نفاد الأدوية ينذر بكارثة إنسانية
كارثة إنسانية تنتظر المواطنين، في ظل استمرار العدوان، نتيجة إمعان السعودية في انتقامها من اليمن عبر منعها دخول الأدوية إلى البلاد، ما تسبب في نفاد الأدوية وارتفاع أسعارها
صنعاء | تسبّب الحصار الذي يفرضه «التحالف» على اليمن، منذ بدء العدوان، في نفاد عشرات الأصناف من الأدوية الحيوية من الأسواق، وتناقص المخزون الدوائي في المستشفيات العامة والخاصة، ما يتهدد حياة مئات الآلاف من المصابين بأمراض مزمنة وينذر بكارثة إنسانية.
فأصناف من الأدوية الخاصة بالأمراض الهضمية والجلدية والعصبية تلاشت من السوق، وبات الحصول عليها بأسعار تفوق قيمتها الشرائية الطبيعية بمثابة حلم للمرضى. كذلك فقدت الأدوية الخاصة بأمراض القلب والسكري والضغط والصرع والحالات النفسية والمضادات الحيوية وأدوية التجلط، بعد 200 يوم من الحصار.
الدواء بين النفاد والاستبدال
يؤكد الصيدلاني رمزي الفضلي أن ثلثي الدواء نفد من السوق، ويشير إلى أن الثلث الآخر استبدل بأدوية أقل جودة جراء الحصار. ويكشف الفضلي لـ«الأخبار» أن عدداً من الأصناف بات منعدماً تماماً ولا بديل له حتى أقل جودة، كالأنسولين الخاص بمرضى السكري البالغ عددهم في البلاد، وفق إحصائية صحية، مليون و200 ألف مصاب، إضافة إلى بعض مغذيات الأطفال التي انعدمت من السوق.
تشديد الحصار
أغلقت دولة العدوان كافة إمدادات الدواء لتوقف نشاط كافة الوكالات الدوائية في البلاد، ما اضطر بعض الوكلاء إلى االاستعانة بالوكالات السعودية لسدّ العجز في السوق اليمنية وتوفير الدواء في السوق بمختلف الطرق. إلا أن السعودية حظرت توريد أي أدوية إلى الداخل اليمني.
ويكشف الدكتور محمد الجراش أن السلطات السعودية صادرت كميات كبيرة من الأدوية في منفذ الوديعة البري، ومنعت إدخالها إلى الأراضي اليمنية.
وأشار الجراش إلى أن وكلاء بعض الأدوية نجحوا في الآونة الأخيرة في إدخال عدد من الأصناف إلى السوق عبر «منفذ شحن» البري الذي يربط اليمن بسلطنة عمان.
مصانع مغلقة
أزمة الدواء التي تعاني منها الأسواق اليمنية ناتجة من الاعتماد شبة الكلي على الاستيراد من مصادر خارجية، حيث بلغت نسبة الاستيراد 70%، بينما كانت الصناعات الدوائية المحلية تغطي 30%.
كذلك كان للحصار والعدوان تداعياته على الصناعات المحلية؛ فعدد من المصانع التابعة للقطاعين العام والخاص أغلق أبوابه، وأوقف خطوط إنتاجه بسبب العدوان وانعدام المشتقات النفطية.
ففي منطقة مذبح، شمال العاصمة صنعاء، يوجد مصنع «يدكوا» الحكومي، الذي كان يغطي احتياجات عدد من المستشفيات المركزية بأدوية مختلفة، إلا أنه توقف عن الإنتاج كلياً.
وعلى الرغم من استمرار عدد من المصانع التابعة للقطاع الخاص في الإنتاج، توقف البعض منها إجبارياً بسبب ارتفاع المخاطر وتضرر أخرى من الغارات، وخصوصاً الواقعة على مشارف صنعاء.
ارتفاع الأسعار
في ظل استمرار الحصار وتزايد المخاوف من انعدام الدواء والطلب على الأدوية في السوق، شهدت الأسعار ارتفاعاً تراوح بين 40% و150%.
فمثلاً دواء «الانيوفينت» كان يباع قبل العدوان بـ400 ريال (2 دولار) بلغ سعره حالياً 1200 ريال (6 دولارات)، إضافة إلى ارتفاع أسعار «الأنسولين» بنسبة 100%، وحتى على مستوى المهدئات العادية ارتفعت أسعارها بنسب ما بين 40 إلى 50%.
تحذيرات من كارثة إنسانية
ومع استمرار الحصار وتجاهل دول العدوان لكافة المطالب بعدم اعتراض إمددات الدواء، وجّهت وزارة الصحة اليمنية نداء استغاثة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، محذرة من وقوع كارثة إنسانية نتيجة انعدام وجود أدوية وعلاجات أمراض الكبد والضغط والسكري والمحاليل الطبية الخاصة بمرضى الفشل الكلوي، الامر الذي يعرض حياة عشرات الآلاف من المصابين للخطر.
وفي السياق نفسه، دعا اتحاد المستشفيات الخاصة في البلاد منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف العدوان وفك الحصار الجائر على اليمن والسماح بدخول الأدوية والمستلزمات العلاجية، محمّلاً المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن وقوع كارثة إنسانية في البلاد.