أيام المسلحين الأخيرة في حلب؟
غير أن ما يقلق القادة الميدانيين راهناً، هو كيفية التعامل مع حلب القديمة التي تختلف طبيعتها من حيث تراصّ عمرانها واكتظاظ سكانها عن غيرها من الأحياء. فإذا كانت معارك الأحياء الحديثة صعبة فإن هذه تبدو شديدة الصعوبة، حيث يُخشى أن تسبب المعارك تدمير الوسط القديم.
عشرة أحياء تتربع على أكثر من 20 كيلومتراً مربعاً استعاد الجيش السوري السيطرة عليها بعد ايام قليلة من إطلاق عمليته البرية نحو أحياء حلب الشرقية، وسط انهيار تام في صفوف الفصائل المسلحة.
العملية العسكرية التي ما زالت مستمرة “حتى إنهاء الوجود المسلح”، أثمرت حتى الآن عن السيطرة على الجزء الشمالي من الأحياء الشرقية، أي ما يعادل أكثر من 40 في المئة من مساحة تلك الأحياء والبالغة 45 كيلومتراً مربعاً.
ويمتد خط سيطرة الجيش السوري من مساكن هنانو وصولاً إلى حي سليمان الحلبي على الجانب الشمالي لطريق المطار، وصولاً إلى أحياء بستان الباشا والهلك وغيرها، التي شاركت الوحدات الكردية في استعادة السيطرة عليها.
وساهمت استعادة السيطرة على حي سليمان الحلبي بوصل القسم الشمالي من أحياء حلب الشرقية بمناطق سيطرة الحكومة في الجزء الغربي من المدينة، كما ساهمت باستعادة أحد اهم عقد الوصل بين أحياء المدينة ومحطة ضخ المياه الرئيسية فيها، التي كانت خاضعة لسيطرة المسلحين الذين استعملوها كوسيلة لإخضاع مدينة حلب خلال السنوات الأربع الماضية.
ويخطو الجيش السوري بهذه السيطرة خطوة كبيرة نحو إغلاق ملف تلك الأحياء، حيث يتمركز المسلحون في الوقت الحالي في الجزء الجنوبي لطريق المطار وصولاً إلى حلب القديمة. مصدر عسكري أكد خلال حديثه لجريدة “السفير” أن الخطوة التالية للجيش السوري ستكون حذرة لاعتبارات عديدة، منها ما يتعلق بطبيعة حلب القديمة كمنطقة أثرية، وأخرى ترتبط بالكثافة السكانية الكبيرة في تلك المناطق ذات الأبنية المتلاصقة، على عكس المنطقة التي سيطر عليها حتى الآن، التي تتباعد فيها الأبنية بعضها عن بعض، وتمتاز بطبيعة سهلية قليلة الكثافة.
برغم ذلك، يرى المصدر العسكري أن “أيام المسلحين في حلب باتت معدودة”، ويشرح: “المسلحون منهارون تماماً، هربوا من المواجهات بشكل لم نكن نتوقعه، هذا الانهيار سيساهم بتحقيق تقدم سريع آخر للجيش، وقد يرضخ المسلحون أخيراً لتوقيع اتفاقية تخرجهم من هذا المأزق، ليتم نقلهم إلى ريف إدلب مثلاً على غرار ما جرى في حمص وريف دمشق”.
الخطوة المقبلة للجيش السوري، وفق مصادر ميدانية، تهدف بالمقام الأول إلى تأمين طريق المطار عن طريق اقتحام أحياء الشعار وطريق الباب والميسر وصولاً إلى حي باب النيرب، الأمر الذي يؤمن إعادة تشغيل مطار حلب الدولي المتوقف عن العمل منذ أكثر من أربعة أعوام، بالإضافة إلى تضييق الخناق على المسلحين داخل وفي محيط أحياء حلب القديمة.
قوات الجيش السوري تستعد للانتقال إلى هذه المرحلة عبر فتح عدة معارك في وقت متزامن للإطباق على هذه الأحياء من ثلاثة محاور: شرقية، شمالية وغربية. كذلك يقوم الجيش السوري بزيادة الضغط على المسلحين المحاصرين عبر فتح معارك جانبية في أقصى جنوب حلب تهدف للضغط على المسلحين المتمركزين في تلك المنطقة نحو وسط حلب.
بالتوازي مع العمل العسكري، نشّط الجيش السوري العمل الإنساني بشكل كبير، حيث تم إخراج آلاف العائلات التي كانت تعيش تحت سيطرة المسلحين في ظل الحصار، بعدما منع المقاتلون الأهالي من الخروج خلال الهدن المتتالية وتعليق الأعمال القتالية خلال الشهرين الماضيين.
مصدر إغاثي أكد لـ”السفير” أن الجيش السوري والقوى الأمنية والمنظمات الاغاثية والانسانية مستنفرة بشكل كبير لنقل العائلات، حيث تم تجهيز عدة مراكز لاستقبالهم، أكبرها في قرية جبرين شرق حلب، مشيراً إلى أن “الحكومة السورية تولي اهتماما كبيراً بالعائلات على جميع الأصعدة”.
كذلك، ذكر مصدر أمني أن أكثر من 100 مسلح سلموا أنفسهم للجيش السوري في حيي الحيدرية والصاخور، كما تلقى الجيش السوري رسائل من مجموعات مسلحة متمركزة في حيي الشعار وطريق الباب يطالبون فيها بتسليم أنفسهم مقابل ضمانات.
فشل الفصائل المسلحة الكبير في كسر الحصار عن أحياء مدينة حلب الشرقية، ساهم بتسريع عمليات الانهيار في صفوف المسلحين، بالتزامن مع تكثيف ضربات الجيش السوري واستهدافاته لمراكز إدارة عمليات المسلحين ومخازن الاسلحة خلال الأسبوعين الماضيين، حيث أظهرت تسجيلات وزعها الاعلام الحربي نداءات استغاثة على مراصد المسلحين، وروايات لمسلحين يؤكدون أن قادة عدة فصائل تركوا مواقع القتال هربوا، وأن “الباصات الخضراء هي الحل الوحيد”، في إشارة إلى عمليات نقل المسلحين التي جرت في حمص وريف دمشق بعد تسليم المسلحين مناطقهم للجيش السوري.
* علاء حلبي/ السفير
#تعز
#جرائم_داعش_في_تعز