مجلة خليجية: أمراء وقيادات سعودية تخص صحف (إسرائيلية) بلقاءات خاصة.. فهل بدأ (التطبيع الإعلامي السعودي – الإسرائيلي)؟
في الوقت الذي تمتنع القيادات السعودية والشخصيات السياسية والدبلوماسية بالمملكة عن الحديث الإعلامي مع الصحف والمواقع السعودية التي تحمل طابعًا معارضًا، خوفًا من احتسابهم عليها، تنطلق ألسنتهم بالحديث والتصريحات وعقد اللقاءات مع القنوات والصحف الإسرائيلية، الأمر الذي يطلق الشكوك بشأن حقيقة “التطبيع الإعلامي” مع الكيان الصهيوني.
وأبرزت وسائل الإعلام الصهيونية في “مانشتاتها” مؤخرا تصريحات كبار المسؤولين السعوديين لها وفي عناوين مختلفة مثيرة للجدل، ومنها: “الأمير تركي الفيصل يجري لقاء علنياً نادراً مع صحيفة إسرائيلية”، “لواء سعودي متقاعد يحاور صحيفة إسرائيلية ويدعو لسلام وتطبيع”، “صحيفة معاريف تجري مقابلة مع وزير الخارجية عادل الجبير وتؤكد الدعم العسكري الإسرائيلي للعدوان السعودي على اليمن”، وغيرها من العناوين التي ركزت في كلماتها على أن اللقاء كان مع صحف إسرائيلية.
الجبير يصرح لصحيفة تتهم المملكة بتلقي دعم من إسرائيل
نقلت صحيفة “معاريف الإسرائيلية” عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، تصريحاته قبل يومين، التي خصها بها قائلا: “إن مبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة على الطاولة، ويجب على إسرائيل استغلال هذه الفرصة وتشجيعها ودعمها”، وهي الصحيفة ذاتها التي نشرت تقارير صحفية تتهم فيها المملكة بتلقي دعمًا عسكريًا من إسرائيل.
وأضاف الجبير، خلال لقاءه مع مندوب الصحيفة الإسرائيلية، أن بلاده قلقة جدا مما يحدث في اليمن وسوريا، لكنها تعطي أولوية لمعالجة تهديدات داعش أولا، مشيرًا إلى أن الوضع في اليمن وإرهاب داعش يمثلان رأس سلم الأولويات السعودية في الفترة الراهنة.
وقال مندوب الصحيفة بالرياض، جدعون كوتس، إن مصادر سعودية لم تنف ما صرح به وزير خارجية البحرين، بشأن نية دول الخليج شراء منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية عن طريق طرف ثالث لمواجهة التهديدات الإيرانية، ونقل “كوتس” عن المصادر السعودية قولها إن هناك توافق في المصالح بين السعودية وإسرائيل فيما يتعلق بمواجهة إيران.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها صحفي إسرائيلي الأراضي السعودية، حيث زارت مراسلة صحيفة “يديعونت أحرونوت” بواشنطن، أورلي أزولاي، السعودية عام 2000.
تركي الفيصل يخص صحيفة إسرائيلية بلقاء
لم يكن الجبير وحده هو من أجرى حوارًا مع صحيفة إسرائيلية، فقد خص الأمير السعودي تركي الفيصل آل سعود -رئيس جهاز المخابرات السعودية الأسبق – صحيفة “هارتس” الإسرائيلية بلقاء تليفزيوني أثناء وجوده الشهر الماضي في الأمم المتحدة، قائلا: “إن العرب في الماضي قالوا لا للسلام واليوم هذا ما تفعله إسرائيل”.
واعتبر الفيصل أنه لو كان رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو قائدا يمتاز ببعد نظر لشرع بمفاوضات على قاعدة المبادرة العربية وكسر الجمود الراهن، ويرى الفيصل أن مثل هذه المبادرة الإسرائيلية المرجوة كانت ستزيل الشكوك والشبهات في الجانب العربي حيال نوايا إسرائيل.
وقال الفيصل، الذي التقى عضو الكنيست رئيس حزب “هناك مستقبل “يئير لبيد في أروقة الأمم المتحدة أول من أمس أيضًا، إنه لا يمكن التعويل على نتنياهو بأن يتصرف هكذا، لكنه يبقى رئيس حكومة إسرائيل. وتابع في حديثه للصحيفة الإسرائيلية “لو اختار الإسرائيليون شخصا آخر لرئاسة حكومتهم مستعدا للتعمق والتفاوض لكانت هذه خطوة مباركة”.
وذكّر الفيصل الذي التقى قبل شهور علنيا في واشنطن مع رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق الجنرال عاموس يدلين، بأن العرب قالوا مرة لا للسلام لكن إسرائيل هي التي تفعل ذلك اليوم.
وعلى خلفية ما يشاع في إسرائيل حول تعاون سعودي إسرائيلي سري ضد المشروع النووي الإيراني، قال إن السعودية لن تتعاون مع إسرائيل بأي موضوع كان سرا أم علانية طالما أنها ترفض مبادرة السلام العربية.
تصريحات أنور عشقي تثير غضب النشطاء
وأثارت تصريحات الجنرال السعودي السابق أنور عشقي، لقناة “أي 24 نيوز” الإسرائيلية، جدلا واسعًا، حيث عرفته القناة على أنه أحد أقرب المستشارين للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ومدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية في جدة، والرجل الذي من خلاله تتم المحادثات بين السعودية وإسرائيل، مشيرة إلى أن حواره يمكن أن يغير مستقبل الشرق الأوسط، حيث نقلت عن “عشقي” قوله: “إن إيران صديق ونأمل صداقة مع إسرائيل!”.
وأثار هذا التصريح غضب نشطاء “تويتر”، مطالبين المملكة السعودية بإصدار بيان رسمي توضح فيه موقفها صراحة من إيران والكيان الصهيوني، حيث قال مذيع القناة العبرية: “إن أنور عشقي يجسد إستراتيجية جديدة من إستراتيجية السلام”، فيما جاء في الحوار مدح عشقي لنتنياهو، ومناداته بالسلام مع إسرائيل رغم اعتبارها (عدو)، ووصفه لإيران بالصديق.
وقال “عشقي”، بحسب الفيديو المتداول: “إن العرب كانوا يعتقدون أو كانوا يريدون طرد إسرائيل إلى خارج فلسطين، ولكن إسرائيل أصبحت كيانًا حقيقيًا وواقعيًا على الأرض، لهذا السبب السعودية ترغب أن تتعايش الدول العربية وإسرائيل معاً، والشعوب العربية لا تزال غير موافقة على التعايش مع إسرائيل”.
وحاول “عشقي” نفي هذه اللقاء، قائلا: إن مقابلته مع قناة إسرائيلية مجرد أكاذيب ادعتها وفبركتها المخابرات الإيرانية والسورية التابعة لنظام بشار الأسد، مشيرين إلى أن اللقاء كان مع قناة إسبانية والقناة الإسرائيلية، قامت فقط بالنقل منها، وذكر أنه لا يعمل مستشارًا للملك، وأن ما ذُكر عن ذلك عارٍ عن الصحة، بحسب سبق.
إلا أن تصريحاته لم تلقى قبولا لدى الرأي العام السعودي، حيث توالت ردود الفعل المتباينة بشأنها على موقع “تويتر” حيث اعتبر البعض تصريحاته خيانة، فيما اعتبرها آخرون “موائمات سياسية مطلوبة” تحقيقًا للسلام، بينما ركز البعض الآخر على الإشارة إلى أن اللغة الإنجليزية لديه ركيكة، وكيف له أن يكون في هذه المناصب التي ذكرته القناة في مقدمة التعريف به، فيما ذهب البعض الأخر للإشارة إلى أن “عشقي” لا يمثل إلا نفسه ولا يتحدث بلسان المملكة.
كاتب سعودي يدعو للتطبيع مع إسرائيل
وكان الكاتب السعودي “دحام العنزي” قد دعا للتطبيع مع (إسرائيل) بزعم مواجهة “المد الصفوي الإيراني”، حيث أكد عبر حسابه الشخصي على “تويتر”في يونيو الماضي، على رغبته في إقامة سفارة سعودية في تل أبيب، قائلا: “أرجو أن يكون الجنرال السعودي والمخطط الاستراتيجي الوطني أنور عشقي أول سفير للسعودية في إسرائيل، وأسعد أن أكون ثاني سفير في تل أبيب”.
وأعرب في الوقت ذاته عن رغبته في تعاون سعودي إسرائيلي لمواجهة إيران فقال “نرحب بسفارة إسرائيلية في الرياض بنفس موقع سفارة إيران ثم بعد أن تتعاون في حرب إيران وتدمير مفاعلها تلتزم بحدود 1967 وتنضم لدول الجامعة العربية”. وتابع: “أعتقد أن السعودية كقائد للأمتين العربية والإسلامية على عاتقها مسؤولية دعوة إسرائيل للرياض لتلتزم بحدود 67 ونتعاون لتحجيم خطر العدو الفارسي”.
وطالب “العنزي” دول الخليج بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وقطع العلاقات مع دول العدو الفارسي الإيراني، قائلا: “برأيي أن التعاون مع إسرائيل بإقامة علاقات طبيعية مع العالم العربي ضرورة ملحة حاليا للقضاء على الخطر الإيراني الذي بات يهدد العرب بشكل جدي”.
ووصف “العنزي” (إسرائيل) بالعدو العاقل حيث قال “إسرائيل تملك الأسلحة النووية ولم تستخدمها لأنها عدو عاقل ومجرمي ملالي الصفويين الفرس يصدرون ثورة فكر المظلومية لتفتيت العرب والمسلمين بكل حقد”، مشيرا إلى أن “إسرائيل خطر احتلال يزول مع الوقت وأزمة حدود لكن إيران خطر وجود وحقد صفوي مجوسي قاتل من أيام عمر بن الخطاب ولندع اللغة القومجية كشعارات فارغة”.
إسرائيل تزعم دعم غالبية السعوديين للتطبيع
وفي سياق متصل، كان معهد السیاسات والإستراتيجية التابع لمرکز هرتسیلیا الإسرائيلي، أجری استطلاعا للرأي عبر الهاتف داخل السعودیة حول القلق من تهدیدات إیران وداعش وإسرائيل.
ووفق الاستطلاع فإن 53% من السعودیین یرون فی إیران عدوهم الأساسي، فیما أعرب 22% من المشارکین في الاستطلاع أن عدوهم الأساس هو “داعش”، بینما قال 18% فقط من المشارکین فی الاستطلاع إن إسرائيل هي العدو.
وأظهر الاستطلاع أن معظم السعودیین یعتقدون أن دولتهم یجب أن تمتلك أسلحة نوویة إذا امتلكت إیران أسلحة کهذه، وأعرب 85% من المشارکین عن دعمهم لمبادرة التسویة العربیة. وعلى سؤال عما إذا كان علی السعودیة وإسرائیل توحید قواهما لمقاتلة إیران، أجاب 24% بنعم.
رغم كل هذا التقارب في وجهات النظر، يرى مراقبون إسرائيليون أن إسرائيل والسعودية تعيشان حالياً وضع “عدو عدوي صديقي” ليس إلا.
المصدر:مجلة شؤون خليجية