هل ينجح بن سلمان في تغير معادلات اليمن عبر ورقة خالد بحاح؟
بعد عودة نائب الرئيس اليمني السابق ورجل الإمارات الأول في اليمن “خالد محفوظ بحاح” إلى جنوب البلاد ولقائه في وقت سابق بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض بدأت تتسرب معلومات عن محاولة بن سلمان للّعب بورقة بحاح لتغيير المعادلات السياسية في اليمن، ولم يستبعد مراقبون أن يمثل بحاح اليد السعودية في أي حكومة يمنية قادمة في حال نجاح المفاوضات بين الأطراف اليمنية خلال المرحلة القادمة.
وبحسب التسريبات فإن ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زاید آل نهیان” أجرى مباحثات مع محمد بن سلمان حول موضوع تشكيل دولة جديدة في اليمن في إطار المحاولات التي تبذلها السعودية للتخلص من ورطتها التي نجمت عن عدوانها المتواصل على اليمن منذ نحو عامين ونصف العام والذي تكبدت فيه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات على يد قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية التي تقودها حركة أنصار الله.
وفي وقت سابق التقى بحاح في أبو ظبي بكل من “عیدروس الزبیدي” محافظ عدن السابق ورئيس ما يسمى “المجلس الانتقالي لجنوب اليمن” ونائبه “هاني بن بريك” الذي يعد من قادة السلفيين المقربين من الإمارات.
وكان مستشار الأمن القومي الإماراتي “طحنون بن زاید آل نهيان” قد اقترح على محمد بن سلمان إزاحة الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي من المشهد السياسي واستبداله ببحاح لتحقيق عدّة أهداف يمكن إجمالها بما يلي:
– تهيئة بحاح للمشاركة في أي حكومة وطنية قادمة في اليمن باعتباره يحظى بقبول نسبي مقارنة مع عبد ربه منصور هادي الذي فقد الدعم في المحافظات الجنوبية اليمنية ولم يعد يمتلك أي نفوذ بين القبائل والطوائف خصوصاً بعد قبول استقالته في البرلمان.
وتجدر الإشارة إلى أن حركة أنصار الله كانت قد أبدت استعدادها للدخول في مفاوضات مع بحاح لتشكيل حكومة توافقية شريطة إبعاد عبد ربه منصور بشكل كامل عن المشهد السياسي في البلاد.
ولا يخفى على أحد الانقسام الكبير الذي كان بين السعودية والإمارات في اليمن، حيث كانت السعودية تدعم عبد ربه منصور وتأمن له الحماية، بينما كانت الإمارات على خلاف معه حتى إنها رفضت استقباله على أراضيها.
ولابد من الإشارة إلى أن الرياض وأبو ظبي تعرضت لخسائر كبيرة جداً من الناحية المادية والعسكرية على يد القوات فضلاً عن الخسائر البشرية، لذلك كان لابد من إيجاد حلول للخروج من هذا المستنقع، ولم يكن لدى السعودية “كبش فداء” سوى منصور هادي لتخليص نفسها من هذه الورطة، ولكن لا أحد يعلم إن كانت الإطاحة بهادي ستفي بالغرض أم لا؟!.
– تسعى السعودية والإمارات لتوظيف الحراك في عدد من محافظات اليمن الجنوبية والذي يطالب بالاستقلال عن الحكومة المركزية التي تقودها حركة أنصار الله بالتعاون مع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وتعتقد الرياض أن خالد بحاح هو الشخصية المرشحة لقيادة الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال ولهذا تسعى لتوظيف هذا الحراك لضمان ولاء القبائل الجنوبية بعد أن فقدت ولاء القبائل الشمالية التي تدعم حركة أنصار الله.
– تسعى السعودية من خلال دعم خالد بحاح لتقليص دور حزب “التجمع اليمني للإصلاح” الذي يقوده الجنرال علي محسن الأحمر في جنوب البلاد والذي يعد من مروجي فكر “الإخوان المسلمين” المدعوم من قطر. وتشير المعلومات إلى أن محمد بن زايد يسعى إلى دفع محمد بن سلمان لتقليص نفوذ حزب الإصلاح من المناصب السياسية، وعدم التعامل مع أعضائه والعمل على وضعهم في قوائم الإرهاب تحت ذريعة تلقيهم تمويل من قطر.
ويبدو أن الأهداف التي تسعى الرياض لتحقيقها في اليمن من خلال دعم بحاح ستعود بالنفع على الإمارات لسببين أساسيين؛ الأول يكمن بأن بحاح يحظى بدعم الإمارات أكثر من السعودية، والثاني أن بحاح قد حلّ مكان عبد ربه منصور هادي الذي كانت تدعمه السعودية وتخلت عنه في الآونة الأخيرة بعد أن أيقنت انه لم يعد يحظى بأي تأييد في المحافظات الجنوبية. ولهذا تعمل الإمارات على تثبيت أقدام بحاح لتنفيذ خطة انفصال جنوب اليمن عن شماله.
خلاصة يمكن القول بأن مساعي محمد بن سلمان تهدف إلى خداع الرأي العام بأن السعودية بصدد التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن في حين أثبتت الوقائع أنها لم تألو جهداً بارتكاب أفظع الجرائم ضد الشعب اليمني بذريعة “إعادة الشرعية”، ولم يبق أمام الرياض سوى دعم بحاح لإيجاد شرخ بين اليمنيين والحصول على موطئ قدم لها في أي حكومة قادمة في حال نجاح المفاوضات بين الأطراف اليمنية خلال المرحلة القادمة بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها من خلال عدوانها السافر على اليمن منذ عامين ونصف العام.
الوقت