اليمن إلى أين .. مع الإدارة الأمريكية الجديدة وإلى أين تسير تحركات الحلف المشؤوم ؟! – قراءة شاملة
ها هو العالم يطوي حقبة الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” والتي أشعلت المنطقة بحروب الجيل الرابع بالربيع العربي الدموي والدعشنة والتي أسقطت أنظمة وأدخلت الدول في فراغ سياسي أنتج وضع إقتصادي وامني وانساني يُرثى له الحال، ليتيح الطريق أمام مفجر العنصرية العالمية دونالد ترامب، والذي سيمتلئ العالم في عهده بالعنصرية اليمينية المتطرفة لهدف إستراتيجي هو “تهجير يهود العالم إلى الأرض المقدسة”، واليمين المتطرف يؤمن بعودة المسيح إلى الأرض المقدسة، وعلى أمريكا أن تجعل إسرائيل جنة كي تستقبل المسيح، والسبيل لذلك هو نشر العنصرية في العالم، ولنا في ذلك حديث وأحاديث، وعموماً فإن بالرغم من إنجاز فترة أوباما الملف النووي الإيراني والذي يُرى منه إنكماش الأمريكي أو التسليم بالقوة الصاعدة في المنطقة، وظهور ترامب بشعار الإنكماش “أمريكا أولاً”، إلا أن حلفاء الأمريكي مستميتين بالمضي بعيداً عن الإنكماش الأمريكي، في مخطط ما زال يلقى الدعم العسكري والسياسي بشكل أو بآخر، ويريد الإعتماد على نفسه بما يتيح له البقاء أشهر عدة أو أكثر في المعارك، وبالرغم من حضور روسي قوي وانتصارات سورية قصمت ظهر المشروع الأمريكي في سوريا وحتى العراق، إلا أن الغطاء السياسي والعسكري ظل متواجداً، لتبقى دول الممانعة مشغولة عن اسرائيل، كل ذلك ألقى ويلقي وسيلقي بظلاله على الملف اليمني، وربما بشكل مضاعف كون اليمن حديقة خلفية للسعودية، وكون السعودية تخسر في العراق وسوريا ومع ذلك لا تبدي أي تنازلات، الأمر الذي أشارت إليه العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، بأن السعودية تخوض “معركة كفاح” لفرض إرادتها في اليمن، وسنحاول هنا تجميع بعض النقاط ووصلها ببعضها لتكوين صورة تعامل إدارة دونالد ترامب مع الملف اليمني، وكيف تحاول السعودية الاعتماد على نفسها، لأن اليمينية العنصرية ستطالها وبقوة، وإلى التفاصيل نبحر .
تتحدث وسائل إعلام التحالف السعودي بشكل كبير عن تحركات “ولد الشيخ” والرباعية وتعديل الخارطة كما لو أن الحل أصبح قاب قوسين أو أدنى، وهو بخلاف ما يحدث على الملفين السياسي والعسكري، فسياسياً منذ أكثر من شهر يخوض ولد الشيخ معركة زيارات لتغطية وشرعنة التصعيد العسكري الكبير والغير مسبوق في كافة الجبهات، وخلاصة ما هو مطروح كحل سياسي، كما أفاد ولد الشيخ، بأن المبادرة تتكون من شقين سياسي وعسكري، وينبغي تنازل من طرف هادي سياسياً، ومن طرف أنصار الله والمؤتمر عسكرياً، لكن ذلك يحتاج إلى لجان تنسيق وتدريب على وقف إطلاق النار ستكون في الأردن، والتمهيد فقط لوقف إطلاق النار ربما يستغرق أسابيع في ظل تعنت السعودية وهادي، وبخلاف وسائل إعلام تحالف العدوان يتم إعطاء حملتهم وتصعيدهم العسكري شرعنة أخرى بالترويج بأن أنصار الله والمؤتمر عرقلوا خطة السلام بعدم تسمية ممثليهم للجنة التهدئة والتنسيق . وبالرغم من تأكيد ولد الشيخ بأن كل الدول لا ترى مخرجاً للحل في اليمن سوى بتنازل هادي سياسياً وتسمية نائب توافقي تُنقل إليه كافة الصلاحيات، وتنازل أنصار الله والمؤتمر عسكرياً، إلا أن ذلك لم يعجب السعودية، وبالرغم من قول ولد الشيخ بأن السعودية ضغطت على هادي للقبول بالخطة الأممية للحل، وقول كيري بأن هادي أخطأ حين رفض مبادرته، إلا أنها تبقى تحركات أممية “شكلية” وفي الواقع “محلك سر” وللاستهلاك الإعلامي وكسب الوقت. ولإبقاء باب الحل وحفظ ماء الوجه مفتوحاً في حالة الفشل، كما قال ولد الشيخ بأن القرار 2216 لا يمكن تطبيقه حرفياً وأن لا حل عسكري إنما الحل سياسي .
وأصبح الخيار الفعلي هو الذهاب للتصعيد، والذي يُرى بأنه خيار ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” لتجنب تداعيات فشل السعودية في سوريا والعراق. لكن يراد له أن ينجح دون مفاعيل إثارة الغضب الدولي بنتائج كارثية سيدفعها ملايين اليمنيين إنسانياً إلى جانب الضحايا لا محالة. كل ذلك يأتي في وقت تنصيب رئيس “أمريكا أولاً” لذا تسعى السعودية إلى جمع “الدول السنية” في تحالف كبير إظهارا للقوة، وللحد من الاعتماد على الدعم العسكري الغربي. وفي الحقيقة لم تخفي مجلة “الفورين أفيرز” الأمريكية في مقابلة مع “محمد بن سلمان” مؤخراً بأن “الكيفية التي ستنهي بها المملكة حربها في اليمن دون تقديم الكثير من التنازلات في مواجهة غريمها اللدود إيران ستكون تحديا كبيرا أمام “محمد بن سلمان”، وأضافت قائلةً: “ورغم أن مهمة بن سلمان ليست مستحيلة إلا أنها تصعب بزيادة الضحايا المدنيين”، وهذا ما أشار له أيضاً الجنرال السعودي المتقاعد “أنور عشقي” بأن يد التحالف ما تزال “شبه مغلولة” وأن سبب تأخر الحسم ضغوطات من المنظمات الإنسانية، لأنه إذا حُسمت المعركة عسكرياً سيكون هناك الكثير من الضحايا، حد تعبيره . لكن التوصيف الأدق كان على لسان المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكي في إدارة ترامب “ريكس تيلرسون” والذي أعطى ضوءاً أخضراً للسعودية بمواصلة حملتها العسكرية وبقوة أكبر، وذلك عندما رأى بأن الحل لتقليل عدد الضحايا في اليمن هو توفير معلومات استخبارية أفضل للسعودية. بدلاً من الضغط في مسار الحل السياسي، وبالرغم من وصول قيادة جديدة للأمم المتحدة، وبالرغم من واجهة المبادرة لدول الـ 15 في الأمم المتحدة بأن لا حل في اليمن سوى سياسياً. إلا أن التصريح كان بمثابة تأكيد على إستمرار الحملة العسكرية وبدعم أمريكي أكبر، على الأقل حتى إختبار فاعلية الورقة الإقتصادية والتصعيد العسكري الكبير، وهذا لن يقل عن ثلاثة أشهر منذ بداية ولاية “دونالد ترامب” الجديدة، والمتوقع منها أن تدير ظهرها للمجازر وانتهاكات حقوق الإنسان وبحسب “ريكس تيلرسون” والذي ترأس فرع شركة “إكسون موبيل” النفطية باليمن سابقاً، فإنه يرى أيضاً بأن السعودية لا تنتهك حقوق الإنسان.
فبدأ تحشيد واسع على إمتداد الجغرافيا اليمنية من ميدي حتى باب المندب إلى شبوة ومأرب والجوف وصولاً إلى نهم، مترافقاً مع إجراءات وقائية على الحدود، كل ذلك يترافق مع غطاء جوي مكثف وحشود ومجاميع كبيرة. والأهم وبخلاف كل مرة، جرى إنزال قادة عسكريين إلى الجبهات وبشكل كبير وملحوظ، في صورة توحي للنوايا الجدية بإحداث خروقات عسكرية بأي طريقة، سيما مع ترافق ذلك مع حرب إقتصادية ضروس يعول عليها تحالف السعودية في خلخلة الجبهة الداخلية وإيصال أنصار الله والمؤتمر إلى قناعة بضرورة القبول بأي خطة سلام تريدها السعودية وهي الإستسلام والإذعان .
وعلى عكس نصيحة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بعدم نقل البنك المركزي اليمني، والضغوط الدولية بعدم الإقتراب من الساحل الغربي، تم نقل البنك المركزي إلى عدن، وتم تحريك جبهة الساحل الغربي وبصورة غير مسبوقة، كما لم يخفي التحالف نواياه بالاقتراب من المخاء والخوخة حتى ميناء الحديدة بهدف الإجهاز على القوى في الداخل وحسم المعركة عسكرياً، وكانت قد رأت الخبيرة في الشأن اليمني بمجموعة الأزمات الدولية “ابريل آلي” أن حكومة هادي اطلقت عمليتها العسكرية في باب المندب، بعد أن رأت أن لديها فرص أفضل على الساحل الغربي من تلك الفرص في الجبال حول صنعاء، وهذا بالفعل ما يراه التحالف وهادي بإعتبار الساحل الغربي متنفس للملايين من الشعب اليمني قد يجبر الطرف اليمني المقاوم على الاستسلام، مع إبقاء جبهة نهم مشتعلة ومفتوحة على كل الإحتمالات.
كما يترافق التصعيد العسكري مع تحركات إنسانية لتخفيف الحرج المتصاعد جراء تفاقم الأوضاع الإنسانية والتي أججها نقل البنك والحصار والمجازر اليومية، وعلى الرغم من تحركات مجلس العموم البريطاني وحديث الصحافة البريطانية على وجه الخصوص بشأن استخدام القنابل العنقودية، ومطالبة النائبة في الحزب الوطني الاسكتلندي “مارغريت فيرير” للحكومة البريطانية تنظيف الفوضى التي خلفتها وإظهار مستوى مناسب من المسؤولية، عن طريق الالتزام بتنظيف البلاد من الذخائر العنقودية. وبالرغم من تواتر إدانة المنظمات الدولية كـ “اليونيسيف” والـ”هيومين رايتس ووتش” للسعودية وتأكيد إستخدامها لأسلحة محرمة دولياً، إلا أن المعلومات تشير بأن السعودية زادت من إستخدامها في الآونة الأخيرة لتلك القنابل، كما أثمرت تلك الإدانات تصريح ناطق التحالف “أحمد العسيري” بأن السعودية والتحالف ليسوا منظمين للإتفاقية التي تحظر إستخدام هذا السلاح .
ولتفادي الحرج من المجازر والوضع الإنساني المتفاقم، يستميت جانب هادي وحكومته ومن ورائهم الماكينة الإعلامية السعودية مدعومة بالغربية بالعزف على وتر التدخل الإيراني ونفوذه في المنطقة وقيامه بتهريب السلاح للداخل اليمني، ولعل أبرزه ما صدر من البحرية الإسترالية، فبراير الماضي، وادعائها بضبط شحنة أسلحة قبالة السواحل اليمنية تحمل مضادات للدروع يرجح أنها من صنع إيراني، حيث يتم الآن إعادة الاستفادة من هذه الأخبار وإستهلاكها بشكل مكثف كما لو أنها حدثت اليوم، تحركات متوازية مع ما أدلى به مندوب اليمن في الأمم المتحدة “خالد اليماني” عزم حكومة هادي، تقديم ملف تدخل إيران في الشأن اليمني إلى الأمم المتحدة، مضافاً على ذلك ما ناقشه مجلس الأمن في 18 من يناير الحالي حول إتهام فرنسي لإيران بأن شحنة من السلاح ضُبطت في شمال المحيط الهندي في مارس آذار كانت من إيران ومن المحتمل أنها كانت في طريقها إلى الصومال أو اليمن، الأمر الذي قد يتحول إلى مشروع قرار آخر يُشرعن إستمرار السعودية في الحصار بذريعة مكافحة التهريب، وإذا لم يكن، فتحقيق التذكير بالوتر الحساس لأمريكا وهو زيادة توسع إيران في المنطقة، وهو ما يثير حنق “دونالد ترامب” ويدخله في حرج حقيقي ويجعله أكثر صرامة في الشأن اليمني، سيما مع تصريحاته بنسف الإتفاق النووي الإيراني، ما يثير قلق أوروبي ترجمته ممثلة الاتحاد الأوروبي العليا للأمن والسياسة الخارجية “فيديريكا موغيريني” في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي سيلتزم بالاتفاق النووي، محذرةً من أن الولايات المتحدة قد ينتهي بها الحال إلى العزلة بشأن قضايا مثل إيران إذا حاولت رسم سياستها الخارجية وحدها.
وأكثر من ذلك، تشرع حكومة هادي بإغراء الإدارة الأمريكية الجديدة، بتسهيلات الاستثمار في القطاعات النفطية اليمنية، سيما مع مشاركة كبار رجال الأعمال الأمريكيين في إدارة ترامب القادمة، ويشير موقع أويل برايس (أسعار النفط) البريطاني بظهور “مؤشرات إيجابية” مؤخراً تشير إلى أن شركات النفط العالمية قد تستأنف الأنشطة والاستثمارات في اليمن، وذلك وفقاً لما كشفه وزير النفط والمعادن في حكومة هادي عن احتياطيات جديدة من النفط الغير تقليدي لشركة صافر في مأرب تفوق ما تم إنتاجه خلال 30 سنة الماضية، مشيراً بوجوب البحث عن شركاء استراتيجيين، وقال بأن هذه الاحتياطيات ستكون عامل محفز لكبرى الشركات العالمية للاستثمار في اليمن، مشفوعة بترتيبات حكومة هادي لإستئناف اعادة تصدير النفط من قطاعات “صافر، وجنة هنت، والعقلة، وبترومسيلة” في مأرب وشبوة وحضرموت، داعين الشركات للإستثمار في قطاعي النفط والغاز، مؤكدين بأن وزارة النفط مستعدة لتقديم التسهيلات اللازمة، كما تستمر حملات الشيطنة والتشويه ضد أنصار الله، حملات تحمل طابع حقوقي وإنساني ليكون لها مفاعيل إنتهاكات حقوق الإنسان، على سبيل المثال خطف وقتل الصحفيين وتجنيد الأطفال ..وغيرها من الفبركات.
كل ذلك غطاء إنساني وسياسي وأممي واقتصادي واجتماعي، نصفه بـ “التكتيكي” لشرعنة أكبر تصعيد يتم تحضيره بدقة وعناية فائقة، لتأسيس وإدامة عدوان لأطول مدى ممكن، وأكثر من ذلك، تمت صفقة أسلحة أمريكية تقدر بـ 40 مليار دولار لمصلحة دول الخليج خلال الشهرين الأخيرين، تنوعت بين دبابات وطائرات، الملفت في الأمر أن قطر نالت المركز الأول حيث وصلت قيمة الصفقات التي عقدتها إلى 21 مليار و881 مليون دولار، وذلك لحسابات إدراج الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية خلال عهد العنصرية اليمينية وأمريكا اولاً لدونالد ترامب، فيما حلت الكويت في المرتبة الثانية بشرائها أسلحة أمريكية بقيمة 11 مليار و837 مليون دولار. وبعيداً عن السلاح الأمريكي يتم التحضير لصفقة سفن حربية إسبانية للسعودية، ولإحاطة فإن الموازنة العسكرية للسعودية المعلنة لهذا العام “غير نهائية” بحيث ستتم الزيادة بنسبة 6.6% كما حدث في العام الماضي لتبلغ 191 مليار دولار، وهي الإحصاءات المعلنة فقط، كما لم يخفي وزير المالية السعودي بأن لا حدود للإنفاق في الدفاع عن حدود البلاد وإغاثة اليمنيين، مشدداً على أن المملكة ستدفع بكل قدراتها للدفاع عن ذلك، يضاف إلى ذلك فتوى “آل الشيخ” الجديدة بوجوب التصدي لما أسماه بكارثة تسلط إيران وميليشياتها في اليمن ومن شايعهم ومواجهتهم بكل الوسائل الممكنة، حد تعبيره.
وفي ظل كل المعطيات السابقة يجري الإعداد لدور “سوداني” محوري وأساسي على الساحل الغربي لليمن، سيما بعد تأزم العلاقة السعودية المصرية، بدايةً من موقف مصر تجاه سوريا، وتجاه قطر وإصدارها بياناً حاداً يتهم قطر فيه بضلوعها في تفجير الكنيسة البطرسية في مصر، ورفض دول مجلس التعاون الخليجي الزج بإسم قطر في تفجير الكنيسة، مروراً برد السعودية بزيارة لمستشار الملك سلمان لسد النهضة في أثيوبيا، وانتهاءاً برفض البرلمان المصري السماح بتمرير بيع صنافير وتيران للسعودية. وذهاب مصر لبدائل نفطية أخرى عن السعودية وهو ما أعلنه “حبيب الصدر” سفير العراق بالقاهرة ومندوبه الدائم لدى الجامعة العربية، بأن العراق سيزود مصر بمليون برميل نفط شهريا، بشروط مُيسرة في الدفع.
ويأتي الإعتماد على دور سوداني على الساحل لغربي بعد تدهور أو تجميد أو خمول العلاقة مع مصر، وهناك محاولة دفع سعودية لمواجهة سودانية مصرية، وعموماً فأن الدور السوداني يمكن ملاحظته من إصدار “باراك أوباما” مؤخراً أمراً قضى برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية المفروضة على السودان، والذي سوف يتم تأجيله لمدة 180 يوما لتشجيع السودان على الحفاظ على جهودها المبذولة بشأن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، هذا الإعفاء سعت وراءه السعودية، ووصل إلى أن يقوم الملك سلمان في إتصال هاتفي بتهنئة الرئيس السوداني، بقرار رفع بعض العقوبات الأميركية عن السودان. في المقابل شكرت السودان السعودية للجهود التي قامت بها لرفع العقوبات، وكنتيجة لذلك أُطلقت مناورات بحرية مشتركة بعنوان “فلك 2” بين القوات البحرية السعودية والسودانية على البحر الأحمر، كما لم يخفو بأن الهدف من التمرينات يأتي لهدف حماية الممرات الحيوية والمياه الاقليمية في البحر الاحمر، وتأمين سلامة الملاحة من القرصنة والتهريب وردع أي عدوان أو عمليات إرهابية محتملة قد تعيق الملاحة في مضيق باب المندب، وربما يجري الاعتماد على قوات سودانية في القاعدة السعودية الجديدة في جيبوتي والتي تتهيأ لإبرام اتفاق مع السعودية لبناء قاعدة عسكرية سعودية في القرن الإفريقي.
ومن الجدير ذكره هنا أيضاً فإن قائد الجيش الباكستاني الفريق أول “قمر جاويد باجوا” إلتقى مع الملك سلمان في زيارة رسمية إلى السعودية. وبحسب صحيفة “الديلي تايمز” فإن الزيارة تؤكد بأن باكستان تسلمت مهمة حماية الحرمين والسعودية رسمياً، والملفت للنظر هو حضور وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” والمستشار العسكري لوزير الدفاع اللواء ركن “أحمد عسيري”، والسفير الأمريكي لدى المملكة “جوزيف ويستفول” وعدد من المسؤولين في البلدين لهذه اللقاءات مع قائد الجيش الباكستاني في قصر اليمامة . وأخيراً أعلن وزير الدفاع الباكستاني، “خواجة عاصف” أنه تم تعيين القائد السابق للجيش الباكستاني، “راحيل شريف” قائدا لقوات “التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب”، مشيراً بأن “شريف” حصل على موافقة الحكومة والجيش في باكستان، للالتحاق بمقر قيادة التحالف في الرياض، والتي انضمت إليه سلطنة عُمان مؤخراً، وقد يكون تفعيل التحالف الإسلامي لحماية السعودية من إحتمالات ارتداد “تنظيم داعش” إليها بعد هزائم كبيرة يتكبدها التنظيم التكفيري في العراق، ويأتي بعد تراشق بين الرياض وبغداد على خلفية مناورات الحشد العراقي بالقرب من الحدود السعودية، الأمر الذي وصفته وسائل إعلام سعودية بـ “الإستفزاز الإيراني”. ولا ننسى بأن العنصرية اليمينية ستقوم بتحفيز الجماعات التكفيرية للقيام بعمليات دموية أكثر تشرعن العنصرية وتنشرها في العالم، ومن واجب السعودية الظهور بمظهر معادي للأعمال الإرهابية والإنخراط بمكافحتها.
والمحصلة للمعطيات السابقة، هي إحترازات وقائية على الحدود الشمالية والجنوبية للمملكة العربية السعودية، وإستعدادات وحشود عسكرية، وتحركات سياسية واقتصادية وتكتيكية وإنسانية ودينية، واحتواء شكلي لإدارة ترامب الجديدة، وخطوات مدروسة لإدامة عدوان وحصار شامل على اليمن، بحيث لا تمانعه إدارة “أمريكا أولاً” على الأقل في الأشهر الثلاثة القادمة وقد يطول أكثر، والتي لن يتغير فيها شيء، ولن يتم الذهاب إلى طاولة حوار جادة إلا في حالتين تحقيق التحالف السعودي خروقات ميدانية، أو كسر عظم يجبر التحالف السعودي على انعقاد المفاوضات.
هذا ما تشير إليه المعطيات والتحركات، ويبدو أن أمام سلطنة عمان دوراً هاماً في إرضاء “محمد بن سلمان” بحلول تنهي الحرب دون تقديم تنازلات لإيران، كما يُرى بضمان أمن المملكة وضمان إدامه حصار بحري بشرعية أممية بذريعة مكافحة التهريب، ومحاولة السعودية تعويض هزائمها في سوريا والعراق بالظهور كدولة “قائدة للسنة” في المنطقة، والحد من الاعتماد على الدعم العسكري الغربي، لكن الوصول إلى هذا سيستغرق المزيد من الوقت، حتى تنضج نيران التحضيرات الميدانية المشتعلة التي شرع التحالف بإضرامها في معظم أرجاء اليمن.
إذاً أمام الشعب اليمني والقيادة والقوى الوطنية معركة اشتباك مفتوحة مع حلف أمريكا واسرائيل ولأهداف صهيونية 100% ، وبالتأكيد هناك كلمة فصل طالما بقي من في الميدان من يعرف مفردات كيف ومتى وأين، ويكفي القول بأن الخيارات الإستراتيجية اليمنية صمدت بوضعية دفاع قرابة عامين، وهنا ينتهي القول المباح، لتصبح كلمة الفصل للأبطال في الميدان، والمفاجئات بقدر ومكانة شعب الأوس والخزرج في مواجهة مؤامرة القرن الواحد والعشرين وافشاله، وقادر يا كريم .
قراءة: جميل أنعم العبسي
#تعز_كلنا_الجيش_واللجان_الشعبية
#جرائم_داعش_في_تعز