النفاق الغربي والوهابية السعودية..تواطؤ مفضوح في تصعيد الإرهاب
يبدو ان التغيير المنشود من التعامل الغربي مع الارهاب ، ما فتئ محكوما بالمصالح الإقتصادية والمالية والإسترايجية لحكوماته وزعمائه وكواليسه الخاصة ، على الرغم من الهجمات المسلحة والتفجيرات الإنتحارية التي وقعت في باريس مؤخرا ومن قبل في مناطق اخرى من اوروبا .
فلقد تركت العلاقات الوثيقة بين الدوائر الغربية وانظمة البترودولار الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ، أسوأ الآثار والإنعكاسات السلبية على شعوب العالم الإسلامي والمجتمعات الاوروبية والأميركية في آن واحد ، خلال العقود الماضية ، وذلك نتيجة للتعامي السياسي الغربي عن انتشار “السلوكيات التكفيرية المتطرفة ” في بلدان العالم.
وبدا ” التماهي الغربي ــ الوهابي ” أقرب الى الكاريكاتير الساخر الذي يعبر عن تلاقي الأضداد على أرضية المنافع الرأسمالية والتجارية على الرغم من الهوة الساحقة بينهما فكريا وتربويا وأخلاقيا. فلقد حكمت لغة المصالح “عقد مثل هذا القران” ، حتى وإن ادت الى التضحية بالمبادئ الحضارية التي يتشدق بها أدعياء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والشعارات البراقة الأخرى.
علما بأنه لايخفي على أحد أن النفاق السياسي هو عقيدة غربية بامتياز تعود جذورها الى مئات السنين ، منذ ان تحولت البلدان الإسلامية والعربية ومناطق غرب آسيا وشمال افريقيا الى قِبلة حملات الغزو الفرنسية والبريطانية والبلجيكية والهولندية التى عملت إما بالتكامل أو بشكل مستقل ، على تمزيق الصف الإسلامي واستغلال شعوبه وثرواته ، وساهمت بالتالي في صياغة أشكال الحكومات المستقبلية لبلدان المنطقة وفقا اسس فردية ظالمة ، ومنها إقامة مملكة بدوية جاهلية في أقدس بقعة دينية واهم منطقة استراتيجية وجغرافية من العالم الإسلامي وهي بلاد الحرمين الشريفين. حيث نصبت لندن آل سعود الخونة حكاما عليها ، وهم الذين جسدوا دور (العبد المطيع) لتعليمات الإستعمار البريطاني وسياساته المعادية للإسلام الناصع ، وقاموا بتطبيق ” السلفية الوهابية ” المشبوهة المنشأ والجذور (وفقا لمذكرات الجاسوس البریطانی المستر همفر ) لتكون ” الوجه المتطرف البشع والتكفيري الدموي” للإسلام ولدعوة سيد المرسلين والمبعوث رحمة للعالمين النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ).
ومن الثابت أيضا ان السياسات الغربية الإنتقائية هي التي زرعت الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ، وساعدت ” اسرائيل” على العدوان والجرائم الحربية اللاإنسانية ودعمتها في ممارسة ( الإرهاب المنظم ) واحتلال الأراضي الإسلامية العربية في سيناء مصر والجولان السوري والجنوب اللبناني وأغوار الأردن بالإضافة الى جزيرة ” صنافير ” السعودية ( الواقعة شرق مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر. وتبلغ مساحة الجزيرة نحو 33 كيلومترا مربعا).
ومن الواضح ان ازدواجية المعايير الفرنسية البريطانية والأميركية خصوصا والغربية عموما ، كانت قد حرضت ـ وما تزال ـ الغطرسة الصهيونية على التعنت وعدم الإنصياع لما يسمى زورا ب ” قوانين الشرعية الدولية ” عام 1967 م (القرار 242) وكذلك عام 1973 م (القرار 338) ، مع ان هذين القرارين يُلزمان بانسحاب ” اسرائيل ” من الأراضي التي احتلتها باستخدام العدوان الغاشم في العامين المذكورين !!؟؟
ومن المعروف ان الدوائر الغربية الصهيونية ، استخدمت كل اسلحة الدعاية والإعلام والسينما والفن باتجاه تحطيم معنويات ابناء الأمة الإسلامية والعربية وتعميق ثقافة الإنهزام و السقوط والضياع في نفوسهم ، لئلا تقوم لهم قائمة ، أو ان يفكروا يوما من الأيام في الإنتفاض والثورة على “أخلاقية الهزيمة” التي اوهموا بأنها صارت جزء لايتجزأ من كيانهم .
هذا الى جانب خزي الأنظمة والحكومات المتخاذلة التي راحت تنساق نحو هاوية التساوم والتطبيع مع العدو الإسرائيلي الغاصب لفلسطين والقدس الشريف، والتي بلغت ادنى مستويات سقوطها في توقيع معاهدة ” كامب ديفيد ” الخيانية في 17 سبتمبر عام 1978م.
بيد ان انتصار الثورة الإسلامية المظفرة يوم 11 شباط 1979 بقيادة زعيم الأمة الاسلامية الراحل الإمام السيد روح الموسوي الخميني (قدس سره الشريف ) ، غيرت المعادلة الشرق اوسطية 360 درجة ، وكانت الزلزال الذي هَزّ قواعد الكيان الصهيوني المجرم (باعتراف زعمائه ومنهم موشي دايان ) ، حيث تأسست الجمهورية الاسلامية في ايران في استفتاء شعبي رائع ، كما تم طرد سفارة اسرائيل من طهران وحُولت الى سفارة لفلسطين في مراسم جماهيرية خالدة ، فكانت هذه الخطوة الجريئة مفتاحا لتغيير مسار الأمة وتدشين مرحلة الجهاد التضحوي والمقاومة الباسلة لمكافحة اشكال الإستكبار والأحتلال والعبودية والإستلاب جغرافيا وعقائديا وثقافيا ومعنويا..