على وقع أحداث عدن: الغزاة يحتقرون المرتزِقة وعملاؤهم يتبادلون اتهامات الخيانة
جاءت واقعةُ قصْفِ طيران تحالف العدوان للمرتزِقة التابعين للفار هادي في عدن لمنعِه من السيطرة على المطار، لتُسقِطَ ذريعةَ دعم “الشرعية”، ولكن هذه المرة بشكل مباشر من قبل العدوان ذاته، الذي ظل يحمل المرتزقة كُلّ جرائمه باعتبار أن قصفَ المدنيين حصل بناءً على طلبهم كما حدث في الصالة الكبرى.
وإن كان الأمر تعودُ أبعادُه لحقيقة مشروع الاحتلال في الجنوب، ولكن وفقًا لأسطوانة العدوان التي يردّدُها منذ نحوِ عامين، فإن ما حدث في عدن هو أن الفارَّ هادي أراد السيطرةَ على مطار عدن الواقع تحت سيطرة قوة جنوبية موالية للعدوان، وأرسل قواته لمحاصرة المطار واقتحامه، وقوبل قرارُه بالتمرد قبل أن يتطور الأمر وتحلّقَ طائرات العدوان وتقصِفَ طقمًا عسكريًا تابعًا لما يسمى “الحَرَس الرئاسي” وتجبرَه على الانسحاب، وكان هذا مفترَقَ طرقٍ واضحًا فصَلَ مزاعمَ “حماية الشرعية” عن مشروع الاحتلال.
الحادثةُ تثبت حجمَ الانقسام الذي يديرُه تحالُفُ العدوان في الجنوب في أوساط مرتزقته؛ بغرض ضمان عدم إقدامهم على أية خطوة مجتمعين ضد إرَادَة المحتلين، كما حدث من قِبل الفار هادي بخصوص مطار عدن.
يكشفُ قائدُ أمن مطار عدن، الموالي للاحتلال الإمَارَاتي، في تسجيل صوتي، مستوى الانقسام الذي أوجده تحالُفُ العدوان بين مكوّنات مرتزقته عندما قدم إيضاحات حول ما حدث في المطار والهدف منه، واصفًا الفار هادي بأوصاف تحقّر من قدره، في وقت يقدم المحتلون عدوانهم بأنه جاء بطلب منه ولتمكينه من السلطة.
يقول المرتزق الموالي للإمَارَات المقدم عبدالله العميري المعيّن من قبل الاحتلال قائدًا لأمن مطار عدن: إن الفار هادي أَوْ كما يسميه (الدنبوع) بعد المعارك التي حدثت قال (لا دخل لي بما يجري وعليك التنسيق مع التحالف).
أمَّا ما يتعلق بأسباب ما حدث هناك فيقول العميري في تسجيل صوتي: إن الفار هادي أراد أن يسلّمَ المطار لحزب الإصلاح؛ من أجل أن يتم إدخال وإخراج من يريدون عبر المطار، على رأسهم الفار علي محسن الأحمر، وهو ما يؤكد العميري على رفض ذلك بصفته (مقاومة جنوبية)، كما يقول.
حادثة المطار في بُعدها الداخلي ومن خلال تلك المواقف تؤكد أن الفار هادي مرفوضٌ من الجنوبيين، فيما يقدمه العدوان ممثلًا لـ”الشرعية” وكذلك يجد حزب الإصلاح والفار علي محسن أنفسهم مرفوضين هناك رغم أن الفار الأحمر يقدمه العدوان “نائب رئيس” وحزب الإصلاح أَكْبَر مكون في معسكر العدوان.
تلك الخلافات الدموية رسّخت الانقسام القائم أصلًا، كما أنها كشفت أن معسكر العدوان لا يجمع مكوناته سوى قوى الاحتلال ولا تجمعها مع بعضها أيَّة عواملَ مشتركة.
والحقيقة أن تحالف العدوان والاحتلال يعيد استخدام أسلوب الاحتلال البريطاني الذي قام على أساس “فرّق تسُد”، حيث كان السلاطين في الجنوب يتناحرون؛ بسبب قضايا اختلقها المحتل في ذلك الحين ليجعل من عملائه جماعاتٍ متفرقةً غيرَ قادرة على تبني موقف واحد يجعلها في يوم من الأَيَّـام في مواجهته، وهو ما يتكرر بالفعل اليوم في عدن وباقي محافظات الجنوب، إذ أن الانقسام القائم هناك ليس انقسامًا خارج سيطرة الاحتلال، بل على العكس فما يحدث هناك هو خلافات تحت السيطرة؛ لأن من اقتتلوا في عدن عادوا للاحتكام لقوى العدوان.
انطلاقًا من ذلك كان رفضُ الفصيل الجنوبي تسليمَ مطار عدن وفقًا لأوامرَ إمَارَاتية، فيما كانت محاولات الفار هادي فرض سيطرته على المطار بالقوة وفقًا لأوامر سعودية، ورغم تعرض مرتزقة الفار هادي لقصف طيران الإمَارَات، إلا أن الخلافَ ظل محصورًا بين المرتزقة ولم ينتقل لخلاف مع أية دولة من دول الاحتلال والعدوان.
ومع أوّل محاولة للفار هادي لفرض سلطته على مطار عدن، كشف المقرّبون من أنظمة الاحتلال عن نظرتهم الحقيقية لعُملائهم، فكان الأكاديمي الإمَارَاتي خالد القاسمي، الذي يوصف بقُربه من القيادة الإمَارَات، ممَّن تولوا الكشفَ عن النظرة الدونية التي يرى الغزاة بها عملاءهم.
تعليقًا على محاولة الفار هادي السيطرة على مطار عدن كتب القاسمي سلسلةَ تغريدات بموقع التواصل الاجْتمَاعي تويتر حملت الكثيرَ من الاهانات والتحقير للمرتزقة على رأسهم الفار هادي.
وكتب القاسمي في أوّل تغريدة يقول فيها: “نحن حررنا لكم الجنوب، كنت أشاهد دباباتنا ومدرعاتنا في خور مكسر لا يعيقُها أي تقدم، وفي الأخير جاء مَن استلمها (هادي) على طبق من ذهب ويريد طردنا من عدن”.
كما وجّه كلمةً لعُملاء الاحتلال في عدن يذكّرهم بأفضال الاحتلال عندما قال “لولا الإمَارَات لعملوا لكم الإرهابيين ومَن ناصرهم من دعاة الشرعية مشانق في شوارع عدن”.
التحريرُ الذي تحدث عنه القاسمي هو في حقيقة الأمر استعبادٌ، وحماية “الشرعية” ما هي إلا ذريعة للاحتلال، فهو يتحدث عن ذلك صراحةً بقوله في تغريدة ثالثة: “ستظل القوات الأمنية في مطار عدن كما كانت وستظلُّ طائراتنا تحومُ فوق رؤوسكم ورؤوس المجموعات الإرهابية التي جلبتوها”، وكان يقصدُ بذلك الفار هادي الذي حاول تغييرَ أمن المطار.
وعلى الرغم من حجم الإهانات التي كالها القاسمي للمرتزقة إلا أنه في ذات الوقت يؤكّدُ من حيث لا يدري أن قوى العدوان أوصلت تنظيمَ القاعدة الإجْــرَامي لمستوى كبير من التغلغُل والتوسع عندما قال في تغريدة رابعة “لا تخلونا نكشف الفضائح، فكل حماية الرئيس وقصر المعاشيق من تنظيم القاعدة في أبين”.
أمَّا خالد بحاح الذي كان معيَّنًا من قِبل العدوان رئيسًا لحكومَة المرتزقة ونائبًا للفار هادي قبل أن يطيحَ الأخيرُ به، فتناسى أنه كان من أَدَوَات العدوان التنفيذيين وحافظ على موقفه المؤيد للعدوان وعاد ليؤكد أن ما حدث في عدن هو نتيجة طبيعية لمشروع غير وطني.
وكتب بحاح معلقًا على أحداث عدن قائلًا: “البناءُ اللا مؤسسي وغير الوطني من الطبيعي أن يتصارِعَ مع ذاته، والمناطقية والفساد والتطرف مفاهيمُ قاصرةٌ تناقض مفاهيمَ التعايش المدني”.
في نهاية المطاف تكشف الأحداثُ نوعَ العلاقة بين المرتزقة ببعضهم وبينهم وبين قوى الاحتلال وتتكشَّفُ نظرةُ المحتلين الدونية لمرتزقتهم، غيرَ أن هذا لن يغيّرَ في واقعهم جميعًا، لكنه يضع الشعبَ اليمني أَمَـام صورةٍ أوضَحَ لمشروع العدوان والاحتلال.
تقرير/ إبراهيم السراجي
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز
