدأ استمرار هذا الاتجاه مع عودة الجيش التركي وقواته إلى مناطق جرابلس الغربية، واستمر حتى اعزاز وأخيراً السيطرة على مدينة الباب في محافظة حلب الشمالية، وفي الأشهر الأخيرة، شنت أنقرة أيضاً تهديدات عسكرية لمهاجمة عفرين، ولكن وخلافاً للتوقعات، لم تواصل تركيا الهجوم بعد يوم من الهجوم على قواتها، مع كل هذا، نرى أنه في 8 أغسطس، سيتم وصول الجيش التركي إلى كوباني، ويظهر من مجموع هذه العملية المستمرة من التهديدات والهجمات المتقطعة أن تركيا تسعى إلى تهديد دائم لحكم الأكراد السوريين، وبالتالي منع اتخاذ المزيد من التدابير لتطوير قوة الأكراد السوريين.
تعطيل التعاون الأمريكي مع الأكراد السوريين
هدف تركيا الرئيسي الثاني في دخول منطقة كوباني هو تعطيل التعاون الذي تقوده الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية، التي هي حالياً تسعى لتحرير عاصمة داعش في سوريا، والحقيقة هي أن الأتراك دعوا المسؤولين الأمريكيين مراراً إلى وقف دعم قوات حزب التحالف الديمقراطي، ولكن في كل مرة، وعلى عكس التوقعات التركية، تقوم أمريكا بزيادة الدعم للأكراد.
وفي هذا المجال لا بدّ من الإشارة إلى تصريحات “سيفان هماي” قائد وحدة المناصرة للقوات الكردية والذي أعلن صراحة أنه يجب التصدي للقوات التركية ومكافحتها في حال استمرار وتوسيع هجماتها، وإن قواته سوف تضطر إلى ترك ساحة المعركة في الرقة والتوجه إلى الحدود التركية في كوباني، وبالتأكيد فإن رسالة الأكراد هنا هي موجهة لأمريكا التي ردت بالتصريح بأن الأفعال التركية الأخيرة سوف تؤدي إلى تقويض الحرب التي يتم خوضها ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والرقة خصوصاً.
وبعد هذه العملية، نرى أن الولايات المتحدة قد اتخذت خطوة كبيرة إلى الأمام في تجهيز معظم الوحدات الكردية المدافعة من أجل إرضاء الأكراد السوريين ومعارضة مواقف تركيا، وذكر تقرير صادر عن الصحف التركية أن الولايات المتحدة قدمت في اللحظة الأخيرة 100 شاحنة من المعدات القتالية الجديدة للقوات الكردية، كما أن هذه القضية لها عدة دلالات الآن حيث تسعى الولايات المتحدة إلى إنشاء قاعدة عسكرية في شمال سوريا لاستخدامها كبديل لقاعدة أنجيرليك العسكرية في تركيا.
وفي الختام لا بد أن نشير الى أن الاتجاه العام للأحداث يظهر أن التوترات بين تركيا وأمريكا ستزداد في المستقبل القريب، وستفشل تركيا في خطتها الرامية إلى إضعاف مستوى التعاون بين الأكراد السوريين وأمريكا، كما يتضح أن الجيش التركي لن يسمح له بالتقدم لاحتلال كوباني بسبب معارضة قوية من قبل أمريكا وبالانتقال إلى هذه القضايا، وبحسب مراقبين، يمكن القول إن هدف تركيا من كل هذا هو الدعاية ولا يستند إلى كسب الأرض في مجال الواقع الميداني.