هل يتنبَّه المجتمع الدولي لما يجري في اليمن؟
ما يجري حاليا في اليمن لم يعد حربًا عادية تشبه الحروب التي حصلت عبر التاريخ، أو تلك التي تدور حاليا في كثير من اصقاع العالم، كما ان ما يظهر عن أسباب الحرب على اليمن على ألسنة الإعلام المركّب (اقليمي- دولي كاذب)، يختلف تماما عن اسبابها الحقيقية، والتي تخفي وقائع واهدافًا كافية، لو قُدر للقانون الدولي ان يسود، او لشرعة حقوق الانسان ان تُطبق، لادان مجموعة كبيرة من الدول الاقليمية والغربية بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
اذا اعتبرنا ان الحرب على اليمن شُنت كما يدعي الاعلام السعودي ومن يدور في فلكه، على خلفية استعادة الشرعية لمؤسساتها، والتي خسرتها حسب هذا الاعلام، نتيجة عملية سطو مسلح نفذته مجموعات محدودة من المتمردين في لحظة خاطفة، فاين كان حراس هذه الشرعية حينها؟ هل كانوا نياما عندما دخل عليهم المتمردون، ام ما زالوا نياما حتى الساعة، ولماذا لا يبادرون لإزاحة المتمردين واستعادة المؤسسات التي هم مؤتمنون عليها؟
لماذا لا يستطيع اولئك الحراس الذين فروا خارج الاراضي اليمنية، ثم عادوا الى عدن على ظهر دبابات وبوارج التحالف العربي الدولي وتحت حماية قاذفاته وطوافاته، ان يحموا مراكزهم واماكن تجمعهم في تلك المدينة الساحلية من هجمات تنظيمي داعش والقاعدة؟ ام انهم لم يتنبهوا حتى الان ان هذين التنظيمين الارهابيين المتشددين يتفوقان عليهم باشواط، ليس فقط بالشراسة والتسليح، بل بالرعاية والاهتمام والثقة من قبل ذلك التحالف الغريب ، والذي خُلق ظاهريا لاعادة شرعيتهم الضائعة، في الوقت الذي كان ذلك عمليا آخر همومه واهدافه.
ألم يقتنع المجتمع الدولي حتى الان ان تلك المؤسسات التي صدر غير قرار دولي لاستعادتها هي الان في ايد امينة، بعد ان كانت في السابق غطاءً لهيمنة وتدخل المملكة العربية السعودية، وهي الان (هذه الشرعية) في احضان ورعاية الذين يملكون الحق والقوة، والذين يستندون الى الشرعية الشعبية الصحيحة لان يكونوا المؤهلين الصالحين القادرين لادارة وحماية تلك المؤسسات؟ وهل هذا المجتمع الدولي يفهم الشرعية بتلك التي يحاول فرضها من يملك الاموال ويشتري بها النفوس والاعلام والمؤسسات الدولية؟ ام انه يجب ان يفهم الشرعية بانها صورة حقيقية صادقة لمن يفديها بدماء شهدائه ويحميها بشرفه وبصموده وبـ”لحمه الحي”.
الا يوجد لدى هذا المجتمع الدولي او لدى مؤسساته المتعددة احدٌ لديه بعض الخبرة الميدانية او العسكرية، يستطيع من خلالها ان يشرح لقادة هذا المجتمع، ان هذه الروح القتالية التي تميز ابناء اليمن وتجعلهم، بتجهيزات بسيطة متواضعة، يواجهون وبنجاح اكثر الجيوش تجهيزا وتسليحا، لا يمكن ان يمتلكها متمردون او خارجون على الشرعية، بل هي ميزة أبناء الارض والقضية والحق وحماة الشرعية الحقيقيين؟ وتبقى خير شاهد على ذلك، المعارك الشرسة في مأرب والجوف ونهم لمحاولة الوصول الى صنعاء الحصينة، او في حرض وميدي بهدف الدخول الى الساحل الغربي حتى الحديدة، او في تعز ومديرياتها باتجاه باب المندب لمحاولة السيطرة على المضيق الاستراتيجي، والتي فشل في جميعها التحالف الواسع – الاقليمي الدولي الاسرائيلي – على الرغم من الحصار الخانق على كامل مدن ونواحي اليمن المحررة .
ماذا يبقى من دور لهذا المجتمع الدولي مع ما يجري حاليا في اليمن من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، تطال المدارس والمساجد ودور العزاء والمستشفيات ومخازن الادوية والحاجات الضرورية للحياة والبقاء، والتي تنفذها وحدات التحالف وعلى رأسها السعودية منها ، واين اصبحت الاهداف التي بُنيت مؤسساته على اساسها في ظل صمت المجتمع الدولي المعيب، والمنغمس في هذه الجرائم، عن تواطؤٍ او عن فشل واخفاق، وهذا غير مهم من حيث أن المسؤولية هي نفسها؟
واخيرا… هل بقي لهذا التجمع من الدول المتسلطة على الدول الفقيرة والضعيفة، والذي يلقب زورا وعدوانا بالمجتمع الدولي، ان يمارس مهماته على الساحة الدولية في حماية السلم العالمي او في تطبيق شعارات الشرعية الدولية والمعاهدات الاممية في حماية حقوق الانسان وتحقيق التواصل الآمن بين الدول والمجتمعات؟ ام ان عليه ان يستقيل من دور كاذب يمارسه في التعمية على جرائم دول تهيمن على قراراته بالمال او بالتسلط ، ويترك الساحة الدولية لمنظومة اخرى، منظومة تكون صادقة ومؤتمنة على العدالة وحقوق الانسان؟ وهل سنشهد في المستقبل اية امكانية لان تولد هذه المنظومة الصحيحة العادلة، ام ان قدر الشعوب سيبقى رهينة الظلم والمال والتسلط والغطرسة والكفر والاجرام؟