حكومة الإنقاذ.. بين المصلحة الوطنية العليا والمصالح الضيقة
أجمعت القوى الوطنية المناهضة للعدوان السعودي الأمريكي على أن إنهاء الفراغ السياسي المستمر في البلاد سيسهم بشكل أساسي في تقوية الجبهة الداخلية في مواجهة العدوان، وفق مبدأ الشراكة الذي تم تتويجه بتشكيل المجلس السياسي الأعلى الذي تزامن الإعلان عنه مع الاتفاق على تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وحظي ذلك بتأييد شعبي غير مسبوق تجلى في مسيرة السبعين المليونية بتاريخ 20 أغسطس الماضي وسبق ذلك خطوة دستورية تمثلت في حصول المجلس الأعلى على ثقة البرلمان.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها العدوان وضاعف منها في الفترة الأخيرة بمحاربة البنك المركزي، أصبحت الحاجة ملحة إلى تشكيل الحكومة التي كلف بها الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، بقرار من المجلس الأعلى الذي نال ثقة الشعب اليمني الذي يتطلع لملء الفراغ القائم في السلطة دون أي مبرر.
ورغم مرور نحو مائة يوم على تشكيل المجلس الأعلى وأكثر من شهر على تكليف بن حبتور إلا أن الحكومة لم ترَ النور لحد الآن، وبرغم أن الرئيس صالح الصماد قال في مقابلة تلفزيونية السبت الماضي أنه وبقدوم السبت القادم (اليوم) ستكون الحكومة قد تشكلت، وهو ما يؤكد أن هناك عراقيل توضع أمام تشكيلها.
وأمام تأخر تشكيل الحكومة، تساءل ناشطون في صفحاتهم الشخصية عن سبب ذلك التأخير، الذي لا يخدم الشعب اليمني ويعزز من صموده في وجه العدوان، حيث يقول الناشط والصحفي زكريا الشرعبي، أنه وإذا كانت قوى العدوان ومرتزقته أكثر المعارضين لتشكيل المجلس الأعلى وبالتالي تشكيل الحكومة، فإن تأخيرها لابد أنه يصب في خانة تخدم العدوان بطريقة غير مباشرة.
أما الصحفي إبراهيم السراجي فيقول إن الإرادة الشعبية والضرورة الوطنية تؤكد ان تشكيل الحكومة يجب أن يكون أمرا لا خلاف عليه خصوصا في هذه الظروف، غير أن هناك من يريد أن يربط مصير الحكومة بمصالح ضيقة وحصرها في إطار عائلي وجعلها فرصة لتقاسم المؤسسات وكأنها “حفلة توزيع غنائم” وليست حكومة ضرورية لخدمة الشعب وتعزيز صموده المطلوب في وجه العدوان ومعالجة ما يمكن معالجته في المجال الاقتصادي بما يعود على الشعب بالفائدة المرجوة في هذه الظروف.
لا يتعلق الأمر بتساؤلات النشطاء والإعلاميين في مواقع التواصل الاجتماعي فالحاجة إلى تشكيل الحكومة عبرت عنها الجماهير في 20 أغسطس الماضي التي احتشدت من كل محافظات الجمهورية إلى ميدان السبعين لتبارك تشكيل المجلس السياسي الأعلى وتهتف مطالبة بتشكيل الحكومة، وحملت القوى السياسية الوطنية المسؤولية التاريخية في هذا المرحلة الحساسة في اليمن، وتلك الجماهير المليونية أحق بتلبية مطالبها وسد حاجتها الضرورية في إعادة مؤسسات الدولة انطلاقا من الشراكة الوطنية وليس تلبية لرغبات أشخاص في استعادة ما كان قائما على مبدأ لا يتوافق مع مطالب الجماهير.
ضرورة سد الفراغ السياسي باعتباره أحد وسائل الصمود في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي لابد أن يتوافق مع مطالب الجماهير ويستجيب لنداءات الرجال في جبهات القتال داخل الوطن أو ما وراء الحدود والذين يؤكدون دائماً أن الوفاء لما يبذلونه في مواجهة قوى الغزو ومرتزقتها يجب أن يكون بتلبية المطالب الشعبية والإسراع في تشكيل الحكومة وتحمّل المسؤولية الوطنية والنأي بالنفس خصوصا في هذه المرحلة عن السعي وراء تأمين مكان أصحاب القرابات الأسرية أو المقربين في مفاصل الدولة في جوانبها المدنية والعسكرية، خصوصا أن الحاجة إلى سد الفراغ يعول عليها هو أن تؤدي واجبها المطلوب والصعب وفقا لكفاءتها وقدرتها على تأدية عملها وليس وفقا لأهواء شخصية تتعامل مع القضية وكأنها “شركة” وليس وطنا ومصيرا مشتركا يخص كل اليمنيين الذين يدفعون من حياتهم وأقواتهم ثمن رفضهم لإرادة القوى الخارجية لتركيعهم وبالتالي لا يمكن تطويعهم للقبول بما يريده البعض من استغلال لحاجتهم للحكومة المرتقبة في ابتزاز القوى السياسية الوطنية الأخرى لتحقيق رغبات سلطوية وعائلية.