ترامب مسار ثورة ام دراما مرسومة وماذا بعد ؟
وضع امريكا الذي تمر فيه وسقف خياراتها في عهد اوباما لن يتغير في عهد اي رئيس مجنون او عاقل، وما خطاب ترامب خلال مراسم تنصيبه رئيسا لامريكا حول فشل الاداره السابقه للملفات الخارجيه وخاصه الشرق اوسطيه الا اقرار رسمي بهزيمة امريكا وسقوط منظومة النفوذ والتأمر وفشلها في تحقيق الاطماع الامريكيه في المنطقة بالتزامن مع ذلك الاقرار اعلان ترامب عن ملامح الاستراتيجية التأمرية الجديدة لتحقيق ما عجز عنه سلفه في المنطقة العربية عنوانها الحرب ضد الاسلام الارهابي الى جانب ترميم النفوذ المتهالك في الساحه العالمية .
وكل هذه المشاهد الدرامية ليست الا محاولة لسد الهوه بين الواقع والطموح الامريكي للهروب من استحقاقات انقلاب المعادلة العالمية لصالح خصوم امريكا والاعتراف بسقوط النظام العالمي القديم وتشكل نظام عالمي جديد على الاقل هكذا يرى من يقاوم الاطماع والمؤامرات الامريكية .
كيف ذلك؟
المتابع للانتخابات الامريكية الاخيرة يجد انها اشبه بفلم درامي لو تم انتاجه في هوليود لكان عنوانه امريكا ترامب الرعب المنتظر .. تدور احداثه حول رجل تحالف معه القدر فانتصر بمفرده على الدولة العميقة في امريكا بمؤسساتها العريقة و تحالفها الكوني ضده..
رجل قدم نفسه كثائر صارم وقدمه الاعلام الامريكي في مسار ترسيخ فكرة ترامب المرعب بان هذا الرئيس المعجزة مجنون وعنيف وعدواني و ثور هايج ووحش كاسر على الصديق والخصم ولا يفكر الا بالاله الحاسبة .
ثم ياتي مشهد درامي اخر بعد فوزه امريكا ترسل قادتها الى بعض الدول الصديقة والحليفة لها في زيارات رسمية مهمتها ارسال تطمينات حول ترامب المرعب..ولسان الحال طبيعي ان تقلقوا وتخافوا من امريكا ترامب ولكن اطمئنوا نحن معاكم شريطة ان لا تستفزوه و ان لا تخالفوا اوامره عدا ذلك نحن غير مسؤلين ..
وحتى تتضح الصورة عن الانتخابات الامريكية وفوز ترامب فان من فرضه مرشح للحزب الجمهوري بالتزكية دون انتخابات بعدما تنازل منافسه ودفعت رئيسة الحزب الثمن بتقديم استقالتها هي تلك الايدي الخفيه التيي افشلت حملت هيلاري كلنتون قبل يوم من الانتخابات بفتح قضية الاختراق الالكتروني ليلة الاقتراع ورغم فوزها بثلاثة مليون صوت الا ان تلك الايدي الخفية من وضفت نفوذها على مندوبي الكلية الانتخابية وحسمت الامر لصالح ترامب… و هي ذاتها الايدي الخفية التي وزعت الادوار فجعلت الاعلام المسيطر عليه من قبل اليهود ضد ترامب وثمانين في المية من اصواتهم معه .. وهي اللوبيات اليهودية صاحبة النفوذ الاكبر في المؤسسات الحاكمة في امريكا واكثر المستفيدين من وعود ترامب وتعهداته بنقل سفارة امريكا الى القدس.. وما قاله ترامب في خطابه عن فساد تلك اللوبيات لم يكن كشفا لمستور وتعهده بمحاربتها قد ياتي في اطار حشد التعاطف الشعبي حوله لدعم سياساته الجديدة وخاصة الخارجية التي سوف تكون محور استراتيجيته المرسومه من تلك اللوبيات.
ولكن ماذا بعد :
من المتوقع قبل ان تمضي امريكا ترامب في المخططات الاستكبارية الجديدة و تصفية الحسابات في ملفات النفوذ مع محور روسيا وحلفاءها الى جانب تنظيف مخلفات فشل المخططات السابقة يتبقى مشهد اخير من اجل تثبيت صورة امريكا ترامب الرعب المنتظر وترميم منظومة النفوذ والسيطرة على الحلفاء .. وذلك بتوجيه ضربه عسكريه امريكيه ضد دولة شرق اوسطية حليفه لها انتهى دورها و تقاطعت مصالح ومخاوف امريكا وحلفاءها وخصومها على ضرورة التخلص من نظام الحكم فيها اما يكون ذلك النظام الناشز عن المسار الغربي و تضخم وحش التطرف .
عملا بنظرية عنتر بن شداد لارهاب الخصوم بقوله” كنت اقوم بضرب الضعيف ضربا حتى ينخلع منه قلب اقوى الرجال “.
ولمعرفة اسس هذه القراءة التحليلية لابد من التعريج على فترة اوباما فبرغم نجاحه في ايقاف مسار انهيار نفوذ وهيمنة امريكا وارهاق محور المقاومة في مرحلة ماقبل الصمود والانتصارات اليمنية الا انه اي الامريكي في المقابل استنزف هيبة بلاده في وعي شعوب العالم عبر محطات عديدة خاصة عندما كان يقرر ويتوعد بضربات عسكريه ضد سوريا وكوريا لاكثر من مره وامام ساعة الصفر يتراجع امريكا بشكل مخزي ومذل.و شعوب العالم ترقب الوعيد الامريكي المتحقق قطعا كونها كانت القوه التي لا تقهر ولا تتقهقر ..
وهذا قدم امريكا لحلفائها قبل خصومها بصوره دولة ضعيفة و عاجزه .. الى جانب انتصارات الثوره الشعبية في اليمن وصمود الشعب اليمني امام العدوان الامريكي واطماعه الذي مكن من دحر منظومة الارهاب والتفتيت وكبح جماح النفوذ الامريكي وادواتها الاقليميه في سوريا والعراق وانقلاب خارطة التحالفات لصالح محور المقاومه و روسيا كما هو في الحاله التركيه والمصريه والاهم من ذلك انها اسقطت الجبروت والهيبة الامريكية في الوعي العام .
كل ذلك ادى الى تصدع منظومة السيطرة الامريكية على ايقاع حلفاها و انحسار النفوذ الغربي والفشل والهزيمة في كثير من ملفات لصالح المحور الاخر وبالتالي تحطمت الاطماع الاستكبارية الغربية وهذا ما اكدته تقارير نخبوية صدرت من معهد واشنطن للدراسات ومنها تقرير صدر في نوفمبر 2015 بعنوان “تسريع الحملة: كيفية البناء على التقدم المُحرز وتجنب أي جمود في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
وعليه جاءت هذا الدراما لخلق هالة حول امريكا ترامب سماتها الرعب والجنون لعل وعسى..ومن الحتمي سقوط هذه الهالة والانحدار السريع نحو الانهيار في اول صدمة عرض جدار الحقيقة وقواعد الواقع.
بقلم حُميد منصور القطواني