قانون “القومية” الإسرائيلي: عنصرية بطابع القانون في دولة الأبارتهايد
مواصلاً نهجه العنصري، ومُعزّزاً طغيان الأكثرية، تمّت المصادقة الإسرائيلية على قانون أشبه ما يكون بالأبارتهايد، الأمر الذي يعزّز النهج العنصري في الكيان الإسرائيلي.
فقد صادق الكنيست الإسرائيلي أمس الأربعاء بالقراءة التمهيدية على قانون القومية وذلك بأغلبية 48 عضوا مقابل معارضة 41، في جلسة صاخبة تم خلالها طرد النائبين حنين زعبي وعبد الحكيم حاج يحيى عن القائمة المشتركة، فيما قام النائب جمال زحالقة بتمزيق ورقة اقتراح القانون العنصري.
النائب جمال زحالقة وقف وصرخ موجها كلامه للنائب ديختر: “أنت كذاب، أنت فاشي وعنصري وهذا قانون ابرتهايد”.
ما هو قانون القوميّة؟
ينص القانون على أن “إسرائيل” هي البيت القومي للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير في دولة “إسرائيل” يقتصر على الشعب اليهودي.
كما أن اللغة العبرية هي اللغة الرسمية ولغة الدولة، وأن اللغة العربية ليست لغة رسمية كما نص القانون سابقًا إنما ستصبح لغة ذات مكانة خاصة في الدولة، ويسمح باستخدامها بالشؤون الرسمية. كما ينص القانون على أن عاصمة دولة “إسرائيل” هي القدس.
ليست المرّة الأولى التي يُطرح فيها قانون يهوديّة الدولة في الكنيست الإسرائيلي، ورغم أن عضو الكنيست آفي دختر من حزب الليكود هو من طرح القانون الأخير، إلا أنّه في العام 2014 قد طُرح من قبل كتلة “يسرائيل بيتينو”، التي كان يتزعمها حينها أفيغدور ليبرمان، إلا أن ظروف الائتلاف القائم حينها في حكومة بنيامين نتنياهو، وكون كتلة “يسرائيل بيتينو” في صفوف المعارضة حالت دون إقراره.
في التوقيت، ورغم وجود نوايا سياسية لنتنياهو من خلال المصادقة على القانون في هذا الوقت بالذات، إلا أنّه في الوقت عينه يعدّ مادّة إسرائيلية دسمة يمكن استخدامها على أي طاولة مفاوضات قادمة بغية تحجيم الحق الفلسطيني، لاسيّما في ظل أي نتائج ستصدر عن القمّة المشتركة التي ستصدر بعد لقاء نتنياهو وعباس مع ترامب.
كذلك، تأتي المصادقة على القانون بعد أيّام قليلة على الوثيقة السياسيّة لحركة حماس والتي رماها نتنياهو في سلّة المهملات، ليتأكد للجميع أن المناورات السياسية ومحاولات كسب تأييد أكبر على الشارع الدولي عبر القبول بحدود العام 1967، ولو كان الأمر تحت شعار الإجماع الوطني، لن يزيد الكيان الإسرائيلي إلاّ تطرّفاً وعدوانيّة.
تشريع الفصل العنصري
لا يختلف أحد على كون المساواة في المواطنة أحد أهم أركان دساتير الدول الديمقراطية، ففي حين يبدأ دستور جنوب افريقيا بعد “الأبرتهايد”” بعبارة: “نحن مواطنو جنوب أفريقيا، نؤمن بأن جنوب أفريقيا هي ملك لكل من يعيش فيه، ونحن موحدون في اختلافاتنا”، ورد في الدستور الفرنسي أن “فرنسا تضمن لكل مواطنيها المساواة أمام القانون دون تمييز في الدين أو العرق أو الأصل”، وبالتالي فإن القانون الجديد الذي يسعى إلى اعتبار الكيان الإسرائيلي- دستوريا ورسميا - لجزء من السكان فقط، يعدّ قانون فصل عنصري استثنائي. يضيف المحلل القضائي الإسرائيلي لصحيفة “هآرتس” العبرية: “في إسرائيل يسود- ليس من الآن - وضع التمييز والاستبعاد تجاه السكان العرب”. ويردف قائلاً: إن “قانون القومية” يناقض مبادئ الديمقراطية، وقوانين بعض الدول الأوروبية.
قانون أبارتهايد واضطهاد الهويّة
يعد “قانون القوميّة” المطروح بحلّته الجديدة أشدّ تطرّفا من القوانين (المشاريع) السابقة، ويرقى إلى كونه قانون أبارتهايد بامتياز، لاسيّما لناحية تكريس سلب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، أو لناحية تكريس التمييز العنصري ضد فلسطينيي الداخل من خلال تغليب المركب اليهودي الإسرائيلي وتكريس توجّهات اليمين المتطرّف الذي يحارب حتّى الاتجاهات الليبرالية أو الديمقراطية داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأمّا فيما يتعلّق بالهويّة الفلسطينية، فإن القانون الجديد لن يؤثر على سكّان الأراضي المحتلّة عام 1948، بل على العكس إن حملات الاضطهاد هذه ضد الشعب الفلسطيني ستعزّز الشعور الوطني لدى هؤلاء الذين حافظوا على هويتهم بدءاً من النكبة وإلى ما بعد النكسة. هذا ما أوضحه النائب العربي مسعود غنايم، قائلاً: “إسرائيل فشلت في تهويدنا على مدار 69 عاما مضت، رغم سياسة التضييق والتهميش والتمييز العنصري، وعلى العكس سيزيدنا هذا القانون تمسكا بهويتنا وثقافتنا ولغتنا”.
إلا أن هذا الأمر لا يُلغي المحاولات الإسرائيلية لاستهداف الوجود الفلسطيني في الداخل. بعبارة أخرى، وكما أقدمت سلطات الاحتلال منذ عقود على تهجير الفلسطينيين وجعلهم غرباء في بلادهم العربية، تريد اليوم تهجير ما تبقّى بشكل “قانوني”، أو إقصائهم في الداخل وجعلهم غرباء في أوطانهم.
في الخلاصة، إنّ القانون يحوّل العرب الفلسطينيين إلى مواطني دولة تعلن عبر قاعدتها الدستورية المركزية أنها ليست وطنهم القومي وتحوّلهم بذلك إلى غرباء في وطنهم، والآتي أعظم، ولكن لماذا؟ أولاً لأن النهج العنصري يرتفع في الكيان الإسرائيلي شيئاً فشيئاً، وليس آخراً لأن الأرقام تشير إلى إدراج 136 قانونا على جدول أعمال الكنيست خلال عامين، 25 قانونا أقرت بشكل نهائي، بخلاف 15 ما زالت في مراحل التشريع.
رغم أنّ القانون الجديد مظلم الجوانب كافّة، إلا أن تبعاته قد لا تكون كذلك باعتباره عمليّة لتصفيّة كل احتمال لحلّ سياسي مستقبلي، وبالتالي العودة لمشروع المقاومة بكافّة سبلها، فما أُخذ بالقوّة لن يستردّ إلاّ بالقوّة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستهتز صورة “إسرائيل” وتزداد عزلتها الدولية؟ أم أنّها ستتسلّح بالعباءة الأمريكية في عهد ترامب؟ والأهمّ، ماذا عن خطوات الردّ؟
الوقت
#جرائم_داعش_في_تعز