فرز ألوان الوجوه
العدوان على اليمن مثلما فرز المواقف الدولية وكشف حقيقة الأمم المتحدة ومنظماتها والنظام العالمي وأجنداته ومن يتحكم في قراره وكيف يتعاطى مع القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية في العالم، وماهي معايير ذلك التعاطي، فإنه أيضا فرز المواقف الداخلية وكشف أقنعة كثيرة كانت تخبئ ثعابين و ذئابا وجبناء وعملاء وخونة ومرتزقة وووو الخ.
أولئك الذين فضحهم العدوان وعرتهم أسطورة الصمود وأسقطتهم تضحيات الوطنيين، لا يمثلون في زخم جمهور الوطنيين من أبناء الشعب سوى شرذمة قليلة لا ترى في خانات النسبة المئوية، وبرغم أنهم كانوا أرقاماً كبيرة في مضمار ما قبل العدوان ويلعبون في قلب مضمار العمل السياسي والاقتصادي والعسكري والإنساني والإعلامي بفاعلية، إلا أنهم منذ بداية العدوان تواروا وسقطوا وانكشفوا وصار الشعب يعرف ويفهم جيدا أنهم كانوا يلعبون لصالح الخارج وينشطون في خدمته ليس أكثر.
عندما توجهت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية الأصيلة إلى الجنوب لتلاحق أوكار داعش والقاعدة وتسقط الأسطورة التي يحميها نظام هادي ومن ورائه أمريكا والسعودية، رأينا صراخا وعويلا من قبل البعض وتحذيرات من قبل البعض الآخر ورفضا وعدائية من قبل آخرين، لكن حين جاءت طائرات العدوان تدمر وتقتل في الجنوب بلا أخلاق ولا حدود صمتوا واختبأوا، وحين انسحب الجيش واللجان ودخلت قوات الاحتلال وأفرغ الجنوب من الجيش اليمني ومن الدولة برمتها احتفلوا واعتبروا ذلك انتصارا وبشروا باحتلال بقية اليمن، وحين سلم الاحتلال الجنوب لداعش والقاعدة والاغتيالات والضياع سكتوا واختبأوا مجددا.
يصرخون حين تتصرف الأجهزة الأمنية وتقبض على خلايا خطيرة أو حتى مشتبه بهم، فيما يصمتون ويختبئون حين تقصف الطائرات أسرا بكاملها وأعراسا ومآتم بكاملها ، يتحدثون بكل بجاحة أن الثورة والقوى الثورية بإسقاط الوصاية وحكم العملاء والخونة وفرض الاستقلال تسببت في دمار اليمن وحصاره وسقوط الدولة والمؤسسات وقطع أرزاق الناس، ولا يتحرجون حين يبررون تدخل الخارج بالحديد والنار وتدميره كل شيء لأجل يعيد وصايته ويحول دون استقلال اليمن ويصفون ذلك بأنه تصرف صائب ويفترض التسليم له، في حين أن أي طفل يمني يمكن أن يسأل : من الذي دمر اليمن من أسقط الوصاية وأراد فرض الاستقلال دون أن يمس اليمن ومصالح اليمنيين، أم من مارس فعل التدمير بشكل مباشر بالنار والحديد والحصار والتجويع لكي يعيد الوصاية ويحول دون الاستقلال ؟
البعض يسمي نفسه داعية سلام وهو يصفق حين يحقق العدوان أي إنجاز ، بينما يستاء ويمتعض حين يحقق الجيش واللجان الشعبية أي إنجاز ويعتبرها جرّاً لليمن إلى المجهول، والبعض يسمي نفسه مدافعا عن حقوق الإنسان ويمارس العويل والنواح حين يتم القبض على متهم بالتخابر مع العدوان، لكنه يرى أن القبض على طالب مسافر للدراسة في الخارج اختطافا من مطار سيئون أمرا لا يعنيه ولا يستحق العويل والنواح الذي يمارسه في صنعاء.
وهناك أنواع أخرى ممن كشفهم العدوان، تجدهم ينشطون فقط في مواسم وينامون في مواسم أخرى، مثلا وهم يستلمون رواتبهم من صنعاء لم يخطر ببالهم أن هناك حصارا وحربا ومؤامرات على الاقتصاد وعلى أرزاق الناس وأن هناك رجالا يسهرون ويتعبون لكي يوفروا لهم الرواتب ويؤمنوه شهريا، وحين نقل العدوان البنك المركزي إلى عدن وعجز بنك عدن عن صرف الراتب الذي كانت صنعاء تصرفه لهم شهريا خرج شاهرا لسانه ” كشبشب ” مطالبا سلطات صنعاء أن تصرف لهم رواتبهم ويحملونها مسؤولية عجز من نقل البنك إلى عدن عن ذلك.
وعلاوة على أولئك، هناك من ينام إلى الظهر ويخرج ليشتري القات واللحمة، ويقبع المدكى، ثم يتفرغ لانتقاد الجيش واللجان الشعبية، لماذا لم يزحفوا على المنطقة الفلانية ولماذا فقط يكسرون الزحف الفلاني ولا يشعلون الجبهة الفلانية، لماذا لا يحسمون الأمر هنا وما الذي يمنعهم من التقدم هناك …. الخ ، أو يقفز بعيدا ليعتبر أي تحركات سياسية ودبلوماسية وأي مفاوضات مع العدوان تفريطا وخيانة .. وهلم جرا .
هذه الشرذمة المكشوفة، تقف أمام شعب كامل يسطر أسطورة الصمود والتصدي والصبر والمواجهة والبذل والتضحية، لا يبحثون عن مصالح ولا ينتظرون شكرا ولا ذكرا، إنهم اليمنيون الشرفاء والوطنيون والمناضلون وأصحاب المسؤولية التاريخية العظيمة أمام الله والأجيال القادمة.
بقلم/ علي أحمد جاحز
#تعز
#جرائم_داعش_في_تعز