لا تشيطنوا التعزيين!
النزعةُ المناطقيةُ “التعزية” التي يُتهم بها أبناء تعز لم تكن معروفةً قبل العدوان السعوديّ الأميركي. فعلى مدى عقود، كان أبناءُ تعز هم أكثرَ اليمنيين سعياً للوَحدة وأكثرهم تجرداً من المناطقية؛ لأنهم يدركون أن مصلحتهم الحقيقية هي في يمن ديمقراطي موحَّد.
ولكي نحكُمَ على مواقف أبناء تعز أَوْ نقيِّمَ دورهم، علينا أن نعودَ إلى التأريخ ومراجعة المحطات السياسية والنضالية والأحداث التي مر بها اليمن؛ لأن تقييمَ دور هذه المحافظة وأبنائها من خلال المواقف والأحداث التي شهدتها اليمن خلال العامَين الماضيين لن يكون تقييماً سليماً على الإطلاق.
محافظة تعز مستهدَفة من قبل العدوان، ومواقفُ بعض أبنائها المتماهية مع العدوان هي جزءٌ من أَدَوَاته، وعلينا أن نكونَ حذرين وواعين لما يُدَبَّرُ لنا، فشيطنة أبناء تعز تخدُمُ أَهْدَاف العدوان وتسهل تنفيذ مُخَطّطاته الرامية إلى تفكيك المجتمع والجغرافيا اليمنية.
دور أبناء تعز في استقلال الجنوب والمحافظة على هُويته اليمنية من خلال الإصرار على إدخال اسم اليمن بدلاً عن “الجنوب” ضمن تسمية الدولة “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” بعد الاستقلال، وجعل الوحدة اليمنية هدفاً رئيسياً للحزب الحاكم في الجنوب، وترسيخ هذه المفاهيم رغم معارضة الكثيرِ من السياسيين والنخب الجنوبيّة. هذا الدور يعرفُه الأعداءُ العرب والأجانب؛ ولذلك يسعَون لتدمير هذه المحافظة والروح الوطنية فيها.
كما أن دور أبناء تعز في قيام الجمهورية في الشمال ودورَهم في بناء اقتصاد الجمهورية لا يمكن إنكاره أيضاً.
لم يكن أبناءُ تعز مناطقيين، بل كانوا أكثر ضحايا النزعات المناطقية، في الشمال والجنوب. وقد كانت أحداث 13 يناير 1986في عدن، إحدى تجليات النزعة المناطقية في الجنوب، وكان أبناء تعز في سلطة الجنوب أبرز ضحاياها.
وفي الشمال، تعرضت النخبُ السياسية التعزية لعمليات مشابهة وممنهجة بالقمع والتصفيات والإقصاء، ولم يشترك في رأس هرم السلطة إلا من ارتضى أن يكون مجرد ديكورٍ.
هذه حقائقُ مؤلمةٌ، وعلينا الاعترافُ بها إذا أردنا تقييماً أَوْ معالجة حقيقية. فأضرار السياسات الخاطئة، لحقت باليمنيين أجمعين وليست بتعز وأهلها ونُخَبِها.
فعلى الرغم من سيطرةِ أبناء قبائل معيّنة على سلطة الشمال، والجنوب، إلا أن مناطقَ تلك القبائل لم تكن أحسنَ حالاً من محافظة تعز. واقتصرت الفائدة على نخب وعائلات محدودة.
يخشى الخارجُ من فشل مُخَطّطاته إذا تجدد دور تعز ومارست دورَها الوطني في أية مرحلة لاحقة؛ ولذلك يعمل على استغلال النزعة المناطقية التي كانت مكبوتةً لدى البعض في تعز، ويتم توظيفُها في الحرب على اليمن وبين اليمنيين، كما يعملُ على تدمير المدينة وتهجير الكوادر والكفاءات من المحافظة التي سلّمها لميليشيات مجهولة تعيث فيها فساداً، واستطاع تحييدَها في الصراع الجاري وأصبحت لا شمالية ولا جنوبيّة.
أبناء تعز لا يختلفون عن بقية أبناء اليمن، وليسوا كلهم مناطقيين، ولا يمكن اختزالُهم بعشرات الناشطين أو مئات المفسبكين. وعلينا ان لا نغفلَ دورَ الخارج وإمكاناته الهائلة في شراء الذمم والتضليل، وأن لا ننسى أن القياداتِ الحزبية والقبلية والعسكرية التي تقود ما يسمى المقاومة في تعز وغيرها من المحافظات، وتشكل حلقة الوصل مع الخارج، لا ينتمون إلى محافظة تعز.
بمعنىً آخرَ، أبناء تعز أَوْ النخب المحسوبة على المقاومة، مجرد شُقاة مع مقاولين معتمدين في العمالة للخارج.
تعز الآن تتعرَّضُ لتدمير على كافة المستويات. هذا الانتقامُ يتم من قبل قوى خارجية تعي أهمية تعز ودورها التأريخي في اليمن الكبير؛ ولذلك يجري تحييدها عن الشمال والجنوب؛ لأنها بالنسبة لشطرَي اليمن مثل “بيضة القبان” بالتعبير اللبناني.
النزعةُ المناطقية التي يجري تغذيتها في تعز، هي ثمرةٌ مشوّهةٌ لأخطاء الأنظمة السياسية التي تعاقبت على حُكم اليمن لعقود طويلة، قبل قيام الجمهورية وبعدها.
شيطنة التعزيين خطأ جديد يجري تكريسُه من قبل البعض، وهو خطرٌ على مستقبل اليمن واليمنيين بشكل عام. فلا تشاركوا أعداءَ الخارج في الانتقام من تعز.
✍?عباس السيد
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز