بريطانيا والإصرار على تبييض صفحة النظام البحريني
قبل ايام، وتحديدا في يوم الجمعة 11 تشرين الثاني /نوفمبر انهى ولي العهد البريطاني الامير تشارلز زيارة الى البحرين استغرقت ثلاثة أيام، جندت السلطات البحرينية كل امكانياتها من اجل تضخيم هذا “الحدث”، وكأنه “صك غفران” حصلت عليه من التاج البريطاني.
نشطاء بحرينيون واجانب ومنظمات دولية معنية بحقوق الانسان، حذرت الامير تشارلز من القيام بتلك الزيارة، لأنها تأتي في وقت اغلقت فيه السلطات البحرينية كل منافذ التعبير عن الرأي امام الشعب والمعارضة، وقمعت بالحديد والنار ثورة الشعب البحريني ضد الإستبداد والتمييز، ولأن النظام سيستغل الزيارة لصالحه للظهور بمظهر النظام المعترف به من قبل “ديمقراطيات” غربية وفي مقدمتها بريطانيا.
مجموعة من النشطاء في بريطانيا دعت ولي العهد البريطاني الى إلغاء الزيارة، في ضوء الوضع الحقوقي المتدهور في البحرين، ومحاكمة الناشط الحقوقي نبيل رجب الذي يواجه عقوبة السجن 15 عامًا، بسبب تغريدات، ونزع السلطات البحرينية الجنسيّة عن آية الله الشيخ عيسى قاسم، ومحاصرتها لبلدة الدراز، وتشديدها الحكم الصادر بحق الشيخ علي سلمان، وإجبارها الناشطة زينب الخواجة على العيش في المنفى.
صحيفة الإندبنديت البريطانيّة، نشرت مقالا قبل الزيارة، تحت عنوان «زيارة الأمير تشارلز للبحرين تدعم انتهاكات حقوق الإنسان”، ونقلت عن مدير معهد البحرين للديمقراطيّة وحقوق الإنسان السيد أحمد الوداعي قوله؛ أن زيارة الأمير تشارلز للبحرين سيستخدمها النظام ل«تبرئة» سجله في مجال الحريات المدنية، ويعطي «الضوء الأخضر» للسلطات البحرينية لمواصلة القمع وتبييض انتهاكات حقوق الإنسان.
ما توقعته المعارضة البحرينية والنشطاء الحقوقيون، بشأن “الضوء الأخضر” الذي ستعطيه الزيارة للسلطات البحرينية من اجل الإستمرار بسياسة القمع وانتهاك حقوق الإنسان، قد حصل، فقد ذكرت شبكة “أي بي سي” الأمريكية في تقرير لها يوم الأحد (13 تشرين الثاني /نوفمبر 2016) اي بعد يومين من الزيارة، ان السلطات البحرينية اعتقلت الناشط البحراني ابراهيم شريف واتهمته ب “التحريض على كراهية” النظام بعد تصريحات له لوكالة آسيو شيتدبرس بالتزامن مع زيارة الأمير تشارلز الى البحرين.
وكان إبراهيم شريف قال لوكالة اسوشييتد برس يوم الجمعة( اليوم الاخير من زيارة الامير تشارلز الى البحرين) انه يخشى من ان زيارة أمير ويلز الى البحرين تهدف الى “تبييض” الحملة الحكومية على الحريات.
شبكة “أي بي سي” الأمريكية، تطرقت ايضا في تقريرها السابق، الى ان السلطات البحرينية قمعت الحراك الجماهيري المطالب بالتغيير في البلاد بمساعدة سعودية إماراتية، بينما الحراك الجماهيري كان يهدف إلى المطالبة بمزيد من الحريات السياسية والمشاركة في ادارة البلاد.
كل هذه النداءات لم تجد اذنا صاغية لدى ولي العهد البريطاني، الذي عززت زيارته تجارة الأسلحة مع البحرين، ودعمت السلطات البحرينية في انتهاكاتها المستمرة بحق الشعب البحريني، فهو لم يطرح قضايا حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة مع ملك البحرين حمد بن عيسى خلال زيارته، كما طالبته بذلك، منظمة العفو الدولية، بل تصرف بالشكل الذي أكد فيه على وقوف بريطانيا إلى جانب النظام القمعي في البحرين متجاهلا كل التقارير التي تحدثت عن تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان فيها .
الكثير من المراقبين للمشهد البحريني اعتبروا زيارة ولي عهد بريطانيا الى البحرين، بأنها كانت جزءا من حفلة علاقات عامة يدفع لأجلها النظام البحريني ملايين الدولارات لتحسين صورته أمام العالم، ولم يكن فيها تشارلز إلا أداة من أدوات الحكومة البريطانية التي وقفت وراء الزيارة.
زيارة الأمير تشارلز للبحرين لم تكن بدون ثمن، فقد افتتح تشارلز خلال هذه الزيارة القاعدة العسكرية البحرية البريطانية التي بنيت على نفقة النظام البحريني!!، فقد بلغت كلفتها 40 مليون جنيه استرليني، دفعت البحرين أكثر من 30 مليون جنيه منها 75٪ من كلفة البناء الإجمالية، في حين اكتفت بريطانيا بحوالي 7.5 مليون جنيه استرليني فقط.
بدورنا نسأل الحكومة البريطانية والعائلة المالكة البريطانية: اذا كانت قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والكرامة الانسانية هي واحدة، واذا كنتم تدعون الدفاع عن هذه القيم في كل زمان ومكان، وتقيمون الدنيا لا تقعدوها عندما يعثر انسان ما بحجر في بلد يعارض سياساتكم ويقف في وجه اطماعكم، وتهددون بغزو هذا البلد وتشنون عليه حربا نفسية واعلامية ظالمة، وتفرضون عليه حظرا اقتصاديا وسياسيا شاملا، بينما في المقابل لا تلوذون فقط الى صمت المقابر، امام حكومات وانظمة عائلية وقبلية رجعية متخلفة مستبدة لا تقيم وزنا لا للإنسان ولا للإنسانية، تقمع شعوبا باكملها،، بل تدافعون عنها وتبيضون صفحتها، وتمدونها بكل أسباب القوة، لتواصل بطشها وإجرامها، كما هو الحال موقفكم الخزي من أسرة ال خليفة في البحرين؟، الا يؤكد كل ذلك انكم منافقون كذابون جشعون؟.
• شفقنا