«القاعدة» يستغل أزمة النازحين للتسلل إلى إب
بعد تيقّن حزب «الإصلاح»، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، من فشله في مواجهة حركة «أنصار الله» و«المؤتمر» وتأليب السكان على الحركتين أو في تحريك خلاياه النائمة لتغيير الواقع وتحديداً في صنعاء، عمد «الإصلاح» إلى استغلال السماح للنازحين بدخول الشمال لتهريب تنظيم «القاعدة» عناصره إلى المدن الشمالية التي يريد احتلالها أو الاستيلاء عليها
إب | لا شيء يقف أمام انتشار تنظيم «القاعدة» في اليمن، ولا رادع أمام انتشاره في المحافظات الشمالية سوى الرادع القبلي وحركة «أنصار الله». وبعد إحكام التنظيم سيطرته في مدن الجنوب، ومع تعثر قوات «التحالف» الغازية في تحقيق انتصار فعلي في تعز ومأرب، الذي تسبب في تأجيل معركة صنعاء، ومع فشل حزب «الإصلاح» في تأليب سكان المدن الشمالية على «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام»، لجأ «الإصلاح» إلى الاستعانة بعناصر «القاعدة» لاختراق الساحة الشمالية عبر النازحين.
تعتبر محافظة إب المحافظة اليمنية الأولى التي تعاني من أعداد كبيرة للنازحين الذين استقبلتهم المدينة بشكل عشوائي منذ بداية العدوان من محافظات (أبين، لحج، الضالع، تعز، عدن، صنعاء، صعدة). وبلغ عدد المخيمات في مدينة إب (عاصمة المحافظة) تسعة مخيمات تركزت في مديرية المشنه والظهار، وفي مديرية جبلة مخيمان، وفي مديرية القاعدة، وهي مدينة محاذية لمحافظة تعز، فيبلغ عدد المخيمات فيها أكثر من عشرة مخيمات رئيسية وأربعة مخيمات ثانوية، وفي مديرية العدين هناك مخيمان.
ومع استمرار العدوان على اليمن وتوغل تنظيم «القاعدة» في اليمن أكثر فأكثر وتزايد أعداد النازحين إلى محافظة إب، بحكم قرب موقعها من مناطق الصراع بين قوات الجيش و«اللجان الشعبية» مع «القاعدة»، تعيش محافظة إب عموماً وعاصمتها مدينة إب على وجه الخصوص حالة من الازدحام في شوارعها وأسواقها ومدارسها ومراكز الخدمات، كمكاتب البريد وفروع البنوك ومحال الصرافة ومحطات الوقود والمراكز التجارية، وذلك بسبب موجات النزوح التي استقبلتها المحافظة خلال الفترة الماضية.
تلافت السلطة المحلية العشوائية في استقبال النازحين في وقت متأخر بسبب الأوضاع المأساوية وتخبّط صلاحيات السلطة المحلية مع سلطة «اللجنة الثورية العليا» الذين كانوا في صراع ميداني وقتال مستمر مع أعضاء تنظيم «القاعدة» الناشطين مع أعضاء حزب «الإصلاح» في المحافظة.
وبعد أن قدمت السلطة المحلية مقترحات قبلية، وبالتعاون مع مشايخ المناطق في المحافظة، نجحت السلطات المختصة في تجهيز مراكز إيواء للنازحين في المدارس والأماكن المفتوحة.
يقول رئيس «لجنة إيواء النازحين» في محافظة إب، الوكيل الأول للمحافظة، عقيل فاضل، إن عدد النازحين وصل إلى ما يقارب 40 ألف أسرة.
تقوم السلطة المحلية بالتعاون مع عدد من الجمعيات الخيرية بتموين النازحين ومساعدتهم والتكفل بالمواد الغذائية، إضافة إلى التعاون مع منظمة «اليونيسف» وعدد من الجمعيات الخيرية، بعيداً عن أي انتماءات سياسية وحزبية.
«الإصلاح» يستغل الوضع الإنساني
تشهد محافظة إب إهمالاً كبيراً من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية، وممنهج في كثير من الأحيان من قبل المشرفين التابعين لـ«أنصار الله»، بسبب انشغالهم الميداني في الحرب، تارة في المحافظة وتارة أخرى في محافظة تعز، ما مكّن الجمعيات الخيرية التابعة لـ«الإصلاح» من استخدام مراكز إيواء النازحين لإخفاء عناصر تنظيم «القاعدة» القادمين من المحافظات الجنوبية وتعز وزرعهم بين النازحين حتى يحين الزمان الذي يريده «الإصلاح» لتغيير الوضع في إب. تعتبر محافظة إب ثاني أكبر مخزون بشري من المحافظات اليمنية، انتشرت فيها جمعيات «البر والإحسان» التي تموّلها جمعية «الإصلاح الخيرية» وجمعيات «أميرات آل سعود» ومساجدهن الصغيرة التي سمحت بانتشار الحركة الوهابية بطريقة مستفزة وفاضحة. وعندما أقبل النازحون كانت هذه الجمعيات بعيدة عنهم تماماً، وترك الأمر على عاتق السلطة المحلية. ولكن مع اشتداد الحرب واستمرارها، لوحظ اهتمام هذه الجمعيات بمراكز إيواء النازحين بطريقة لافتة وبسخاء باذخ، وخاصة لتلك المجموعات القادمة من محافظة أبين وعدن والضالع وتعز، وهي محافظات أعلن «القاعدة» الاستيلاء عليها رسمياً، ما عدا محافظة الضالع.
وقالت ناشطة في «الهلال الأحمر اليمني» لـ«الأخبار» إنه على الرغم من وضع المحافظة المزري أصلاً ــ بحسب السكان ــ كونها ثاني أكبر محافظة من حيث عدد السكان، فإن المحافظة تسعى بكل جهودها لتأمين النازحين، مضيفةً أن «الإهمال الأمني لها بلغ ذروته، خصوصاً أثناء قيام حزب الإصلاح بفتح جبهات القتال في أكثر من منطقة في المحافظة وإهمال مركز المحافظة وتركه مرتعاً خصباً لجمعيات الإغاثة الإصلاحية التي تدعم بسخاء جهة إيواء عن جهة أخرى وأشخاصاً عن أشخاص لو التفتت الأجهزة الأمنية إليهم لوجدت أنهم مطلوبون أمنياً».
يتحدث أبناء إب الذين التقتهم «الأخبار» عن تخوّفهم من هذا الاهتمام الملحوظ من الجمعيات التابعة لـ«الإصلاح» بالنازحين، ويتحدثون بشيء من الثقة أن «القاعدة» يُعدّ للاستيلاء على المحافظة، وفي الوقت نفسه يعلنون سخطهم على تصرفات «اللجان الثورية» وتسلطها على السلطة المحلية، الذي كبّل أعمالها وأجهزتها وتجييرها لمصلحة التحرك الميداني فقط. هذا التخوف تلمسه في أحاديث الناس في سيارات الأجرة والأسواق. ما إن تتحدث إلى أحدهم عن النازحين، حتى يتبرع لك بكمية هائلة من المعلومات عن كميات الأسلحة في مراكز الإيواء والسبب في ذلك، ليبقى السؤال للجهات المختصة و«اللجان الثورية»: هل سينجح «القاعدة» في اختراق محافظة إب وتصدير رجاله من الجنوب إلى الشمال.