هل تغرق السعودية برمال الخلافات بين بن سلمان وبن فهد، وما سر هجوم الأخير على بن زايد؟!
ماذا يجري داخل أسوار المملكة العربية السعودية؟!، خلافات عائلية أم انقلاب يلوح بالأفق سيعصف معه قلاع المملكة المحاطة بالرمال، تساؤلات كثيرة تضج بها الصحافة العالمية والعربية خاصة بعد الهجوم المفاجىء الذي شنه نجل العاهل السعودي الراحل، فهد بن عبد العزيز، ضد ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد.
هذا الهجوم يحمل في طياته الكثير من المعاني والرسائل التي تنبأنا بأن الشرخ داخل أسوار المملكة يتسع يوما بعد يوم بين أفراد العائلة الحاكمة، لأسباب عديد سنذكر بعضا منها:
أولاً: لا يخفى على أحد أن العلاقة التي تجمع بين الأمير محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي محمد بن زايد أصبحت استراتيجية إلى حد ما، خاصة أننا شهدنا توافقا كبيرا بين بن زايد وبن سلمان في كثير من الملفات الساخنة التي تتعلق بما يجري في المنطقة، ناهيك عن موضوع التطبيع مع الكيان الاسرائيلي في إطار من التحالف الكامل مع ولي عهد أبوظبي، وهذا الأمر وغيره أثار حفيظة عبد العزيز بن فهد، إلى درجة وصف فيها بن زايد بأنه”تافه” و”حاقد”، يضاف إلى ذلك نشره سلسلة تغريدات دعا فيها إلى نصرة المسجد الأقصى عبر “الجهاد” لاستعادته من الأسر، وأكد أن المقاومين الفلسطينيين يجاهدون عدو الله، ويجب أن يكون المسلمون، بمن فيهم السعوديون، معهم.
وفي قراءة بسيطة لما يجري نجد أن محمد بن سلمان يسعى لعقد “صفقة القرن” من خلا تطبيع كامل للعلاقات مع الكيان الإسرائيلي، بينما يقوم ابن فهد بنشر مقطع فيديو لوالده الراحل، قال إنه طالب فيه البيت الأبيض باستقلال الشعب الفلسطيني، إذ لم يعهد عن الملك فهد سوى ذات التوجهات الاستراتيجية الحالية للمملكة السعودية، بما يرجح أن تكون تغريدات “فلسطين” و”ابن زايد” في إطار “المشاغبة الداخلية” بين أطراف صراع “آل سعود” على انتقال السلطة.
ثانياً: اقتراب وصول محمد بن سلمان إلى سدة الحكم، وإقامة مراسم التوريث التي من المحتمل حدوثها في شهر سبتمبر المقبل، بحسب وكالة رويترز، حتى أن الملك سلمان بن عبد العزيز قام بتسجيل خطاب توريث الحكم إلى نجله “ولي العهد الحالي” فعليا، ولم يبق سوى إذاعة الخطاب.
وصول بن سلمان إلى السلطة، يعني ضمنيا خروج آل سعود من دائرة السلطة في المستقبل، وهذا الأمر يعتبر خطير جدا بالنسبة لتاريخ المملكة من جهة وبالنسبة لأبناء الملك فهد بن عبد العزيز من جهة أخرى، لأن المملكة ستدخل في الحقبة “السلمانية” إلى ما شاء الله، ما يعنى أفول آل سعود، ومن هنا بدأت بعض أصوات المعارضة في الصعود، ومن بينها صوت ابن فهد، بحسب مراقبين.
ثالثاً: هناك حالة من الغضب تضج بها المملكة بسبب التعتيم الإعلامي المقصود والمتعمد على قضية ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، حتى أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” طالبت السعودية بتوضيح وضع محمد بن نايف، على ضوء تقاير صحفية غربية تحدثت عن وضعه تحت الإقامة الجبرية.
رابعاً: الاقتصاد السعودي في خطر، هذا أقل ما يمكن قوله مع اقتراب تولي محمد بن سلمان مقاليد الحكم في المملكة، لأن ما قام بن سلمان في فترة تقلده منصب ولي ولي العهد، ينبأ بأن المملكة تقترب من حافة الهاوية من الناحية الاقتصادية لأسباب منها:
1- يعرف عن بن سلمان أنه متسرع في قراراته ومتهور ولا يملك أي رؤية واضحة لمستقبل المملكة على عكس مشروعه “رؤية 2030” الذي سيكلف السعودية الكثير لما يحمله من مخاطر اقتصادية تؤثر على حياة المواطنين اليومية كـ “اجراءات التقشف”.
2- الاتجاه المفرط إلى خصخصة القطاع العام، ولا سيما ما يجري الأن من خصخصة لنسبة من أسهم شركة النفط العملاقة “أرامكو”، ما يعتبره البعض بداية توالي التنازلات في ملكية أهم ثروة تملكها السعودية على الإطلاق.
3- المملكة تغرق في رمالها، وهذا ما أشارت إليه توقعات صندوق النقد الدولي للمستقبل الاقتصادي القريب، حيث تشير إلى خفض توقعاته للنمو في السعودية خلال العام المالي الحالي إلى 0,1% فقط في مقابل معدلات نمو بلغت4,1% و1,7% في 2015 و2016.
رابعاً: ما يجري على أراضي المملكة من أحداث في الوقت الراهن ينبأ بأن الأصوات المعارضة داخل المملكة ستتزايد يوما بعد يوم بسبب السياسة الغير مدروسة التي ينتهجها “الأمير المتهور” بن سلمان، وهذا ما أكدت عليه الباحثة البارزة في معهد الدراسات الدولية (تشاتام هاوس) في لندن، جين كيننينمونت، حيث قالت بأن “المعارضة السياسية داخل المملكة لن تظل ساكتة للأبد”، ما يعني أن مخاطر أخرى “وجودية” تواجه آل سعود جراء سياسات بن سلمان، كما يراه بعضهم.
ومن هنا نجد أن تغريدات الأمير عبد العزيز بن فهد لم تأتي عن عبث، وعلى ما يبدو أن هناك جهات ساخطة جدا على بن زايد داخل أسرة آل سعود وعلى رأسها بن فهد، وهذا الأمر وغيره من التراكمات والخلافات التي تعج بها المملكة ينبأ بأن السعودية قادمة على مستقبل مجهول الهوية، ولا أحد يعلم إلى أين تمضي مملكة النفط، ربما القادم من الأيام أصدق أنباءا من التحليلات.
الوقت