حقيقة مفارقة زمنية ومكانية ( صنعاء و تعز )
ما سأورده ليس خيال ولكنها محض حقائق عشتها وشاهدتها
ففي منتصف التسعينات من القرن الماضي في تعز تحديدا اتذكر جيدا أن باصات نقل الركاب في الصباح و الظهيرة خاصة من كل يوم خلال العام الدراسي كانت تقوم بنقل الطلاب ولايأخذ سائقي الباصات منهم اي مقابل وكانت الاجرة حينها ضئيلة لاتتجاوز الخمسة ريالات و هذا مشهد يومي كنت اراه امامي ولم يكن يثير استغرابي حينها فتعز كانت عاصمة التعليم والقلم والتنور والثقافة ..
المفارقة هنا انني كنت افرح وافتخر بهذا المشهد في ذاك الوقت خاصة وانني ذات مرة واثناء زيارة عمل للعاصمة صنعاء وجدت مشهدا مغايرا بأن سائق باص قام بسب وشتم طفلين صغيرين يرتديان الزي المدرسي لانهما لم يحاسباه الاجرة كاملة …وقمت انا بتكملة الاجرة لهما وقلت لسائق الباص ان باصات تعز لا تأخذ اجرة من طلاب المدارس عند ركوبهم اثناء الذهاب صباحا والعودة ظهرا من والى المدارس..الغريب ان سائق الباص استغرب من كلامي ولم يصدق ما اقول ضنا منه اني اريد اتنصل من دفع بقية اجرة الصغيريين …
وليست هذه هي المفارقة الزمنية التي قصدتها …
فالمفارقة أنه ومنذ عشر سنوات تقريبا اختفت هذه الظاهرة في تعز وشاهدت مشهد مغايرا لما كنت اشاهده في منتصف التسعينات فقد رايت مشهد سائق الباص في صنعاء يتكرر في تعز مرارا وتكرارا ولم اجد اي حالة تعاطف مع الطلاب صغارا وكبارا انثا وذكورا من قبل سائقي الباصات في تعز منذ منتصف العقد الماضي … واستغربت التغير وضننت انها الحالة المعيشية وغلاء الوقود وقطع الغيار قد تكون سببا في ذلك …
ولكنني زرت صنعاء تحديدا في عام ٢٠٠٦م وشاهدت مشهد صادم ومغاير تماما حيث رائيت ما كان يحدث مع التلاميذ في تعز بمنتصف التسعينات وبشكل متكرر يحدث في صنعاء وتكاد تكون مدينة تعز وصنعاء قد تبادلتا الدور في الظاهرتان انفة الذكر وبشكل متعمد لمجرد مرور عشر سنوات لتبادل هذا الدور ….
هل كانت تعز في منتصف التسعينات تعيش أوج مجد الثقافة والعلم والاخلاق بينما صنعاء كانت تعيش حينها حياة الجهل والتخلف و التجلف …؟؟؟؟
وهل في منتصف العقد الاول من القرن العشرين وحتى الان تبادلتا كلا من صنعاء و تعز الادوار حيث تعيش صنعاء أوج مجد الثقافة والعلم والاخلاق … بينما تعز خلعت ذلك الثوب وأرتدت ثوب الجهل والتخلف والتجلف وماعادت الثقافه لديها سوى لقافة ..؟؟؟
أليست أعجب مفارقة زمنية ومكانية …!!!!
بقلم / مصطفى المغربي