موكب إباء
يلهج لسانها بذكره كل حين، تغدق عليه بالدعاء من قلب متلهف و مهجة ملتاعة، يسرق طرفاها النظر إلى الباب كلما مرت أمامه علها تجده واقفا فييمم خطوه صوبها، يقبل يديها و يستزيد من عبق يمنها و بركاتها فتخمد نيران قلقها و تتهلل أساريرها و تنتظم دقات قلبها من جديد……
طال انتظارها هذه المرة… تعرف يقينا أنها الحافز و الدافع له ليمض في طريق اختاره و لا يبغ عنه حولا، حيث يلذ له العيش و يطيب له المقام.
هناك حيث يتوسد الثرى و يلتحف السماء يتقاسم مع رفقائه ما قد يصل إليهم من مأكل يسدون به رمقهم، يقضون الأيام لا يأبهون بحر الرمضاء أو بزمهرير الليالي لا يثني عزمهم قلة عتاد أو عدة، فقضيتهم أسمى و هدفهم أعلى و غايتهم أعظم، لهم أرواح كالشموس يقينا، كالجبال شموخا، كالضراغم بأسا و شدة.
تمر الأيام يكويها السهاد، ينهش روحها التوجس، تتجرع مرارة الانتظار….
ها هي تنظر إلى الباب مجددا…. أخيرا أتى…
نعم لقد أتى…
أتى ابنها الوحيد الغالي قدم من جبهات العز و الحرية و الكرامة،
نعم لقد أتى….
أتى مسجا يكتنفه البياض، في لحظة أحست أن الكون قد تبعثر، أن الحياة طويت بما فيها و من عليها، شعرت بنور روحها يخبو، كان الشمس لدنيتها، من كان سببا لتعيش… ها هو ذا أمام ناظريها كالملاك تعلو محياه ابتسامة رضا و طمأنينة…. رغم عظم مصابها، و ما نالها من جزع و كرب شديدين، انحدرت الدموع من مقلتيها في صمت، و علت وجهها ابتسامة ثبات و صبر و رضا، سألت المولى القدير أن يتقبل ابنها من باع نفسه لله دفاعا عن كرامة و حرية و استقلال و عزة وطنه.
جهز موكب الشهيد، كحلت عينيها بنظراتها الأخيرة لوجه طالما كان ينير وجودها، قلدته عقدا من الفل و أطلقت الزغاريد التي دوى صداها المدى.
زينب الشهاري
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز
#جرائم_داعش_في_تعز